في صيف 1999، بدأت سفينةٌ تتألق جدّةً، مبنية في النرويج، بالعمل بين تونس وأوروبا: قرطاج. لم يتوقف البناء الضخم، القادر على استقبال آلاف السياح بصحبة سياراتهم، عن العمل. منذ سنوات أصبح من غير الممكن زيارة يوغوسلافيا السابقة والسفر إليها، ويقال إنّ تركيا غير آمنة منذ محاكمة المناضل الكردي أوجلان وزلزال ميرماز. يهبط السياح الآتون من كل أوروبا، بالملايين، في تونس، التي ضربت عام 1999 كل الأرقام القياسية لعدد الزوار. وامتلأت الفنادق وتدافع الناس في نوادي العطل، وأصبحت الشواطئ سوداء من كثرة الناس.بعد أمطار غزيرة. درّت الزراعة محاصيل باهرةً، ومعها مجمل الاقتصاد. واطمأن خبراء التخطيط متفائلين إلى ازدهار اقتصادي يفوق 6% في 1999 مقارنةً بالمغرب، الغارقة في تراكيبها البائدة التي تعوق كل تغيير، والجزائر المرتبطة أكثر مما يجب بأسعار النفط الخام، اطمأنت تونس إلى خروجها بنتائج جيدة.

تركة بورقيبة

هذا ما ستستحق البلاد عليه معزوفة مديح من مرشديها، وقد اعتادت ذلك. منذ عشر سنوات والمنظمات الدولية مثل صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، على هيئة الدول الغنية المانحة للأموال، لا تتوقف عن امتداح «النموذج التونسي». «تونس: تنين المغرب المقبل»: يلخص عنوان إحدى الصحف الفرنسية هذا جيداً مقدار الحب الذي تتمتع به البلاد. لقد قال مبدعٌ في هذا المجال، وزير الاقتصاد السابق ورئيس الوزراء إدوار بالادور، لدى خروجه من لقاء مع بن علي في نهاية ربيع 1999: «التطور مدهشٌ». ولم يكن أحد أسلافه البارزين، ريمون بار، الذي علّم التونسيين الاقتصاد سابقاً، أقل امتداحاً منه كلما عاد إلى هذا البلد الصغير العزيز جداً على قلبه.
ولا يستطيع أحدٌ إنكار أنّ تونس، بين بلدان المغرب هي البلد الذي يتدبر أموره على النحو الأفضل. وكما يلاحظ أحد مثقفي العاصمة: «هذا البلد يُحكَمُ على نحو سيئ لكنّه يُدار على نحو جيد». يعيش المرء في تونس على نحو أفضل من نظيره في الجزائر أو الرباط. ويؤكد محافظ العاصمة، محمد علي بوليمان أنّه «لم يعد هناك عملياً كوخٌ واحدٌ وكل المساكن تنعم بالماء والكهرباء». لقد ازداد معدل العمر خمس سنوات خلال العشر سنوات الأخيرة. وهناك طبيبٌ لكل ألف وخمسمئة شخص. وبلغ ارتياد الأطفال المدارس، وخصوصاً الفتيات، مستويات تحلم بها البلدان المجاورة. وتمتدّ شبكة الطرق وتتحدّث بسرعة تنبئ عنها نظرةٌ بسيطةٌ إلى الخرائط السياحية المجددة بانتظام. والإدارة تتطور. وغدت القاعدة أن تملك معظم العائلات منزلها، مستفيدةً من قروض بفوائد منخفضة، تماماً مثل امتلاك سيارة عندما يكون المرء منتمياً إلى الطبقة الوسطى.
هذه النتائج تعود بدرجة كبيرة إلى السياسة التي وضعها، على نحو مبكر، الرئيس بورقيبة في قطاعات أساس لتنمية أي بلد، وخاصةً في موضوع تعدد السكان. إنّ قانون «مجلّة الأحوال الشخصية»، الذي يمنع تطليق النساء وتعدد الزوجات، يعود تاريخه، لنذكّر بذلك، إلى 1957، في زمن كان فيه بن علي الشاب لا يزال صف ضابط متواضعاً. ومنذ بداية الستينيات، تبنّى «المجاهد الأكبر» إجراءات تحديد النسل. بعد عشر سنوات، حدد المعونة العائلية للأسر التي لا يتجاوز عدد أولادها أربعةً (ثم ثلاثةً فيما بعد). تقدمت تونس بعشرات السنين على باقي دول الوطن العربي. القانون يسبق تطور العقليات.
لا تزال تونس بن علي تستفيد من هذه التركة، حتى لو كان كل شيء يعمل على طمسها. لقد أُرغِم مدير مصرف خاص على الاستقالة لأنّه تجرأ على تذكير أحد الصحافيين الأجانب بذلك، وذكرها هذا الأخير في مقاله. وهدّدت الدولة بسحب كل الودائع المالية من المصرف إذا رفض المدير الاستقالة، ما يعني الإفلاس الفوري للمصرف.
وورقةٌ رابحةٌ أخرى لا يستهان بها للاقتصاد المحلي: تستفيد تونس من السخاء المالي للمجموعة الدولية. يميل الحكام إلى إخفاء ذلك، لكن بلدهم هو، بين سائر بلدان المنطقة، أحد أكثرها تمتعاً بمساعدة البنك الدولي (نسبةً لعدد السكان).
ما أضافه «رجل التغيير»، هو ممارسة الدولة لمنهج مالي تقليدي يروق صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. والحصيلة مشرفةٌ، لكنّها تسوغ بعض الهنات، لأنّ الرئيس بن علي يملك مواهب مشعوذ، فيجري التلاعب بالأرقام التي يبرزها مساعدوه ليثبتوا أنّ تونس تستطيع، من دون جهد، أن تلبّي معايير ماستريخت الأوروبية، كما تلفت النظر إليه الأستاذة الجامعية بياتريس إيبو: «إذا كان عجز الميزانية من درجة 3% المشؤومة، فذلك لأنّ قسماً من المعونات يمر عبر المؤسسات والبنوك العامة، ولأنّ البنى التحتية تمول بنحو خاص من الصناديق التي لا تدخل في الميزانية أو المساعدات الثنائية أو متعددة الأطراف، أو أيضاً لأنّ إنفاقات الميزانية ليست محسوبةً كلها».

