على الرغم من أنَّ قضية اتهام نائب الرئيس العراقي، طارق الهاشمي، ومحاكمته غيابياً بتهمة التورط في عمليات وصفها القضاء والإعلام بالـ«إرهابية»، لم تكن جنائية بحتة، إلا أنّها لم تخلُ من التشعبات والانعكاسات السياسية والاجتماعية والثقافية، بما يقربها، وإن شكلاً، من قضايا مشابهة سببت إطلاق حراكات اجتماعية وثقافية مهمة في مجتمعات أخرى.إنّ هذه القضية قد لا ترقى من حيث الأهمية على سبيل المثال إلى مستوى قضية «دريفوس» في فرنسا القرن التاسع عشر، لكنّها ستظل محتفظة بأهميتها الخاصة عراقياً وعربياً. ومع أنّها لم تكن تتعلق بمواطن أو مسؤول عادي، بل بشخصية عامة، ذات منصب سياسي مرموق وموقع ثقافي وحزبي ملحوظ، إلا أنَّ صوت المثقف العراقي بصددها ظلّ خافتاً إلا ما ندر، رغم أنّ الهاشمي تميز بعلاقاته الواسعة واتصالاته المباشرة مع العديد من المثقفين. وقبل أنْ أبدأ مقاربتي للموضوع، أسمح لنفسي، بقصد التوثيق والتمهيد، بالتذكير بما يمكن اعتباره شهادة سياسية وثقافية حول المسؤول المذكور وحزبه السياسي كنت قد كتبتها قبل خمسة أعوام تقريباً ونشرت في «الأخبار» (العدد 314 في 29 آب 2007)، وفي صحيفة «القدس العربي»، وقد أعدت نشر فقرات ضافية منها في الفصل الخامس من كتابي «السرطان المقدس... الظاهرة الطائفية في العراق» (ص99) الصادر في بيروت مطلع 2012.
كتبتُ تلك «الشهادة» ضمن تقويم سياسي تحليلي نقدي لشخص الهاشمي وحزبه السابق «الحزب الإسلامي في العراق/ فرع حركة الإخوان المسلمين» قبل أن يُتهم ويحاكم غيابياً بعدة سنوات، بل، وقبل أنْ ينشق عن حزبه ذاك ويؤسس حزبه الخاص «حركة تجديد». واليوم، بعد صدور الحكم عليه، وخروج القضية إلى ميدان الإعلام ومؤسسات المجتمع المدني، أراني بحاجة إلى تقديم شهادة أخرى ستأخذ منحى التوضيح والتفسير لشهادتي السابقة وتضعها في سياقها الثقافي والتاريخي أولاً، وتقارب موضوع القضية مقاربة تحليلية ثقافية، خدمة للحقيقة، وسعياً وراءها ثانياً.
كتبت حرفياً آنذاك: «بمعايير الاحتراف السياسي السائدة في الدول ذات التجارب الليبرالية الوطيدة، ومن وجهة نظر اجتماسية «سوسيو ـ بوليتكية» بحتة، يمكن اعتبار الحزب الإسلامي العراقي الذي يقوده السيد طارق الهاشمي، يمكن اعتباره الحزب السياسي العراقي الأقرب إلى مفهوم وماهية الحزب السياسي الحديث، كما نجد مثاله في حزب العدالة والتنمية التركي «الإسلامي العلماني». هذه الخلاصة قد لا تنسجم معيارياً مع خيارات الحزب السياسية الرئيسية، ومنها دخوله مبكراً في العملية السياسية التي أطلقها المحتلون، ولا يزالون يشرفون عليها بوصفها القَدَم السياسية المقابلة للقدم العسكرية اللتين يمشي عليهما مشروعهم الاستعماري في العراق. كذلك فإنّها قد لا تتواءم مع الكيفية التمثيلية الطائفية التي وجد الحزب نفسه فيها... على الرغم من هاتين الإشارتين المهمتين اللتين تطبعان بميسمهما حركة هذا الحزب وتفكيره، إلا أنّه أثبت خلال سنوات