توعية النواب أوّلاً
نُشر في جريدة «الأخبار» (27/1/2012) مقال تحت عنوان «جمعية كفى حشمة واحترام نوّاب التهيّج والانحراف» أورد فيه الكاتب شهادات صحافيات، من دون ذكر أسمائهن، تعرضن للتحرش الجنسي من قبل بعض النواب خلال تأديتهن عملهن. وبصرف النظر عن أسلوب مقاربة الموضوع التي شابها بعض من الابتذال، إلاّ أننا نضعه في إطار العلم والخبر للجهات المعنية القضائية والأمنية للمتابعة والتقصّي عن هذا الانتهاك الصارخ لحقوق العاملات الصحافيات.
ونحثّ نقابة الصحافيين، الموكلة أساساً بالدفاع عن حقوق العاملين والعاملات في هذا المجال، على التحرك السريع للتحقق من الموضوع وحماية الصحافيات، خصوصاً من التحرش الذي يعتبر أكثر أدوات القمع التي تحطّ من قيمة النساء وتعدّ عائقاً أمام تطورهن ومزاولة عملهن بالمهنية اللازمة.
ولا يسعنا إلّا استنكار ممارسة التحرش الجنسي من قبل النواب، وبخاصة أنّ بينهم، بحسب ما ورد في المقال، مَن هم أعضاء في اللجنة الفرعية الموكلة بدراسة مشروع قانون حماية المرأة من العنف الأسري.
وهنا نسأل: كيف لمن يمارس التحرش الجنسي ــــ وهو واحد من أبشع أنواع العنف الممارس ضد المرأة ــــ أن يكون هو نفسه قيّماً على حمايتها من هذا العنف؟
ويلفتنا في هذا المجال أن جميع الصحافيات اللواتي شاركن تجاربهن، لم يجرؤن على ذكر أسمائهن أو ذكر أسماء المتحرّشين صراحةً خوفاً من أصحاب النفوذ الذين لديهم اليد الطولى في تقرير مصيرهن الاقتصادي، أو خوفاً من المنظومة الاجتماعية والثقافية التي قد تلومهن على هذه الممارسات.
لذلك نرى أن من الضروري وضع قانون ضد التحرش الجنسي، خصوصاً في أماكن العمل، حيث دينامية القوة غير متكافئة، وحيث يكون التحرش من أسوأ أنواع التحرش وأخطرها، لأنه يهدد الاستقرار النفسي والاقتصادي للأجراء والأجيرات، ويزيد من هشاشة وضع النساء. وبذلك تكون للجميع، من صحافيات وصحافيين، من محاميات ومحامين، من موظفات وموظفين، من معلمات ومعلمين، ومن عمال وعاملات على خطوط الإنتاج كافة، حماية قانونية ومرجعية قانونية تنصفهم وتنصفهن.
ختاماً، لقد كانت بعض الجمعيات النسائية في لبنان ولا تزال تنشط في إطار حملات توعية مجتمعية تطال فئات اجتماعية مختلفة بشأن موضوع التحرش الجنسي والعنف ضد المرأة، ولكن لم يكن ببالها أن عليها البدء بتوعية أعضاء المجلس النيابي أنفسهم أولاً، لكن من الواضح أنّ هؤلاء بحاجة إلى دروس كبيرة.
حملة «مغامرات سلوى» لمناهضة التحرش الجنسي