صديق الفقراء

إنّ الحساب رقم «26,26» يمثل على نحو رائع هذا المطبخ الميزاني غير التقليدي لكن، الذي يسمح لرئيس الدولة بأن يهتمّ بشعبيته بكلفة بسيطة لدى الطبقات الفقيرة. يعرف التونسيون جميعاً الـ«26,26»، وهو رقم «الصندوق الوطني للتضامن». كل عام، في 8 كانون الأول، هم مدعوون إلى دفع أموالهم لهذا الحساب، وكذلك المؤسسات، لكن بإيقاع ثابت أكثر. إنّها تدفع كل شهر إلى «26,26» ما يعادل 150 فرنكاً عن كل موظف.
الهبات طوعيةٌ عادةً. لكن المؤسسات التي تجرؤ على عدم المساهمة في «26,26» نادرةٌ. ويعترف كاتب الدولة المكلف بصندوق التضامن كمال حاج ساسي بأنّ «أكثر من 90 % من بينها تتبرع بالمال». أما المزارعون، فتحدد منظمتهم المهنية نسبة المساهمة: «في سنوات الحصاد السيئ، يعفون»، فوارق «السيد 26,26». يذكرنا نظام المساهمة القسرية هذا بذلك الذي أقامه الحسن الثاني في المغرب، قبل أعوام، لإنشاء جامع الدار البيضاء الكبير. ما عدا أنّ الأمر في المغرب كان يتعلق بتكريم الله والنبي محمد، بينما في تونس يستفيد بن علي والشعب البسيط من «26,26». وتدفع الدولة التونسية، أكبر المتبرعين، بوجه الإجمال، ما تدفعه المؤسسات والأشخاص، ما يسمح لصندوق الدعم الوطني بأن يستثمر كل عام ما قيمته بضع مئات الملايين من الفرنكات لإزالة ما تسميه السلطة «مناطق الظل»، المناطق الريفية التي ظلت بعيدةً عن التنمية. وسواءٌ عمل وحده أو بالتكامل مع وزارات أخرى، فإنّ مداخلات الصندوق، الموزعة على عدد لا ينتهي من المشاريع، لا تحرك مبالغ فاحشةً. هنا، سيستعين بالمساهمات ليقدم مساكن صلبةً لمزارعين كانوا يعيشون في أكواخ؛ وهناك، سيستخدم في تمويل مركز صحي، ومقطع من طريق، ومدّ خط كهرباء، ونافورة ماء عامة.
وتتعدد المنجزات، غير أنّه لا الحكومة ولا مجلس النواب أو ديوان المحاسبة، يملكون أدنى حق في الرقابة على تخصيص المبالغ. ولا يقدم كاتب الدولة الذي يديرها تقارير إلا للرئيس بن علي، الذي يملك بالتالي حصالةً تحت تصرفه. إذا زار قريةً فقيرةً في أقاصي البلاد، واشتكى الأهالي من عدم وجود مدرسة قريبة، وإذا ذكر له مسؤولو التجمع الدستوري الديموقراطي المحليون أنّ ماء الشرب لا يصل إلى إحدى القرى، فالرئيس هناك ليصغي، وبلمسة من عصاً سحريةٍ، بفضل «26,26» يحل المشكلة، فوراً تقريباً.
ولمناسبة إجراءات علاقات عامة موجهة لامتداح النظام في الخارج، تُبرز منجزات «26,26». وبين العديد من الأمثلة: الممثلة كاترين دونوف، التي دعاها إلى تونس مصمم الأزياء بيير بالمان، برفقة جيرار ديبارديو منذ بضعة أعوام، بمباركة من قصر قرطاج، طُلِب منها التكرم بزيارة موقع «26,26» لتثقيف قراء مجلة «وجهة نظر» الجذابة («صورٌ من العالم» سابقاً).
ذكرت مجلة «بريد اليونسكو»، أنّ أحد مكاتب الدراسات التونسية، يستطيع أن يأسف لأنّ غموض معايير التخصيص يشجع على التبعية؛ تستطيع المؤسسات المالية الدولية أن تشكو انعدام الشفافية في إدارة «26,26»، مع كل شيء طُرِح على المستفيدين منه للاستفتاء، وضُرب مثلاً في الخارج وقلدته عدة دول نامية.

