من دون إثارة
عطفاً على ما جاء في تحقيق «حرب على الأثير» («الأخبار»، 19/1/2011):
عند إرسالي خبر انتشار عناصر غير مسلّحة من حزب الله في بعض أحياء بيروت، كنتُ حريصاً على الأمانة الإعلاميّة بنشر الخبر وإذاعته كما رصدتُه ميدانياً. ولم أقُم تالياً، كمراسل للقناة من بيروت، إلا بالتعامل مع الخبر بعيداً عن أيّ إثارة أو إضافة. وهذا ما فعلته أيضاً إدارة التحرير في دبي. كذلك فإنّني شدّدت برسائلي على الهواء مباشرة أو عبر الهاتف، على عدم إذاعة خبر إغلاق بعض المدارس أبوابها وعودة التلاميذ إلى منازلهم حتى لا نثير الخوف في نفوس أهل المدينة.
عدنان غملوش
(مراسل «العربيّة» في لبنان)

■ ■ ■

مات سايد كعدو!

مات صديقي سايد. كان إنساناً جميلاً يشيع البهجة، وعروبياً يجسّد العروبة هويةً وانتماءً وطريقة للتفكير والسلوك. وكان كذلك مثالاً للفنّان الملتزم. فكلّ أفلامه التسجيلية كانت تعبيراً عن أن فنّه من أجل الأمّة، من فيلمه عن ناصر إلى فيلمه عن قانا إلى فيلمه عن حرب تموز.
أذكر عندما التقيته أوّل مرة أني سألته عن معنى اسم سايد، فقال إنه نسبة إلى السيّاد كما يقول أهل لبنان، أو السادة كما يقال، أي المنتسبين إلى الرسول محمد، وهو المسيحي. ضحكت ممازحاً: هاشميّ أنت إذن. وقلت له إنّ العروبة هي هويتنا. الدين للّه، لكنّ العروبة للجميع. وضحك هو بدوره وقال: العروبة هي ديننا وهويتنا واختيارنا.
وعندما قدمته للشباب القومي العربي في أحد المخيمات التي عقدت في البقاع بلبنان، باعتباري المشرف عليها، وبعد عرض فيلمه التسجيلي عن عبد الناصر، حظي بتصفيق حار يستحقّه. فوصول الرسالة عبر الفيلم إلى الشباب القومي العربي جعلهم يحسون بمثل ما أحس تجاه هذا الفنان القومي العربي المبدع. أفاض مع الشباب في شرح وجهة نظره التي حملها الفيلم وحظي بالتصفيق مجدداً عند تناول أسباب اختياره لتلك الفقرة من خطاب عبد الناصر عن الفقراء (الفقرا ليهم الجنة. طب الفقرا دول ملهمش نصيب ولو صغير في الدنيا؟).
تحدّث عن معنى العدالة والبعد الاجتماعي في المشروع القومي الناصري والفهم الصحيح للدين مقابل فهم يريد استخدام الدين لتكريس الظلم والحرمان.
رحم اللّه ابن العروبة الزغرتاوي الجميل المبدع الصديق سايد كعدو، والعزاء لكلّ القوميّين والأصدقاء ومحبّي سايد وأهله...
مات سايد وحيداً في منزله، لكنّ فكره وفنّه لن يكونا وحيدين. مبدعون جُدد العروبة هويتهم، والفن الملتزم أداتهم، سيتابعون الطريق وسيكون سايد ملهماً لهم.
‏عبد الملك المخلافي