ليس ثمة رأي عام يجتمع اليوم حول تعريف واحد لطبيعة النظام السياسي في لبنان. تصف التظاهرات هذا النظام بأنّه طائفي. هذا توصيف لا يراه كافياً كثيرون ممن ترغب هذه التظاهرات في استقطابهم. هل الإصلاح السياسي الذي ينشده اللبنانيون يقتصر على الخروج من طائفية النظام؟ لا بد في أيّ حال من تعريف هذا النظام قبل الحديث عن إصلاحه.
الزعماء كوحدة تحليل

أول تعريف للنظام السياسي هو الذي يراه نظام زعماء (za›imism) (هوتينغر،1966: 97). لم يشأ المستشرق السويسري آرنولد هوتينغر إصدار حكم سلبي على النظام السياسي في لبنان حين سمّاه كذلك. جاء نصه منسجماً مع المداخلات التي احتواها كتاب ليونارد بيندر آنذاك، وانطوى على نصوص تقريظية للتجربة اللبنانية، وثقة بإمكان مستقبل زاهر للبنان. لكن النص المذكور لم يذهب بما فيه الكفاية إلى التاريخ لتعريف النظام السياسي في لبنان. تقتضي بالتالي العودة إلى مساهمات روجيه أوين وألبرت حوراني ومايكل جونسون في هذا المجال.
يُظهِر روجيه أوين أنّ «العمل السياسي» في الإمبراطورية العثمانية، خلال الحقبة الممتدة حتى القرن التاسع عشر، كان يتولاه متنفّذون يحيطون أنفسهم بمسلحين، ويتواجهون مع أمثالهم لفرض أنفسهم على الوالي العثماني، من أجل الفوز بجباية الضرائب. أي إنّ «السياسة» كانت تتوخى تحقيق منافع خاصة، وليس قضايا تتناول الخير العام. وكانت كلفة تجهيز المحازبين والقوة العسكرية اللازمة للعب هذا الدور (Armed retainers)، وكلفة الإنفاق الاستعراضي المطلوب للبقاء في ساحة المنافسة مع الآخرين، تستنفد الفائض الاقتصادي المقتطع ضريبةً، وتمنع أي استخدام منتج له (أوين، 1981: 13؛ جونسون، 2001: 93).
ويرى ألبرت حوراني أنّ الممارسة السياسية المحلية في عموم المشرق العربي، أو «السياسة بمنطق الأعيان»، لم تكن تستهدف سوى فرض النفس بالقوة على الوالي العثماني، لاقتناص فرص جباية الضرائب (حوراني، 68). لكنّ تجربة السلطنة أظهرت أيضاً البديل عن هذا النظام الذي تمثّل بالنظام السياسي في العاصمة الإمبراطورية، حيث « تولّى الموظفون الحكوميون السلطة السياسية» (Political Power of Civil Servant).
وفي قراءة بول سابا للقرن التاسع عشر اللبناني، كانت كلفة الإنفاق على الجهاز المحيط بالزعيم المقاطعجي أحد أسباب انحطاط طبقة الأعيان، الممثلين آنذاك بالمشايخ والأمراء. وقد أدّت إلى دخولهم في عملية استدانة مستمرة، بعد تطور بيوتات الإقراض الربوي خلال تلك الحقبة (سابا، 1976).
وحتى القرن التاسع عشر، كان الزعيم المقاطعجي يمتلك سلطة بثلاثة عناصر على «إقطاعته»: 1) جباية الضرائب؛ 2) الحكم في قضايا مدنية وجنائية، ليست من صلاحية المحاكم الدينية؛ 3) تجنيد المتطوعين وقيادتهم إلى الحرب تحت سلطة الأمير (هوتينغر:86). ألغى نظام المتصرّفية في 1861 الصلاحيات التي كان يتمتع بها المقاطعجية، لكنّه سهّل استمرارهم في احتلال الساحة السياسية. عُيّن 16 أميراً وشيخاً في المواقع الإدارية العليا، في بداية حقبة المتصرفية (جونسون: 114)، واستقبلت النخبة عناصر جديدة مكوّنة من تجار ومتمولين.