«اسكت واستهلك»

ليست الطبقات الشعبية الوحيدة التي يبذل الرئيس بن علي جهداً في إغوائها. هناك أيضاً الطبقة المتوسطة، بما أنّ مقولة بن علي هي: «إنّ قوة مجتمع وعدم قابليته للخدش تكمنان أساساً في متانة الطبقة الوسطى واتساعها». لقد استورد رئيس الدولة إلى تونس نموذج مجتمع الغرب الاستهلاكي، إن لم يكن ذلك من أجل جعل الطبقة الوسطى حليفةً للنظام، فعلى الأقل للتأكد من حيادها. ولخص ذلك أستاذ جامعي على نحو فجّ: قال لمواطنيه: «تستطيعون أن تأكلوا، وتشربوا، وتستهلكوا، وتمارسوا الجنس بقدر ما ترغبون، لكن لا تشتغلوا بالسياسة». وهكذا، في الخطاب الذي ألقاه لمناسبة الذكرى السادسة لوصوله إلى السلطة، اقترح رئيس الدولة «طرح سيارة للبيع في السوق الوطنية، ذات محرك صغير [...] تستطيع شراءها كل العائلات ذات الدخل المتوسط لتسهّل تنقلاتها لقضاء حاجياتها». وبعد بضع محاولات انطلاق فاشلة، تكلّل مشروع سيارة شعبية بالنجاح. ويعتمد على فكرة براقة بقدر ما هي بسيطةٌ: خفض رسوم الجمارك على السيارات ذات المحرك قليل السعة خفضاً حقيقياً لجعلها في متناول الناس.
منذ ذلك الوقت، ازدهر المجتمع الاستهلاكي في تونس بينما تراجعت الديموقراطية. «اسكت واستهلك»، هكذا لخّصت مجلة «إكسبرس». يستطيع المرء من الآن فصاعداً اقتناء كل شيء، بالدين. وأفضل من ذلك، يروي رئيس مؤسسة: «ليس من النادر رؤية عامل يشتري جهاز تلفزيون من آخر طراز بوساطة تسهيلات الدفع ويبيعه من جديد في اليوم التالي في السوق العامة ليحصل بسرعة على سيولة من المال».
وهذا السباق نحو اقتناء الأشياء لا يخلو من خطورة. قالت بياتريس إيبو في 1999: «في ظل غياب تشريع ومؤسسات إقراض لاستهلاك، فقد قدمت المخازن الكبيرة وأصحاب العمل قروضاً، تمتد أحياناً على ثلاث أو أربع سنوات، بفوائد مبالغ بها». وحقيقة الأمر أنّ نجاح مخزن كبير مثل «باتام» يُفسَّر قبل كل شيء بعملية الربا هذه. تجعل المجموعة زبائنها يدفعون غالياً جداً القروض الاستهلاكية، بينما تحصل هي من المصارف على قروض بفوائد منخفضة. وتؤكد الأستاذة الفرنسية أنّ «الإفراط بالاستهلاك يُموّل هكذا باستدانة أكبر فأكبر: لقد رأت بعض المصارف حجم أقساطها يزداد بنسبة تزيد على 30% في العامين الأخيرين بسبب نشاطها في إعادة التمويل».
ونتيجةً لهذا الاستهلاك الجامح، فإنّ جناح سجن تونس العاصمة الذي يضم محرري الشيكات بلا رصيد سُمّي «جناح باتام»، باسم «دارتي» تونس. ونتيجةٌ أخرى، نزول النساء بكثرة إلى سوق العمل. أصبح مصدر دخل ثان ضرورياً، وليس نادراً في 1999 رؤية زوجات أساتذة جامعة يفترشن أرصفة المدينة القديمة لبيع بضائع صنعت في المنزل أو أشياء رثة مستوردة من فرنسا. كان ذلك أمراً لا يمكن تصوره قبل عشر سنوات.
وما هو أكثر مدعاةً للقلق على اقتصاد البلاد بكاملها، أنّ تعدد حالات العجز عن التسديد يجعل النظام المصرفي هشاً وهو أصلاً في وضع سيءئ. في صيف 1998، قرعت ناقوس الخطر ملاحظةٌ ظرفيةٌ من سفارة أجنبية: «لقد أُضعِف القطاع المصرفي بسبب استحقاق قديم لديون مسددة على نحو زهيد [...] وازدادت هذه المشكلة أخيراً بسبب فداحة الديون التي أمسكتها بعض المصارف، وخاصةً مصرف التنمية، على القطاع الفندقي [...] هنا نقطة ضعف على السلطات أن تصلحها بسرعة». والتقرير يسترعي القلق، وهو يأخذ منحىً أكثر مدعاةً للقلق أيضاً عندما يصدر عن الحسن واتارا، الرجل الثاني في صندوق النقد الدولي، شرطي الاقتصاد العالمي. لقد صرح في ربيع 1999 للمجلة الأسبوعية «جون أفريك»: «القروض غير ذات القدرة، (تلك التي يمكن ألا تسدد أبداً للمصارف) لا تزال تمثل 18% من القروض في نهاية 1998، بينما يجب ألّا تتجاوز 10%». ومع أنّ السلطات أكدت أنّها صححت وضع المصارف بعد ذلك، لم تؤدّ هذه التصريحات إلى تبديد قلق الأوساط المالية العالمية. وقد قدرت بعثة بروكسل حجم الديون غير القابلة للاسترداد بملياري دولار: ضعف مبالغ الخصخصة التي حصّلتها تونس منذ عشر سنوات!
وتشجع الدولة البطر الاستهلاكي، لكن هذه السياسة تكلفها غالياً. وهكذا، خلال السنوات العشر الأخيرة، أكثر من نصف تسجيلات السيارات كانت تأتي من سيارات مهاجرين دخلت على نحو غير شرعي للغاية إلى تونس معفاةً من رسوم الجمارك. وتغمض الدولة غالباً كذلك عينها عن الاقتصاد غير الرسمي أو عن التهريب الذي يزدهر مع الجزائر وليبيا المجاورتين. وتتحاشى كثيرٌ من العائلات التونسية التصريح عن دخلها، ما عدا الموظفين. وبالكاد يدفع 10% من المالكين الضريبة الإيجارية. التهرب الضريبي رياضةٌ وطنيةٌ، ليست المؤسسات، وحتى الكبيرة منها، آخر من يمارسها. وإذا ضُبِطت، فلديها دوماً إمكانية التفاوض. وتسمح مساهمةٌ «طوعيةٌ» لـ«26,26» بمسح عقوبات ضريبية كثيرة.