قليلة من النشاط العلني، وفي ظروف الاحتلال القاسية، قدرة تكتيكية وتخطيطية لافتة، وقدّم تجربة رفيعة في الأداء والاستشراف والثبات على الخيارات أو التراجع عنها بمهارة، بصرف النظر عن موقفنا، وهو سلبي قطعاً من مضامين تلك المواقف ومن استراتيجية هذا الحزب القاضية بالمشاركة في العملية السياسية الاحتلالية وقيادة حكومة المحاصصة الطائفية والقومية القائمة عليها، التي ندينها ونرفضها جملةً وتفصيلاً...». أما عن الهاشمي شخصياً، فقد كتبتُ: «إنَّ المواهب القيادية للسيد طارق الهاشمي، زعيم الحزب الإسلامي، ولكونه سليل أسرة سياسية ذات باع طويل في تاريخ الدولة العراقية الحديث، ليست موضع جدال. والتضحيات الجسيمة التي تكبدها، حيث اغتيل عدد من أقاربه بينهم شقيقته وشقيقاه خلال السنوات القليلة الماضية، هي موضع احترام من لدن الكثيرين، لكنّ أموراً كهذه، ليست هي التي تصنع الاستراتيجية السياسية المنسجمة والواقعية، ما دامت منطلقاتها قابعة في الحدود التي يرسمها المتاح السياسي والتاريخي، وما دام موقف هذا الحزب أو أي حزب مشابه، مهما بلغت حداثية أدائه القيادي، محكوماً بهذا المتاح...». كذلك سجلت على الحزب المذكور سقوطه في خندق الرافضين لانسحاب قوات الاحتلال خوفاً من انفراد الخصم الطائفي «الشيعي» بالحكم، «للأسف، يلاحظ المرء أنّ الحزب الإسلامي، وبدرجة أكبر جبهة التوافق، باتا يصرحان علناً بأنهما يرفضان أي انسحاب سريع للمحتلّين مخافة أن ينقلب عليهما شركاؤهما في العملية السياسية. وقد سمعنا تصريحات فاقعة لأحد زعماء الجبهة «تتّهم» المالكي بمحاولة إفشال العملية السياسية لدفع المحتلين إلى الانسحاب السريع من العراق لينفرد هو ومن معه بتقرير الأمور وحكم البلد...».
بعد هذه الشهادة سيكون من الصعب اتهام كاتب هذه السطور بالانحياز وعدم الموضوعية، وخصوصاً أنّه لا يزال متمسكاً بكل كلمة كتبها بهذا الخصوص، وعند موقفه الرافض، ومن منطلقات وطنية، لجوهر ومضامين سياسات المسؤول المذكور وحزبه، وعند تقويمه الإيجابي لبعض المواصفات السالفة الذكر.
لكنْ، قد يتساءل البعض: لماذا لم يجرؤ أيٌّ من المثقفين العراقيين على الدفاع علناً عن الهاشمي، وخصوصاً بعد انتهاء المحكمة بإدانته، وكيف نفسر تواضع حجم التظاهرات والفعاليات الجماهيرية المتضامنة معه حتى في مناطق يحسب عليها سياسياً ومجتمعياً؟ ثمة شبكة متداخلة، وقد تبدو متناقضة من الأسباب: فأغلب المثقفين العراقيين تفادوا الموضوع، ربما بسبب حساسيته في أجواء الاستقطاب الطائفي السياسي السائد. وهناك أيضاً الخوف من القمع الحكومي الناعم والخشن الذي بلغ في حالات معينة التهديد بالتصفية، وقد اتهمت السلطات فعلاً بتصفية أحدهم، هو المسرحي الشجاع هادي المهدي. إضافة إلى الضبابية والغموض اللذين أحاطا بالقضية ككل، وباعترافات المتهمين الكثيرة التي سربت إلى الإعلام في انتهاك شائن لأصول المحاكمات والعدالة القضائية وحقوق المتهمين قبل الحكم عليه.