وفيما كان يمكن أن تلعب البنى العائلية والعشائرية دوراً في التصدي للسلطة الاعتباطية (Arbitrary Power) («الظلم» عند جونسون: 113) التي كان يمارسها المقاطعجي خلال القرن التاسع عشر، شكّلت هذه البنى وحدات سياسية خلال حقبتي الانتداب والاستقلال، استعان بها الزعماء الجدد لتوطيد سلطتهم.
ورسم مايكل جونسون صورة نظام يقوم على الاستزلام السياسي خلال حقبة الاستقلال. وعرّف الزعيم بأنه «رئيس شبكة محاسيب» (Patron de clientèle). واستخدم في كتابه الصادر في 2001، الأدبيات الأنتروبولوجية لتعريف اللبنانيين كما العرب والمتوسطيين، لجهة المشترك بينهم، وهو الدور المحوري الذي تلعبه المكانة أو الاعتبار (Honour) في حياتهم («الكرامة» عند جونسون: 100). واستحق الزعماء تعريفهم بأنهم «أناس يدافعون عن مكانتهم» (Men of Honour) بوصفهم أشخاصاً «يفرضون أنفسهم بالقوة». وذهب جونسون إلى ثقافة اليونان القديمة لإيجاد جذور هذا التعريف. وقد أعادت أوروبا القرون الوسطى اكتشاف الإرث اليوناني، من خلال ترجمة العرب له. واستخرج النبلاء منه ثقافة «الدفاع عن المكانة»، لفرض أنفسهم في مواجهة القيم التي تدعو إليها الكنيسة. وعبّروا عن هذه الثقافة في ممارستهم، فكانت السلطة على الآخرين لا تُكتسب إلا من خلال الحطّ من قيمتهم (Degradation) (جونسون: 75-85). وعند جونسون عكست ثقافة «المكانة» نفسها في مسلكية الناس العاديين أيضاً. عبّر هؤلاء عن ذلك بوصفهم «أناساً ينشدون الاحترام» (جونسون، 2002: 15).
يعزو باري بريسلر تسبّب الزعماء بضعف الدولة إلى خوفهم من دولة قوية تأخذ من دورهم، بما هم أصحاب سلطة محلية (Local power holders) (بريسلر، 1988: 152-180). لكن ضعف الدولة هو أيضاً نتيجة عدم إعطائهم أهمية في نشاطهم العام إلا لخدمة المصالح الخاصة. وهم يستخدمون هذا الضعف ليستقووا على الدولة، ويقاسموها وظائفها السيادية، وليبقوا «فوق القانون».

الطوائف كوحدة تحليل

وفي تعريف النظام السياسي في لبنان الذي قدمه كلّ من الكتّاب المشار إليهم أعلاه، لم يحتج أي منهم إلى تعريف هذا النظام بأنّه طائفي. تجد المقاربة للنظام السياسي بوصفه نظام طوائف، تعبيرها في مفهومين جرى اعتمادهما على نطاق واسع خلال العقود الماضية، هما مفهوما الديموقراطية التوافقية والتعددية الثقافية.
وكثيرون هم اللبنانيون الذين لا يرون في لبنان سوى طوائف متنافرة أو متباعدة أو متعاونة. تتكرّر هذه المقاربة ذاتها من كاتب إلى آخر، إلى درجة أنّنا حين نقرأ أحد تلك النصوص، فكأننا قرأنا العشرات منها. وحين يأخذ كاتب بهذه المقاربة، فهو ينتهي بإطلاق أحكام منحازة ضد أحد الأطراف الطائفيين. وهي دليل على أنّ الطريقة التي يدرك بها المثقفون طبيعة الأزمة في لبنان هي جزء منها.