«العائلات التي تنهب تونس»

لكن الخطر الحقيقي على الاقتصاد المحلّي هو النفعية المنفلتة من عقالها التي تنتشر في محيط الرئيس. منذ نهاية التسعينيات، توَزَّع منشوراتٌ متزايدةٌ باستمرار في العاصمة تفضح ذلك. وهكذا ظهر «التجمع الوطني للنضال ضد الفساد»، غامضٌ، لا يفوِّت فرصة مساءلة نظام بن علي. وفي بداية صيف 1999، ظهر منشورٌ ملتهبٌ موقّعٌ باسم «وسطاء البورصة» فضح بالتفاصيل الحاسمة عمليةً ماليةً قام بها، بحسب قول مؤلفي المنشور، أقارب رئيس الدولة.
لم تكن أمثال هذا المنشور الفضائحي حتماً لترى النور لو لم تقم، قبل سنة، يدٌ مجهولةٌ بتوزيع كتيّبين في تونس وفي أوساط المعارضة في الخارج، كلّ منهما مؤلفٌ من 15 صفحة تقريباً، بعنوان «العائلات التي تنهب تونس».
المؤلفون مجهولون، لكنّهم بالتأكيد يعرفون الكثير. يعرفون الكثير إلى درجة أنّه، لفترة من الوقت، سرت بين الناس شائعةٌ تظن أنّها ترى في ذلك لمسة موظفين أميركيين أتوا ليتحققوا من اقتصاد أموال المخدرات. لقد أخطأت الشائعة. تونسيون من البلاط، مقرّبون من عالم الأعمال وداخلون جيداً في دوائر السلطة الحميمة، هم من كتب هذه الصفحات الجارحة، حسب ما أسرّ البعض. أول كتاب هجاء، باردٌ كقبلة الموت، كان عملاً جماعياً، بينما الثاني، ذو أهداف نضالية أكثر، وأسلوب أقل تحفظاً، ربما كتبه مدير مؤسسة كان قد ساهم بتحرير النص الأول.
في الواقع، لا يهم كثيراً من كتبها. الأمر الأساس في مكان آخر، في دقة الفضائح، وثقة الضربات الموجهة، وتعرية التواطؤات مع الشركات الأجنبية، المعرفة الحميمة للبلاط التي تفرضها عملية التخريب هذه. في لعبة المجزرة هذه، عائلتان، من أصل سبعة معدودة، وضعت على نحو خاص في محرق مؤلفي هذا الاتهام الاقتصادي: عائلتا شيبوب والطرابلسي.
من لا يعرف سليم شيبوب، رجل العائلة الأولى القوي؟ حتى وإن كان التونسيون لا يهتمون كثيراً بالسياسة، فهم يعرفون أنّه أحد أصهار الرئيس بن علي. وإذا كانوا من محبّي كرة القدم، وهم كثيرون في هذا البلد الذي اختير في أثناء كأس العالم لكرة القدم في 1998، يعلمون أنّ سليم شيبوب هو رئيس نادي الترجّي الرياضي التونسي، نادي العاصمة الكبير. وإذا كانوا ينتمون إلى الطبقة المخملية، فربما كانوا قد تلقوا دعوةً إلى دارة الحمامات، على الشاطئ، حيث يسكن في الصيف. روى أحد المقربين أنّه «اشتراها مع الملاعق الصغيرة في خزانة