أميركا تعرقل حظر الأسلحة الكيميائية
تثير قضية وجود الأسلحة الكيميائية في ليبيا المخاوف لدى العديد من الجهات، خصوصاً بعدما زار مفتشو هذه الأسلحة أخيراً ليبيا للاطلاع على مخزوناتها من المواد التي تستخدم في تصنيع هذه الأسلحة. ولا شك في أن منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، مقرّها لاهاي، أوفدت مفتشيها بعد أن أخطرتها الولايات المتحدة بأن ليبيا أنشأت معملاً لتصنيع المواد التي تستخدم في صناعة الأسلحة الكيميائية والحفاظ عليها، بعد أن أبقت أميركا هذه المعلومات طيّ الكتمان بهدف اتهام إيران بأنها ساعدت ليبيا على إنشاء هذا المصنع.
لكنّ وفد منظمة حظر الأسلحة الكيميائية الذي زار ليبيا أخيراً عثر على دلائل تفيد بأن الولايات المتحدة وحلفاءها هم الذين ساعدوا الليبيين على إنشاء هذا المصنع. وفي هذا الإطار قدمت فرنسا وإيطاليا وسويسرا، والشركات الألمانية (ام هاوزن خيمي _ اي جي) في أواسط السبعينيات من القرن الماضي، المساعدة لليبيا لإنشاء هذا المصنع الذي قدّرت كلفته بـ150 مليون دولار أميركي في مدينة الرابطة الليبية، وكانت المعدات من صنع ألماني وياباني. وفي عام 1996 فتح تحقيق حول إنشاء هذا المصنع، وتبين أن شركة (ديكوتيك) هي التي قدمت التقنيات لإنشاء المصنع، وهي تعرف كل المعلومات عن مصنع الرابطة وتخفيها عمداً عن مفتشي منظمة حظر الأسلحة الكيميائية لإخفاء تورط الأميركيين وحلفائهم الألمان في بناء هذا المصنع.
وأخيراً، إن هذه الأسلحة، أكانت في ليبيا أم في دول أخرى من العالم، تمثّل خطراً كبيراً على البشرية جمعاء لما تمثله من احتمال تلوث البيئة ومن خطر على سلامة الأجيال المقبلة. ومن الأهمية بمكان أن يكون هناك تحقيق وتدقيق أكبر في أماكن وجود هذه الأسلحة الخطيرة، بدءاً من إسرائيل التي تمتلك مخزوناً كبيراً من الأسلحة النووية والكيميائية والقنابل العنقودية بغطاء أميركي، إذ يتبين أن أميركا هي التي تعرقل عمل المفتشين عن الأسلحة الكيميائية وتتهم دولاً أخرى بذلك.
وكانت الحكومة الليبية السابقة قد أعلنت أن لديها 25 طناً مكعباً من الخردل و1400 طن مكعب من المواد الكيميائية التي تستخدم في صنع أسلحة كيميائية. وأعلنت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أنها ستواصل العمل مع السلطات الليبية للتحقق من أي مخزونات أعلن عنها حديثاً وتدميرها. وقد أثار ترك أو اختفاء بعض الأسلحة التي تعود الى عهد القذافي مخاوف دولية من أن تقوّض مثل هذه الأسلحة الأمن الإقليمي إذا سقطت في أيدي جماعات أو منظمات إرهابية.
عمران حلب