مع خروج المتظاهرين العُمانيين بقوّة في مدينة صحار الشمالية، وشوارع البريمي ـــــ على عتبة أبو ظبي ـــــ تقترب موجة الديموقراطية، التي لا يمكن تجنبها، من السعودية والإمارات العربية المتحدة، آخر حصنين للملكية التقليدية في الخليج. بعدما ضاقوا ذرعاً بالنخبة التي لا يمكن مساءلتها، وذريّتها، وكلّهم ينالون مخصصات سخية من الدولة ولا يضطرون أبداً إلى البحث عن وظيفة هادفة، ويستمتعون بـ«حياتهم الثانية» في العواصم الغربية، يستيقظ سكان الخليج منذ أربعة عقود من النوم والرضوخ السياسي الكامل. طبعاً، هم ليسوا فقراء، ولا يعيشون في ظروف وضيعة، كما عانى الكثير من المصريين والتونسيين، لكنّهم يعون، بطريقة متزايدة، أن مليارات وربما تريليونات الدولارت التي كان يجب أن تكون للدولة، تسحب من المصدر من جانب السلالات الحاكمة الشبيهة بالأعشاب الضارة.مع الوصول الى الذروة في إنتاج النفط قريباً (أو ربما تخطينا هذه المرحلة، اذا عدنا إلى وثائق ويكيليكس الأخيرة)، بقيت بضعة عقود فقط من تصدير النفط الخليجي. مع برامج توظيف الأموال المتوقفة بسبب التخطيط السيّئ، والفساد ومحاباة الأقارب ـــــ وكلّها نتائج جانبية للنظام السياسي غير المتطور ـــــ فإنّ اقتصادات الممالك ستكون مرتبطة بالنفط في المستقبل القريب. بالنتيجة، فإنّ أحفاد المواطنين الحاليين وأولادهم محكومون بمستقبل كئيب.
منحتنا البحرين لمحة عن هذا القدر البشع، فاحتياطاتها النفطية انتهت. في ظلّ عجزها عن التحوّل إلى دولة مستخرجة وتغيير السياسة المالية، نظراً إلى عقود من دعم المواطنين مقابل عدم وجود أيّ تمثيل، نفدت الخيارات من العائلة الحاكمة، وقام الشعب البحريني بتحركه. ومع سماح آل خليفة باستخدام الذخيرة الحيّة، ونشر المرتزقة ذات الأصول الباكستانية من اليوم الأول للاحتجاجات، كشف النظام عن حقيقته.أوضح كلّ من نظامي السعودية والإمارات موقفيهما، مع عرض المساندة المعنوية الفورية والموافقة على أنّه يجب استخدام كلّ الخيارات و«القدرات» الأمنية لقمع المتظاهرين في البحرين. تعتمد حكومتا السعودية والإمارات على «الشعوب ذات المصالح» التي يمكن الاستمرار في إبقائها في بيوتها عبر الدعم، لكن، لكلّ الأسباب السالفة الذكر، من المرجح ألّا تستمر الفوائد المالية في العمل. بالفعل، رفض المتظاهرون السعوديون آخر هبة من الملك عبد الله ـــــ 36 ملياراً من المساعدات ـــــ وعدّوها إهانة. لقد حددوا تاريخاً لأول «يوم غضب» خاص بهم، في 11 آذار، يدعون فيه بصراحة الى إنهاء نظام آل سعود. إذا استخدمت الذخيرة الحيّة، فستكون محفّزاً للمتظاهرين. بطريقة مماثلة، يخطَّط في الإمارات لمسيرات احتجاجية. يعيش آلاف المواطنين الإماراتيين في ظروف متواضعة (في أفضل الأحوال) في «الإمارات الشمالية» الفقيرة، بعد تجاهلهم لفترات طويلة من جانب أبو ظبي ودبي الغنيتين. الأغلبية غاضبون من فجوة الثروة داخل الاتحاد، ومن إقصائهم عن السياسات على المستوى الاتحادي، والبعض لديه الفضول لمعرفة لماذا سلّمت أجزاء كبيرة من الأراضي الساحلية للمستثمرين الأجانب، إضافةً الى ذلك، وكما هي الحال في السعودية، هناك عدد كبير من الأشخاص العديمي الجنسية أو «البدون» في الإمارات، وهم أشخاص لا يستطيعون ولا يحلمون بالحصول على أدنى حقوق المواطنية، رغم أنّ أهاليهم وأجدادهم ولدوا وكبروا في البلاد. هذا محيّر لهم، إذ منح بعض الأصدقاء الأوفياء والقدماء للنظام الجنسية في بعض المناسبات، ومن ضمن هؤلاء هنود ومواطنون غربيّون.
* أستاذ العلاقات الدوليّة في جامعة دورهام في بريطانيا ـــــ خاص «الأخبار»
(ترجمة: ديما شريف)