الأواني كأي حديث نعمة». كانت ملكاً لمتعهد فرنسي، وللمنزل مظهر قصر، بأقسام أبنيته المختلفة، مسابح من نمط: اطلب تُعطَ، وبرك مياه، وحدائق، ومتنزهٌ... عندما يسبح سليم شيبوب، لديه حراسه الشخصيون، بثياب الاستحمام والقمصان القطنية، ينتظرونه على مقربة تحت نوع من العرائش؛ معهم مسدساتهم في حقائب رياضية، بمتناول أيديهم. وفي البحر، لدى رئيس عشيرة شيبوب قاربه «le Meryou»، على اسم ولديه مريم ويوسف، طويلٌ كالشارع، نحيلٌ كلفافة تبغ. حتى 1998، كان «لو ميريو» راسياً في سيدي بوسعيد، ميناء النزهة، وكما يقول الأكثر قدحاً من سكان العاصمة «ميناء المسايرة». من وقتها، أجري ما يلزم لاستقباله في الحمامات. والرئيس بن علي هو أحد جيرانه.
ويرسم أحد أصدقاء سليم شيبوب القدامى، الذي غدا خصماً سياسياً، صورةً له تبدو مطابقةً: «سليم، مصارع ثيران، مقتحمٌ حتى لو بدا ممحواً حين تلقاه. لديه مسحة رقيّ. غير مثقف البتة، مع أنه يبذل جهداً في إيهام الناس بذلك عبر سرد أشعار بعض الشعراء العرب، لكنّه لا يخفق في مجال كرة القدم. إنه رجلٌ ظريفٌ يعرف كيف يسيطر على انفعالاته. سليم شيبوب هو الصهر السعيد، تبنّاه حموه. أظن أنّ بن علي يعده الابن الذي لم يحصل عليه».
وتخصص سليم شيبوب هو لعب دور الوساطة بين السلطات العامة والمؤسسات الأجنبية التي تريد الحصول على عقد ما. إنّه هناك ليدفع بملفات أصدقائه إلى الأمام، وليسهّل الاتصالات، خاصةً مع ليبيا. ويشاهد غالباً في طرابلس الغرب، بصحبة محمد والساعدي القذافي، ابني رئيس الدولة الليبي، الذي قضى بضعة أيام راحة خلال صيف 1999 على الساحل التونسي برفقة سليم شيبوب.
وتبعاً للوثيقة، فإنّ كفالة عائلة شيبوب أفادت شركةً أجنبيةً حصلت على سوق قيمته 480 مليون دولار في مجال الاتصالات: ومؤسسةً ايطاليةً حصلت على سوق محولات. وغيرها.
ابن أخ رجل أعمال ناجح تعلّم تحت إشرافه كيف يصبح رجل أعمال، يبدو أنّ سليم شيبوب يدين بصعوده إلى زواجه من درصاف، ابنة زين العابدين بن علي البكر، من زواجه الأول عندما لم يكن سوى مدير الأمن. لم يكن صعود العم أمراً سيئاً للصهر، الذي كانت لديه فوق ذلك المهارة ليشارك رجال أعمال دفتر عناوينهم مليءٌ بقدر محافظهم. والنتيجة، بينما كان على سليم شيبوب في نهاية الثمانينيات الاكتفاء باستثمار «المنار»، وهو مقهى ضاحية يتردد عليه الموظفون، أصبح اليوم يلعب بالثروة.