* الديموقراطية التوافقية
لعل ما كان يقال في السابق في توصيف النظام السياسي في لبنان من أنّه يعكس سلطة «الإقطاع السياسي» أدقّ بكثير من الموضة الشائعة بأنّه «ديموقراطية توافقية». يرد اسم ليبهارت على الدوام حين يكون الحديث حول الديموقراطية التوافقية. ومنذ صدور أول نصوص هذا الأخير، أواخر الستينيات حول هذه الديموقراطية كنظام بديل، وعلى امتداد الثلاثين عاماً اللاحقة، ثابر على تطوير فكرته وتقديمها وصفة لحل النزاعات في المجتمعات المتعددة الإثنيات، وكنموذج حكم لبلدان العالم الثالث.
وقد يكون التعريف الأوضح للتوافقية هو من خلال مقارنتها بنقيضها، النظام السياسي القائم على المنافسة المفتوحة (adversarial). وتقوم فكرة التوافقية في الممارسة على اقتراح نظام ينتج حكومات ائتلافية تتمتع فيها الأقلية الحكومية بحق النقض، وتوزع المواقع الإدارية فيه وفقاً للانتماء الإثني أو الطائفي أو المذهبي، وتمارس مكوناته هذه حرية نسبية في إدارة شؤون تصنّف على أنّها تخصّها حصراً. تبرر التوافقية في الممارسة نشوء «كارتل نخب» (حبيب، 2009: 27) يكون مستقلاً عن الجمهور ويحل محله في صوغ توافقات فوقية، يُفترَض أنّها تحقق الاستقرار.
أما في الجوهر، فإنّ فكرة التوافقية تقوم على الفرز العمودي داخل كلّ مجتمع، على قاعدة الانتماء الإثني أو الطائفي أو المذهبي (Segmental Isolation)، وبحيث يكون التمثيل السياسي فيه حصراً على هذه القاعدة. وعند ليبهارت المقصود هو فعلاً إعلان الانقسامات العمودية هذه والاعتراف بها، وإقامة التمثيل السياسي على أساسها. أي إنّ هذه الوصفة تجمّد (reify) التمايزات القائمة في المجتمع المعني وتخلق منها كيانات ثابتة (براس، 1991: 245).
وقد ساجل كثيرون ليبهارت ونموذجه. كانت أشدّ الانتقادات هي التي أظهرت أنّ لا سند حقيقياً لهذا النموذج في ما هو قائم في أغلب البلدان الأوروبية الصغيرة، التي رأى صاحبه أنّها تعكس فكرته. وجاء النقد الأشد وقعاً لنموذجه حين رفضت بلدان عديدة اقتراحاته. لم يؤخذ بها في حل النزاع بين كندا ومقاطعة كيبك فيها، ولم تعتمدها أفريقيا الجنوبية لإعادة صوغ نظامها السياسي. أيّ إنّ نموذج ليبهارت لم يثر اهتماماً فعلياً بما هو وصفة لنظام بديل (محسن، 2011).
وأشار باحثون إلى أنّ المجتمعات التي رأى ليبهارت أنّها تجسّد نموذجه، هي تلك التي عرفت المقدار الأقل من الاستقرار، بما يتناقض مع ادعاءات هذا الأخير بأنّ النموذج التوافقي هو وصفة للاستقرار. بل إنّ اعتماده مرجعيةًَ فكريةً حصل على الوجه الأخص في البلدان التي كان انقسامها لا يفتأ يترسّخ، كما هي حال لبنان.
صنّف ليبهارت نظام لبنان في خانة الأنظمة التوافقية. ورأى في تجربته قبل اندلاع الحرب الأهلية إثباتاً على نجاح هذه الأنظمة. ثم عاد وكتب عنه حين كان لا يزال في قلب هذه الحرب، بعد عشر سنوات على اندلاعها. رأى وقتها أنّ المشكلة ليست في النظام، بل في التدخلات الخارجية التي عرفها لبنان. وأنشأت نصوصه ومداخلاته تياراً فكرياً محلياً، دأب على منح الشرعية التمثيلية للنخب الطوائفية، تحت شعار التوافقية. أسبغ ممثلو هذا التيار شرعية على نخب الطوائف التي تنطّحت لتمثيل طوائفها، ولو أنّها استندت إلى العنف والإرهاب لفرض نفسها على الجمهور.