كذلك لا يمكن أن ننسى تأثير ردود الأفعال المتشنجة والمضطربة التي صدرت عن المتهم والتي كانت مفعمة بالحنق والمرارة والتهديد وحتى بالتقويمات غير اللائقة والأقرب إلى الشتائم أكثر مما كانت تتوسل أساليب الإقناع والتوضيح والمحاججة العقلانية، الأمر الذي جعل المثقف العراقي يتردد كثيراً في التعليق على الموضوع أو اتخاذ موقف صريح
منه.
مما يعزز مضمون هذه التعليلات، النقد اللاذع الذي وجهه الهاشمي في رده المسهب على ما نشرته الصحيفة الحكومية «الصباح» على صفحات الجريدة ذاتها لاثنين من الكتاب والصحافيين العراقيين، هما محمد عبد الجبار الشبوط، أحد منظري الخطاب السياسي الطائفي الشيعي، وإسماعيل زاير المعروف بقربه من أوساط إدارة الاحتلال السياسية والإعلامية. ورغم بحثنا الدقيق عمّا كتبه هذان الكاتبان، لم نجد لهما شيئاً ذا صلة بقضية الهاشمي، لكن يبدو أنّ هجوم هذا الأخير عليهما مبعثه أنهما نشرا أو أعادا نشر تحقيقات وحوارات صحافية مع قضاة عراقيين ذوي صلة بمحاكمته. فهو يستغرب «انزلاق هذين الكاتبين الكبيرين إلى هذا المنزلق الخطير» على حد تعبيره. وإذا ما علمنا أن هذين «الكاتبين الكبيرين» هما من طينة الهاشمي السياسية ذاتها، بوصفه أحد أقطاب العملية السياسية الأميركية، وقد توليا على التوالي رئاسة تحرير الجريدة الرسمية للحكومة «الصباح»، ويقود أحدهما المؤسسة «الثقافية والإعلامية» الرسمية، وارتبط الآخر بعلاقة وثيقة بحاكم العراق المحتل الأميركي بول بريمر حتى عدّه البعض حافظ أسراره. إذا ما علمنا كل هذا، فسنفهم أنّ الهاشمي يريد إسكات «صديقيه الكاتبين الكبيرين» وحظر وسائل الإعلام التي يديرانها من نشر أي شيء يتعلق بقضيته. وهو بهذا لا يختلف في شيء عن عقلية خصومه في السلطة التنفيذية، تلك العقلية القائمة على كَمِّ الأفواه وترهيب الناقدين والنقديين. ومع ذلك، ينبغي التأكيد أنّ للهاشمي، من الناحية القانونية، حق المطالبة بعدم الخوض في قضيته في الإعلام بما يؤثر على سير العدالة قبل صدور الحكم عليه؛ إذ لا يجوز قانوناً الخوض إعلامياً في القضايا التي لم يحسم فيها القضاء إلا بضوابط وشروط ورخص قضائية خاصة. لكن بعد صدور حكم الإعدام بحقه، فهل يحق للجميع الخوض في الموضوع
أم لا؟
بغض النظر عن التفاصيل الكثيرة والصغيرة في الخطاب الاتهامي الحكومي والقضائي المرتبك الذي لا يخلو من تناقضات وثُغَر، وأيضاً في الخطاب الدفاعي للمتهم المليء، بدوره، بالثُّغَر الخطيرة، يمكن تكرار الحقيقة الآتية: أنَّ الجهاز القضائي العراقي، هو جهاز موروث برمته، شكلاً ومضموناً ومفردات، من الحقبة الدكتاتورية البعثية التي لم تعرف يوماً استقلالاً قضائياً أو عدالة أو مأثرة إنصافٍ واحدة، بل كان هذا الجهاز مجرد ملحق وتابع قضائي للحكم الدكتاتوري، وهذا ما يجعله موضع شك واتهام وعدم اطمئنان. لقد ورث حكم المحاصصة الطائفية الذي شكله المحتلون، هذا الجهاز كاملاً، لدرجة أن بعض القضاة الذين كانوا يسوغون ويصدرون الأحكام بقطع آذان وأنوف ووَسْمِ جباه العراقيين بالحديد المحمي بناءً على رغبات الدكتاتور ونوازعه وقوانينه ونظامه، وجدوا لأنفسهم متسعاً في العهد الجديد، لهذا السبب أو ذاك. أما الذي لم يحافظ منهم على منصبه كقاضٍ أو رئيس محكمة، فقد أصبح مستشاراً قانونياً أو خبيراً جنائياً، وأسماء هؤلاء معروفة للقاصي والداني في العراق.