ليلى وشركاؤها

العائلة الكبيرة الأخرى المتهمة «بنهب» تونس هي عائلة الطرابلسي. وعائلة الطرابلسي هي عائلة ليلى، زوج رئيس الدولة الثانية، وعددها الإجمالي عشرةٌ من الإخوة والأخوات لديهم جميعاً موطئ قدم في الأعمال، من السياحة إلى الزراعة، من العقارات إلى توزيع المحروقات، مروراً بالبناء. ولا يوضعون جميعاً في الخانة نفسها. مراد هو خروف القبيلة الأسود (اعتقل في إيطاليا عندما وصل بن علي إلى السلطة)، بينما، في الطرف المقابل، يبدو بلحسن بمظهر رئيس العصبة منذ زواجه بابنة مدير المديرين التونسيين، الهادي الجيلاني. ونرى إضافة إلى ذلك اسميهما مجتمعين لدى إدخال «باتام»، مؤسسة التوزيع التي هما شريكان فيها، إلى بورصة تونس، في ربيع 1999، والذي عورض وقتها.
ويعود الكتيّب إلى قضية شائكة تمس عائلة الطرابلسي: ظروف رحيل شركة «إلف» التونسية. «كانت «Elf - Aquitaine» قد قررت في 1996 الانفصال عن نشاطاتها في التوزيع في تونس، وأجريت مفاوضاتٌ «لأخذ الأنشطة» مع مجموعة رجال إعمال تونسيين. وغضب الهادي الجيلاني وليلى بن علي وأخوها بلحسن لأنّهم لم يُعلموا بالموضوع فاعتقلوا، بكل بساطة، مدير «إلف تونس»، بوساطة رجال أمن، اقتادوه إلى مكتب محمد علي القنزوعي كاتب أمن الدولة، لا أكثر ولا أقل. كان هذا يريد أن يعرف لماذا ولمن أرادت «إلف» البيع. ولأنّ المدير لم يكن مخولاً إجراء مفاوضات في مكاتب وزارة الداخلية، فقد اتصل برؤسائه المباشرين من مكتب القنزوعي، فأمروه بألّا يرد على الاستجواب ومارسوا ضغطاً ديبلوماسياً خفياً ليطلق سراحه في اليوم نفسه». وقررت لجنة إدارة «إلف»، بعد بعض الوقت، أن توقف كل نشاطاتها في تونس، بما فيها التنقيب.
وهدفٌ آخر للسادة محبي التطهير، عائلة زروق، قريبة الرئيس والحاضرة بقوة في صناعة الأقمشة والبلاستيك، أو أيضاً عائلة لطيّف، التي مررنا بها سابقاً، واحدةٌ من أكبر ثروات البلاد، ذات نفوذ كبير سابقاً، لكنها فقدت حظوتها حالياً.
من هذه الرياح الشريرة التي تهبّ حول قصر قرطاج، من هذه الليبرالية القاتمة التي تناسب كل المحتالين، من هذه الخصخصات التي لا يعلم المرء من الذي يستفيد منها، لا تذكر الصحافة شيئاً، بالطبع، بينما تبذل السفارات الغربية جهداً في التقليل من أهميتها. واللازمة الرسمية هي «ليس ثمة فسادٌ هنا أكثر من بلدان المنطقة الأخرى». آخر تعديل وزاري، في ربيع 1999، الذي تميز بإطاحة وزير البيئة وتنظيم الأراضي المثير جداً للجدل، محمد مليكة، وهو ابن أخ رئيس الدولة، يرى الجميع أنّه كان يلبي رغبةً في قطع بعض الفروع المهترئة في قمة الدولة. لقد سوّغ الرئيس التعديل الوزاري لبعض المقربين بقوله: «كان ينبغي أن ننظف بماء جافيل». بقي أن نقول إنه أعيد توظيف ابن الأخ مستشاراً للرئاسة.
يوافق مقربون من رئيس الدولة، من دون ذكر هويتهم، على أنّ هذه الاتهامات لا تخلو من الحقيقة، لكن يختبئ حساب سياسي خلف هذه التبعية. لقد قال معارضٌ قديمٌ لبورقيبة حليفٌ لبن علي: «بن علي مقتنعٌ بأنّ على كل سلطة سياسية أن تملك أساساً اقتصادياً. إنّه يحاول إعادة توازن الأوراق كي لا يصبح أسير أي شخص، وأي عصبة. هذا يشبه التوزيع».
لكن بكل الأحوال، ويل للذي يجرؤ على ذكر فساد الأوساط المقربة من السلطة علناً. بعض المصرفيين لديهم تجربةٌ سابقةٌ في هذا الموضوع. كان مصرفيو «النادي المالي المتوسطي / Club Financier méditerranéen» مجتمعين في مؤتمر في تونس العاصمة في نهاية 1996 بمبادرة من «بنك التنمية للاقتصاد التونسي»؛ كان المنظمون قد دسوا بكل براءة في ملف الصحافة الموزع لكل مشارك، بطاقة ظرفية حول الوضع الاقتصادي والمالي لتونس كتبتها «شمال ــ جنوب اكسبورت»، وهي مجلةٌ فرنسيةٌ متخصصةٌ في تحليل «البلاد المعرضة للخطر». غير أنّه، وسط موشحات من المدائح كانت هناك بضعة أسطر دامغة للفساد في بطانة رئيس الدولة: «إنّ شبكات السلطة السياسية في الوسط الاقتصادي معقّدةٌ ومبهمة بقدر كاف، شهية أسرة زوجة الرئيس بن علي الواضحة وضوحاً متزايداً تضاف إلى تنافس تقليديّ بين المناطق [...] هذه النفعية تستفيد من صلابة النظام [...] في القطاع الخاص. الأكثر انتقاداً لهذا الانحراف الأمني هم غالباً رجال أعمال لم يعودوا يتحملون بعض العوائق، وهذا أمرٌ جديدٌ». ما إن فُتِح إناء العطر هذا حتى استدعى الأمر مداولات طويلةً قادها، من الطرف الفرنسي، أحد المشاركين في المؤتمر، «صديق» النظام، الديغولي بيير ــ حبيب دولونكل، الذي كان وقتها رئيس «Société marseillaise de Crédit، SMC»، لتهدئة ثورة قرطاج ولكي يستمر الاجتماع، رغم الزلة. لكن لم يعد وارداً أن يختتم وزير المال التونسي أعمال المؤتمر. استبدِل في آخر لحظة بأحد معاونيه. ومنذ ذلك الحين، أُرغِم كل منظمي المؤتمرات على إعطاء السلطات نص المداخلات المختلفة قبل توزيعها.

