توكّأ النحاس على قلمه فانكسر
لم يوقّع فوقع، ولم يمضِ فمضى، لا في الاتصالات وصل ولا في العمل.
غرّد خارج السرب، فالبورجوازية وأصحاب الياقات الأنيقة له بالمرصاد. لا الإصلاح ولا التغيير أعاناه، ولم تُمَدّ له يد «العون»، وحدها التسويات الموعودة تشقّ طريقها أو تكاد...
قيل فيه: إنه قيمة مضافة، وليس مقطوعاً من شجرة، و.. و.. وواوات كثيرة...
لا بأس عليك أيها النحاس، فالضرب على الصنوج النحاسية يضيّع البوصلة، أضاعوها ولم تُضعها، وحيداً سبحتَ في بحر التيار وعكس التيار، فجرفتك التيارات كلها...
اليوم وحدك بقيت في الضمير والوجدان، و ـــ منذ أربعين عاماً طار البيطار بضربة قاضية من مافيا الدواء ومافيات النظام ـــ أنت لست الأول بل الثاني، فلا تحزن: شيمك وقيمك وفكرك ونهجك سيذكرها التاريخ، وحدها ستبقى لمواقفك من أجل حقوق العمال أملاً وأثراً في مسيرة النضال الطويلة، وستبقى مواقف مَن يدّعون تمثيل العمال، زوراً، خزياً عليهم وعاراً.
السلطات اليوم تنفّست الصعداء ـــ جميع السلطات ـــ من صاحب الفخامة إلى أصحاب الدولة إلى ناهبي المال العام، والحق العام، إلى المتربعين على الكراسي والمتزلّفين، جميعهم اليوم جنباً إلى جنب في موكب تشييع أفكارك الهدّامة لهذا النظام... وحدهم الفقراء والمتنوّرون يلعنون الظلم والظلام.. وحدها السلطة بكل أطيافها نجحت في سلب حق العامل، ووحده الشعب سيصرخ مجدداً. اعتقدتَ أيها الوزير أنك قادر على اختراق هذا النظام الطائفي والمذهبي بأفكارك ومنهجيتك فتحقّق بعضاً من رؤيتك، مستفيداً من انتمائك إلى تكتل «تغيير وإصلاح». خِبْتَ وكُسِفت، وسقط قناع السلطة البورجوازية والطائفية والمذهبية.
حاشية:
أبنائي وبناتي، أحفادي وحفيداتي ومعارفي: عذراً لأن رؤيتي كانت خاطئة، فقد أسمعتكم وأقنعتكم في مجالسي بأن الطبقة السياسية ليست واحدة، وأن هناك كتلة إصلاحية وتغييرية، وأن الآمال معقودة عليهم، وعلينا أن ندعم ونؤيد ونفاخر وندافع ونهلّل ونلبّي ونفتح نقاشاً وحواراً ومناسبات، وحان زمن الإصلاح والتغيير، «وبدنا نشيل الزير من البير»، عذراً مرّة ثانية وثالثة.
وتحيّة من القلب يا وزير الصحّ والعمال الشرفاء.
سعيد سلامه