أيّها الكرام،في مثل هذا اليوم من كلّ عام، يقف مئاتٌ من أحرار هذا العالم ليُحَيّوا قممَ مجدنا الفلسطينيّ والعربيّ، أسرانا وأسيراتنا في سجون الاحتلال الإسرائيليّ، الذين يواصلون نضالَهم العنيدَ من خلف الأسوار.
قليلٌ من المعلومات قد يعطينا فكرةً عن حجم المعاناة التي يقاسيها أسرانا من أجل حريتِنا نحن، وحريةِ أوطاننا.
أثناء التحقيق، قد يتعرّض الأسيرُ لـ«الشبْح» ما بين عشرِ ساعاتٍ إلى عشرين ساعةً متواصلة. والشبْح هو ربطُ رِجلَي الأسير بقائمتَي الكرسي، وربطُ يديه بخلفيّة هذا الكرسيّ ـــ وهذا يؤدّي في حالاتٍ كثيرة إلى تمزقٍ في الكتفين واليدين، وإلى فقدان الإحساس بالرُّسْغَين. ومن أساليب التعذيب والمعاناة الموثّقة: حرقُ المعتقَل بأعقاب السجائر، وتعريضُه للصدمات الكهربائية، والضغطُ على خصيتَيه، وضربُ رأسِه بالحائط، وخنقُه بالماء، وهزُّه بسرعةٍ كبيرة، ما يؤدّي إلى ارتجاجٍ في دماغه. هذا فضلاً عن حرمانه من النوم أو الطعام أو الاستحمام لفتراتٍ طويلة، ومنعِه أحياناً من الزيارات العائليّة، ومن رؤيةِ محاميه، ومن قضاءِ حاجته.
أيّها الحاضرون،
لقد بلغ عددُ الأسرى في السجون الإسرائيليّة، الشهرَ الماضي، سبعةَ آلافِ أسير، بينهم 438 طفلاً (98 منهم تحت 16 عاماً)، و68 أنثى، و6 أعضاء من المجلس التشريعيّ. وهناك 170 أسيراً استُشهدوا تحت التعذيب بين عامَيْ 2013 و2015، فضلاً عن 458 أسيراً محكومين مدى الحياة. والحال أنّ شركة G4S، التي يتعاقد معها فندقُ كراون بلازا وعشراتُ المؤسّسات الأخرى في لبنان، تقدّم أنظمةَ حمايةٍ لسجون «كيتزيوت» و«ميجيدو» و«دامون»، حيث يقبع آلافُ السجناء العرب. وتقدّم مُعَداتٍ لسجن «عوفر» في الضفّة الغربيّة، ولمركزَي الاعتقال «كيشون» و«المسكوبيّة»، حيث يتعرّض السجناءُ، وضمنَهم أطفالٌ، لحالات تعذيبٍ موثّقة. ونتيجة لذلك، قرّر البرلمانُ الأوروبيُّ في نيسان 2012 عدمَ تجديد عقدِه مع G4S لحماية مبانيه في بروكسل؛ وسَحَبَ صندوقُ بيل غيتس في ذلك التاريخ استثماراتِه منها، وتقدّر بـ 170 مليون دولار؛ وأنهى حزبُ العمّال البريطانيّ في نوفمبر 2015 عقدَه معها على خلفيّة انتهاكها لحقوق الإنسان؛ وكذلك فعلتْ كلٌّ من المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) في الأردن نهاية العام الماضي، واليونيسيف في الأردن بداية الشهر الماضي.
أيتها الأخوات، أيّها الإخوة
G4S، إذاً، مسؤولةٌ بشكلٍ مباشرٍ عن الظروف القاسية التي يعانيها الأسرى الفلسطينيون (وضمنهم أطفال)، ومتواطئةٌ مع السلطات الإسرائيليّة في اعتقال نوّاب من المجلس التشريعيّ الفلسطيني منذ سنة 2006. وقفتُنا هنا ليست دعماً لأسرانا الأبطال وأسيراتنا البطلات فحسب، بل هي أيضاً احتجاجٌ على هذا التواطؤ بين الشركة المذكورة وقواتِ الأمن الإسرائيلية.
أما لماذا اخترنا هذا الفندقَ بالتحديد فلأنّه متعاقدٌ مع هذه الشركة، شأن عددٍ آخرَ من المؤسسات في لبنان. وقد قمنا قبل أيّام بوقفة احتجاجيةٍ أمام منظّمة اليونيسيف في مبنى الجفينور، وسنقوم في الأسابيع القادمة بوقفاتٍ مماثلةٍ أمام مؤسساتٍ أخرى، وعلى رأسها مصرفُ لبنان والبنكُ العربيّ ومجمّع الدون.
أيّها الأحبّة،
هذه المؤسساتُ جميعُها، وضمنها فندقُ كراون بلازا، تعْرف كلَّ هذه المعلومات جيّداً؛ فلقد أرسلناها إليها غيرَ مرّة، عبر البريد الإلكترونيّ والفاكس والبريد المسجّل. لكنّها اختارت أن «تطنّش». إنّ تطنيشَكِ أيّتها المؤسّسات المذكورة تواطؤٌ مخجل مع G4S، المتواطئةِ بدورها مع المؤسسةِ الأمنيّة الإسرائيلية. أيرضيكِ أن تُتّهََمي بالتواطؤ مع شركةٍ ثَبَتَ عليها تسهيلُ أعمال الأسْر والتعذيبِ وانتهاكِ حقوق الإنسان وانتهاكِ القانونِ الدوليّ؟ أيرضيكَ أيّها الفندقُ أن تحميَ زبائنَكَ بشركةٍ تقدّم أجهزةَ حمايةٍ وأمنٍ لسجونٍ ومعتقلاتٍ تعذّب الأطفالَ وتقتل الأسرى؟!
أيّها الكرام
في يوم الأسير الفلسطينيّ، ندعو كل أصحابِ الضمائر الحيّة إلى عدم الاكتفاء بتوجيه التحيّات إلى الأسرى، بل إلى أن يتّخذوا أيضاً موقفاً عمليّاً واضحاً بوقف التعاقد مع شركة G4S ومع كلِّ شركةٍ تستفيدُ من الاحتلال أو تتواطأ معه. وندعو اليوم تحديداً إدارةَ فندق كراون بلازا إلى فسخ عقدِها معها في أقربِ فرصةٍ ممكنة، وفي أسوإ الأحوال إلى إعلام شركة G4S وإعلامِنا أيضاً، اليومَ قبل الغد، بعدم تجديد عقدِها مع هذه الشركة حين ينتهي. وندعو إدارةَ الفندق، وكل المؤسّسات المتعاملة مع هذه الشركة، إلى عدم تصديق وعدِ G4S بالتوقّف عن العمل مع السجون والمعتقلات الإسرائيليّة؛ فقد سبق أن قدّمت الوعودَ تلو الوعود منذ سنة 2002، وبرهنتْ أنها شركةٌ تدمن الكذبَ والخداعَ.
في يوم الأسير الفلسطيني، عهدُنا أن نبقى أوفياءَ لفلسطين، وأن نبقى وراء العدوّ وداعميه في كلّ مكان.
والسلام.

(كلمة حملة مقاطعة داعمي «إسرائيل» في يوم الأسير الفلسطيني (17/4/2016)
بيروت، من أمام فندق كراون بلازا، المتعاقد مع شركة G4S المتواطئة مع الأجهزة الأمنية الإسرائيلية)