الاتحاد الأوروبي يهبّ للنّجدة

في المجال الاقتصادي، كانت لمسة الرئيس بن علي السحرية هي ربط بلاده بالاتحاد الأوروبي، وبتوقيع اتفاق شراكة مع بروكسل في 12 نيسان 1995، ينبغي أن يقود لدى تطبيقه إلى خلق منطقة مبادلات حرة بين المنطقتين، أصبحت تونس شريكًا لا يمكن المساس به أو مهاجمته. حتماً، منذ ذلك الحين، حذت بلادٌ أخرى حذو تونس، ومن ضمنها بلدانٌ من المغرب العربي (مثل المغرب)، وأبرمت اتفاقيات شراكة مع الدول الخمس عشرة: وغيرها (الجزائر مثلاً) تفاوض كي تقوم بنفس الشيء. لكن قرطاج قدم المثال.
إنّ نجاح التجربة يعني أن تتحقق نوعاً ما سياسة التنمية من دول الاتحاد الأوروبي تجاه بلدان الجنوب. وبالمقابل، إخفاقها يعني أن تجد بروكسل نفسها من دون برنامج لحوض المتوسط. والرهان يفسر اللطف (كي لا نقول أكثر من ذلك) الذي تنعم به تونس بن علي رغم تجاوزاتها في مجال حقوق الإنسان، والتعذيب في أقبية النظام، وسلوك قرطاج الاستبدادي، ونفعية العائلات القريبة من رئيس الدولة. يضحّى بكل شيء على مذبح الشراكة، فيما اتفاق الشراكة المبرم مع تونس يتضمن فقرةً حول احترام حقوق الإنسان. إنّ دول الاتحاد الأوروبي تظن من دون شك حتى اليوم أنّهم، بمعاهدة أو من دونها، لا يمكنهم أن يطلبوا كل شيء من التونسيين: إزالة الحواجز الجمركية واحترام حقوق الإنسان، الليبرالية للمؤسسات والحرية للمواطنين. فكرة ربط المساعدة بالانفتاح السياسي تتزايد في بروكسل. وهي تَعِدُ قصر قرطاج بأيام صعبة.
من الناحية العملية، يقضي اتفاق الشراكة برفع الحواجز الجمركية تدريجاً بين الاتحاد الأوروبي وتونس. لقد بدأ العد العكسي، ومنذ 1995، لا يتحدث عالم الأعمال إلا عن «تسوية وضع» المؤسسات التونسية.
تسوية الوضع: استخدم التعبير في كل مجال. إنه يغذّي خطابات رجال السياسة (أول أيار 1999، وصفه بن علي أيضاً «بالأولوية القصوى»). وهو يمنح المؤتمرات صبغتها، ويغذّي الأحاديث بين الكوادر، ويتصدّر صفحات الصحف الاقتصادية. باختصار، أصبح التعبير دارجاً. لقد قال وزير التعاون الصناعي، السيد محمد الغنوشي: «وقعت بلدان المشرق اتفاقيات مشابهةً قبلنا بكثير. ومنذ ذلك الوقت، تُحسِّن من نوعية منتوجاتها. إذا لم نعمل شيئاً، فسيزيحوننا من السوق الأوروبية، وسنبقى في المؤخرة».
وحسب قول الديبلوماسيين الغربيين، لا يضيع التونسيون وقتاً ليسوّوا أوضاعهم. وبتمويل من قروض الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي، سيقوم خبراءٌ بفحص المؤسسات، ودراسة عمليات الصناعة والعلاقات بين الصانعين والزبائن. ويفضي هذا التشخيص إلى توصيات عملية لتحسين الإدارة، ويسمح في النهاية للمؤسسات الوطنية بمقاومة المنافسة الأوروبية. حالياً، استفادت نحو ألف مؤسسة تونسية من هذا التقويم الصحي، والرقم مرتفعٌ، ما يثبت أنّ المقاولين التونسيين أخذوا «الشراكة» على نحو جدي، ولكي تسوغ دول الاتحاد الأوروبي لطفها، تشرح أنّ اتفاقية الشراكة ليست من دون مخاطر على تونس. تقدّر دراساتٌ مختلفةٌ أنّ ثلث النسيج الصناعي التونسي، وبالتالي عشرات آلاف فرص العمل، مُقَدَّرٌ له الزوال، لعدم قدرته على تحمل منافسة الشركات الأوروبية، الأكثر نجاحاً، والأفضل استعداداً. التهديد حقيقيٌ، وهو يتضمن خطورةً أولى لاقتصاد البلد.

