... وأفواهكم مفتوحة!
وأخيراً، وبعد مخاض عسير «ولدت» سلسلة الرتب والرواتب لموظفي القطاع العام، ولكن مقسّطة على دفعات يستحق آخر قسط منها خلال عام 2017. هذا شرط توافر كامل الإيرادات، أي إنها «شيك بلا رصيد»!
شكراً حكومتنا الموقرة. صار بإمكان الموظفين أن يطمئنوا إلى أن معاشاتهم ستكتمل ويقبضونها كاملة، ربما في نهاية عام 2017، أطال الله عمرنا جميعاً، وأن باستطاعة الموظف أن يقسّط القسط المدرسي ومعه الكتب والقرطاسية والثياب المدرسية وحتى مصروف الأطفال وكذلك إيجار المنزل وفواتير الخدمات من ماء وهاتف وكهرباء التي تصلنا هي أيضاً بالتقسيط. ويستطيع أيضاً أن يؤكد للسمّان والخضرجي واللحام أن بإمكانهم الثقة بأن دفعاتهم أيضاً مؤمّنة وبـ«كفالة الدولة» التي ستدفع له (بالتأكيد) بقية راتبه في مهلة أقصاها نهاية عام 2017. ويستطيع أن يقسّط هذه الدفعات وفق أجندة الدفع التي ستعتمدها وزارة المال المظفّرة لدفع فروقات الرواتب.
أو سيجد الموظفون أنفسهم في مواجهة خيار آخر، منطقي أيضاً. سيجدون أنفسهم مضطرين إلى حسم القيمة الشهرية من الزيادة (المحققة بالسلسلة والمستحقة لاحقاً) من مصاريفهم اليومية، كأن يأكلوا وأسرهم 60 إلى 65% من وجباتهم وأن يستهلكوا مثل هذه النسبة من الطاقة والهاتف والمياه ويذهب أولادهم إلى المدارس يومين ويغيبوا في اليوم الثالث وأن يشتروا كتابين ويتركوا الثالث، على أن تُستكمَل كافة الاحتياجات الباقية بعد انتهاء الدولة من جمع الأموال اللازمة لتغطية السلسلة والانتهاء من دفع فروقات الرواتب «الشهرية» نظرياً وفعلياً بعد سنوات.
إنها حقاً مهزلة.
بربكم قولوا لنا: كيف اقتنعت الدولة بأن رواتب موظفيها زهيدة ولا تفي باحتياجات عائلاتهم، وكيف تريد أن تقنعنا بأن على هؤلاء الموظفين الانتظار بـ«أفواه مفتوحة» أربع سنوات حتى تصلهم هذه الزيادة ومقسّطة؟! عندما يتعلق الأمر بمشاريع واستحقاقات شركات «أركان الدولة» وكبار التجار ورجال الأعمال، المدفوعة عمولتها سلفاً، هل تأخذ هذه المشاريع لدى الدولة كل هذا الوقت من الدرس والبحث والمفاوضات والاجتماعات لإقرارها، وهل استحقاقاتها المالية أيضاً مؤجلة الدفع ومقسطة على سنوات؟
أخيراً، بما أن الأعمار والأرزاق بيد واحد أحد، هل تتعهّد دولتنا الكريمة «صرف» كامل المستحقات للموظف الذي يشاء القدر أن يتوفّاه الله خلال هذه الفترة لتتمكّن عائلته من الوفاء بموجبات الدفن؟! أم يجب عليها أن تؤخر الدفن حتى نهاية عام 2017؟
ارحمونا... يرحمكم الله.
عبد الله هاشم