كيف أكون حراً
ويل لسلطة تسامح الظالم وتكافح المظلوم...
من يجرؤ على قول الحقيقة عليه ان يثور ويحطّم جدار الصمت ويدحرج صخرة الخوف من أمام قبر التردد والكبت، فإذا الحر يوماً أراد الحياة فلا بد ان ينال مبتغاه في الحق والحرية والكرامة، حيث يستحيل على مستبد أن يظلم إنساناً حراً وأبياً ما لم يكن في حرية هذا البشري شيء من الاستبداد، وفي كرامته شيء من الذل، ولذلك من يريد أن يكون حراً فليطهر حريته من الاستبداد، وان يثور على التسلط لأن كرامته ترفض ان يدنّسها ذل التبعية وعار الارتهان من أي نوع كان.
عندئذ يحق لهذا الإنسان الذي لا ينقاد لإرادة غريب أو قريب ولا لصاحب سلطة أو إقطاعي مال، يحق له أن يسأل إلى متى ستبقى السلطة تتجاهل تطبيق القانون على من يحتمي بما يسمى حصانة أو بدعم سياسي أو طائفي أو حزبي، في حين أن السلطة النافذة تتمرجل على المسالم أو الصامت. القانون وجد لاحقاق الحق لأن العدل أساس الملك، فأين المساواة بين المواطنين. أنا أدفع الضرائب واتمتع بكامل حقوقي المدنية وفي مواسم الانتخابات أقوم بواجبي من دون أن أقبض ثمن صوتي من مرشح، ومع ذلك لا يحق لي ما يحق لمن أعطيته صوتي في صندوق الاقتراع وندمت لأنه استغل السلطة وسمح لنفسه بإعطاء التصاريح وإطلاق الشعارات التي تثير النعرات الطائفية والمذهبية ويخرج عن أدبيات موقعه ومسؤولياته كنائب أو وزير ويتهجم على الجيش الذي يؤمن بلبنان الواحد والشعب الموحد وبالدماء يروي أرض الوطن، بينما المتهجم يسيء إلى من انتخبه.
ولأنني لا أوافق من منحته صوتي على مواقفه التعصبية الطائفية والمذهبية، من حقي أن اسأل إلى متى ستبقى السلطة تسمح لنائب أو وزير أو زعيم عشيرة أو إقطاعي بأن يثير النعرات الطائفية، وبكل استبداد تمنع انتقاد مسؤول أو متنفّذ من خلال مسرحية انتقادية هدفها إضحاك الناس لأن شرّ البلية ما يضحك، فالى متى سنستمر نذهب بسيارات المرشحين مثلما تساق الماشية إلى المسلخ للذبح؟ ونجد الجواب عند جبران خليل جبران: ويل لأمة تودع حاكمها بالتطبيل والصفير، لتستقبل آخر بالتطبيل والتزمير.
جورج أ. خاطر