طوابير حمَلة شهادات عاطلين من العمل

مع نشرات انتصار قصر قرطاج، فقد بدأ هذا التسويف ينعكس على العمل. رسمياً، بلغت البطالة 16% من عدد السكان الفاعلين. نظرياً منذ 1996، لم تتحرك هذه النسب، لكن وزير التعاون الصناعي، محمد الغنوشي أحد أفراد الحكومة القلائل الذين لم يستخدموا اللغة الجامدة الجوفاء، يعترف بأنّ هذا الرقم يتطور بلا هوادة، فيقول: «البطالة هي التحدّي الرئيس عندنا».
وبرأي الجميع، تقدّر السلطات البطالة بأقل بكثير من أرقامها الحقيقية، وربما قاربت 25%. هناك شيءٌ مؤكدٌ: متخرجو الجامعة الشباب أو هؤلاء الذين تخرجوا حديثاً من بعض المعاهد الكبيرة يجدون صعوبةً متزايدةً في إيجاد عمل ملائم لاختصاصهم. عام 1999، قال ديبلوماسي أوروبي يعمل في تونس: «بدأت المشكلة تثير قلق بطانة الرئيس بن علي».
إنّ مثال المغرب هناك يغذّي القلق: في الرباط، منذ 1997، يسبب المتخرجون العاطلون من العمل، الذين اجتمعوا في روابط، قلقاً للسلطات. إنّهم يعسكرون أمام المباني الرسمية، ويتظاهرون حسب المناسبات، وينفّذون إضرابات عن الطعام، باختصار، يزعجون. بن علي غير مستعدّ لقبول هذا النمط من الإزعاج في شوارع عاصمته.
مشكلتان أخريان تهددان في المدى القريب بإزالة ألق «المعجزة التونسية». الأولى نجمت عام 1999 عن رفع الحصار الذي فرضته الأمم المتحدة على ليبيا العقيد معمر القذافي. خلال سنواتٍ، وبسبب هذا الحصار، كانت تونس وقبرص نقطة العبور الإجبارية بين ليبيا والعالم الخارجي. كان يكفي للاقتناع بذلك إلقاء نظرة على موقف سيارات مطار جربة، في جنوب البلاد، الذي يشغله باستمرار، أسطولٌ من السيارات التي تحمل لوحاتها اسم ليبيا. أو مراقبة تعدد «الأسواق الليبية» على طول الطريق التي تقود إلى الحدود بين البلدين. لقد استفاد الجنوب التونسي على نحو خاص من عزل جاره الليبي.
وبالطريقة نفسها، كانت الحرب الأهلية التي أدمت الجزائر منذ 1992 خبزاً مباركاً لتونس. سواءٌ تعلق الأمر بأخذ بضعة أيام عطلة من دون الخوف من الاعتداءات، أو الحصول على سمة دخول في قنصلية بلد أوروبي منقولة من الجزائر إلى تونس أو التزود ببضائع غير موجودة في بلد يعاني الحرب، فقد أتى عشرات آلاف الجزائريين لينفقوا أموالهم في تونس منذ بداية التسعينيات، ومبلغ التحويلات، الذي يستحيل حصره، يؤكد ذلك.

* نيكولا بو هو رئيس تحرير موقع «bakchich.info»
وجان ـ بيير توكوا صحافي في صحيفة «لوموند»