هذه التفاصيل كلها لا تجعل المرء يطمئن للقضاء العراقي بداهة، غير أنّ هذا القضاء هو الموجود كواقع حال منذ الغزو، وقد قَبِلَ به، أو سكت عنه أركان الحكم ــ بمن فيهم الهاشمي ــ طوال عقد من السنوات، فهل يجعل منه هذا الحدث أو ذاك خارج نطاق الشك وعدم الاطمئنان أم ينبغي أنْ يُزال من الوجود بضربة واحدة؟
ثم، إذا كانت الهيئة القضائية التساعية، التي تولت الإشراف على التحقيقات في قضية الهاشمي، مؤلفة من ثلاثة قضاة من المكون العربي الشيعي مقابل ستة من العرب السنّة والأكراد، فهل يستقيم التشكيك بها لأسباب طائفية من الدوائر الإعلامية والسياسية في تركيا والسعودية؟ أما في قطر، فقد بدا المعنيون أكثر احتراساً، فخففوا كثيراً غلواء خطابهم الذي بدأ مشابهاً للخطابين السعودي والتركي. ما يؤكد هذا المعنى أنَّ الهاشمي نفسه صبَّ جام غضبه في ردوده المنشورة على القاضي بليغ حمدي الذي نطق بالحكم بحقه، وهو من العرب السنّة، وعلى القاضي المشرف على التحقيق في القضية سعد اللامي، وهو من العرب الشيعة، لكن هجومه عليهما كان ــ للأسف ــ بالغ الذاتية وغلبت عليه التهديدات بالفضح والذم الشخصي والمهاترات. إنّ الهاشمي في رده، لم يفسّر لنا مثلاً لماذا سكت الجميع، إذا لم نقل قبلوا بمجريات التحقيق والمحاكمة؟ أما قول الهاشمي في رده المشار إليه بأنّ وجود القضاة الأكراد الأربعة كان رمزياً، فهو لا يفسر شيئاً في الواقع، ولا يمكن اعتباره جواباً على سؤال يقول: لماذا لم يسجل أحد هؤلاء القضاة الأكراد وهم يقيمون في الإقليم الكردي شبه المستقل عن بغداد رفضه لإجراءات التحقيق ومطالبته برد القضية أو تبرئة المتهم؟ إنّ هذا الكلام لا يعني تبرئة الهاشمي بإطلاق القول من الميول الطائفية، بل نحن نخص بالكلام حادثة واحدة من سلسلة حوادث، فقد كشف قبل أيام أحد شركائه في تأسيس قائمة «العراقية»، النائب حسن العلوي، لفضائية «البغدادية» أنه هو ــ أي الهاشمي ــ الذي كان وراء تخريب محاولة تشكيل تحالف أغلبية حاكم من قائمتي «دولة القانون» و«العراقية» يتقلد بموجبه المالكي رئاسة الوزراء وعلاوي رئاسة الجمهورية، لأنّه رأى في ذلك «احتكاراً شيعياً» لأهم منصبين في الدولة!
