أمنيات في بلد الأقليات اليقظة
حاولت أن أضع لائحة أمنيات قبل بداية هذا العام، وعشت في حيرة عميقة في محاولة فصل أمنياتي عن أوضاع البلد. هذا يعني أنني أردت أن أقنع نفسي بأنني أستطيع أن أجرؤ على التمني على الصعيد الشخصي الكثير من الأشياء، مثلاً أن أحقق إنجازاً كبيراً على صعيد عملي، وأن أكمل حملة الحفاظ على اللغة العربية أو حتى أن أحلم ببناء عائلة وإلى ما هنالك من أمنيات بسيطة تتماشى مع وطن من العالم الثالث، وتليق ببلد قتلت فيه منذ زمن سحيق أحلام الشعب وطموحاته على أيدي الأشخاص أنفسهم، (يا للعجب). منذ ثلاثين عاماً إلى اليوم حدثت ثورة الإنترنت، تغيرت كل وسائل الاتصال في العالم وبين الشعوب، تحققت الكثير من الابتكارات العلمية والأدبية وغيرها، وما زال يحكمنا الأشخاص أنفسهم.
أردت أن أحلم بأن لا تنشب حرب مع إسرائيل (مع أنها تحسب لهذا ألف حساب الآن) لأنني لست مستعدة لمواجهتها نفسياً بعد، مع أنها آتيةٌ آتية. وحين تأتي سأستقبلها وكلي أمل بانتصارنا مرة أخرى، لأن هذه الحرب مبررة بكل المقاييس، ويجب أن تكون احتمال الحرب الوحيد. إسرائيل أصبحت تخاف والسياسيون المتأنقون و«الكلاس» في بلدنا يريدون أن يحيّدوا لبنان عن المواجهة. ونحن مع تجنّب الحرب لكن ليس خوفاً أو رغبة لإنجاح هذا الاستثمار أو ذاك، بل لتجنيب هذا الشعب المزيد من الألم في الوقت الحاضر.
وبالعودة إلى لائحة الأمنيات، وبعدما قررت أن لا أتمنى شيئاً للعام الجديد ولكن أن أستقبله بكل تفاؤل ومحبة، إذا بوزير خارجية إحدى الدول العربية يدفعني إلى التمني وحتى الصلاة بعد أن سمعت ما قاله وهو جالس على كرسي مريح جداً، أن يحاول وزراء الدول العربية أن يلتزموا الصمت حتى وإن سلّمنا جدلاً بأن كل ما يبغون هو توعيتنا على خطورة الوضع الراهن. أتمنى أن لا أسمع أي وزير عربي يحذر من التقسيم ونحن الذين مهما وصلت بنا الأمور لا نلفظ احتمالاً كهذا. اسمحوا لنا بأن نطلب عدم إدخالكم مصطلحات جديدة على حياتنا السياسية والوطنية، نقدر حرصكم وحبكم للبنان لكن ما نريده هو عدم إزعاجكم وإقحامكم.
استمروا بأجنداتكم ودعونا. فلقد تعودنا لملمة الجراح ولكننا نفضلها محلية الصنع. فكما يقال: «إللي فينا بيكفينا».
سوزان تلحوق