لم ينجح الهاشمي أيضاً في ردوده وطلّاته الإعلامية في تفسير سبب تمسك أفراد شبكته باعترافاتهم أمام المحكمة والإعلام، فرغم أنّه لجأ إلى تبرير ذلك بعوامل أخرى، منها لجوء السلطات التحقيقية إلى استخدام التعذيب والإكراه والتهديد، وهو عامل لا يمكن إهماله تماماً، لكنه يبقى قاصراً عن تفسير وجود تلك الاعترافات والأدلة الجرمية التي قدمت، وإصرار المعترفين من عناصر شبكة الحماية على اعترافاتهم أمام نواب وقضاة وإعلاميين، بعضهم من الجهة السياسية والنيابية التي ينتمي إليها الهاشمي، زاروهم في معتقلهم. أما قوله بأنّ بعض هؤلاء سلموا أنفسهم للسلطات الأمنية طوعاً لأنّهم أبرياء، فلا يمكن الأخذ به في مقابل التفسير القائل بأنّهم قد يكونون سلموا أنفسهم واعترفوا بما اعترفوا به لكي ينقذوا أنفسهم.
ورغم كل ما تقدم، هذه الثُُّغَر وغيرها لا تحرم المتهم وأفراد حمايته الحصول على محاكمة عادلة ومحايدة وشفافة، وإذا كان المتهم لا يطمئن للسلطات القضائية ويتهمها بالتسيّس، وهو في هذا يجد مبررات وأدلة داعمة كثيرة، فإنَّ من حقه قطعاً أنْ يطالب بانعقاد المحاكمة في منطقة تضفي نوعاً من الصدقية والحياد وتوفر وجود تمثيل جيد للمجتمع المدني العراقي ومؤسساته المستقلة فيها. إنّ رفض السلطات القضائية والحكومية لهذا المطلب يعزز بقوة عوامل الشك في مواقفها، وهي إذا كانت تحتج باستقلاليتها، فقد سبق لها أنْ نقلت بعض المحاكمات من المحافظات إلى العاصمة وبالعكس. أما إذا كانت تحتج بأنّ المناطق التي طالب المهتم بعقد المحكمة فيها، وهي محافظة كركوك وقضاء خانقين، من المناطق الساخنة أمنياً التي لا تسيطر عليها الأجهزة الأمنية الاتحادية مباشرة، وهذا أمرٌ يصدق فعلاً على كركوك، فإنَّ من اليسير العثور على بديل لهاتين المنطقتين.
إنّ القانون العراقي يقدم فسحة جيدة لحل، أو في الأقل لحلحلة هذه القضية الشائكة والحساسة، والتي تهم حاضر المجتمع العراقي ومستقبله، بغض النظر عن النتائج التي سيجري الوصول إليها قضائياً. فهو ينص على أنّ الأحكام الصادرة غيابياً، حتى إذا كانت بالإعدام، تسقط وتلغى تلقائياً بمجرد مثول المتهم المدان غيابياً أمام القضاء حضورياً لتعاد محاكمته من جديد. هذه الفسحة يمكن تطويرها بمقترحات خلاقة لا تثلم حق المهتم في محاكمة عادلة ونزيهة، ولا تنال من استقلالية القضاء وسيادته. وفي هذا السياق نقترح أنْ يمثل المتهم ومن معه من متهمين وفريق دفاع أمام إحدى محاكم محافظة البصرة، العاصمة الاقتصادية والمدينة العراقية العريقة، لإعادة محاكمته هناك من قبل طاقم قضائي جديد.
إنّ كاتب هذه السطور، إذ يطرح هذا الاقتراح ضمن شهادته هذه، الموجهة تحديداً إلى الرأي العام، لا للقضاء العراقي، فهو لا يبغي أكثر من فتح باب النقاش، أولاً، في وسط النخبة العراقية، ومن ثم، وسط الرأي العام عراقياً وعربياً حول الموضوع، ذلك لأنّ شاغله في كل هذا هو الحقيقة، بوصفها الهدف والمسار إلى الهدف. وهي، لذلك، لن تكون في مصلحة المتهمين الأبرياء إذا ثبتت براءتهم فحسب، بل أيضاً في مصلحة الأبرياء من ضحايا العمليات الإجرامية موضوع القضية وذويهم. نأمل أن تكون هذه التجربة درساً قيّماً وثميناً للمجتمع العراقي حاضراً ومستقبلاً، بغض النظر عن أية نتائج قضائية أو سياسية ستتمخض عنها بما يعني انتصار الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة.
* كاتب عراقي