ثبّت دستور الطائف التوزيع السابق للتمثيل السياسي على أساس طائفي، واعتمد القاعدة نفسها لتنسيب العاملين في الإدارة العامة. استعاد قاعدة التمثيل التي جاء بها دستور 1926 معدّلةً. أتاحت أيديولوجية التوافقية إعادة إنتاج النظام السياسي ذاته لما قبل الحرب، وأعطت شرعية رسمية ودستورية للنخب التي جاءت بها الحرب. افترضت أنّ شرعية هذه النخب هي تحصيل حاصل بمجرّد أنّها طرحت نفسها نخباً تمثّل طوائفها، ولم تر حاجة إلى مساءلتها حول ما تدّعيه أو حول ممارساتها السابقة.
وفي العام ذاته الذي تم فيه الشروع بتطبيق نظام الطائف، أعطى بول براس رأيه بالصيغة التوافقية المقترحة للبنان قائلاً: «(...) إنّه بديهي أنّ الكيانات التعددية في هذا المجتمع تظهر وجود انقسامات داخلها ـــــ وهي انقسامات عميقة ـــــ ولا تعبّر عن أجزاء ذات صفة إثنية، بل تعكس وجود أطراف سياسية، وعصابات إجرامية ومهربين من كلّ الأنواع. إنّ اقتراح التوافقية في حالة مجتمع كهذا، يعني إعطاء خصائص جامدة للبعض من هذه الفئات تجاه غيرها، وجعل هذه المكونات تخضع لقيادة معترف بها رسمياً مكونة من وصوليين وعصابات إجرامية، وتأخير إمكانات الدمقرطة والعلمنة والتعاون بين الطوائف على نحو إضافي. أكثر من ذلك، تبدو التوافقية، من بين الحلول الممكنة التي يمكن بلورتها لإعادة بناء المجتمع المدني في لبنان، الأسوأ بين كل الحلول» (براس، 1991: 341).
* التعددية الثقافية
اختُصِرت تحت هذا التعبير مقاربتا المدرستين الواقعية والليبرالية، بشأن النزاعات الداخلية التي تنشأ في بعض البلدان، وتسمى «نزاعات إثنية». انطلقت المقاربتان من المجموعة الإثنية كوحدة تحليل، وافترضت أنّ هذه الأخيرة تتعرض لتحديات من خارجها، وتواجهها كما تواجه الدول التحديات الخارجية. وانتهت هاتان المقاربتان إلى نتيجة واحدة، هي أنّ الحل الأفضل في حالات «النزاع الإثني»، أن يصار إلى فصل هذه المجموعات عن بعضها، بواسطة التطهير الإثني والتجميع الجغرافي. وقد أثبتت الدراسات فشل هاتين المقاربتين في فهم ما يسمى بالنزاعات الإثنية، وأن ّهذه الأخيرة تكون مفتعلة، وتستجيب لاستراتيجيات افتعال النزاع من قبل النخب، لضمان بقائها في الحكم أو الوصول إليه.
ولقد أُخذ بتوصيات القائلين بالتعددية الثقافية في العديد من الحالات، الأمر الذي أدى إلى فرط دول وطنية كانت قائمة. وهذا ما ينتظر دولاً وطنية كثيرة، إذا لم تواجه المجتمعات المتنوعة إثنياً وطائفياً ومذهبياً هاتين المقاربتين، والتيارات السياسية التي تستوحيهما.

الأحزاب أو التيارات السياسية كوحدة تحليل

في نص سابق، انتقد استخدام «الطوائف» كوحدة تحليل لمصلحة استخدام «النخب» (داغر، 2011). وفي قراءة غانيون للنزاعات في يوغوسلافيا السابقة خلال التسعينيات، عبّرت النخب عن نفسها وعن مشاريعها من خلال تيارات سياسية وأحزاب (غانيون، 2004).
وقرأ ليتن وفيرون مجموعة من الأدبيات التي أصدرها كتاب آخرون حول تجارب عنف إثني، في أنحاء مختلفة من العالم. رأى الكاتبان أنّ المؤسسات التي تعكف على خلق انقسامات في الرأي العام (Discursive Formations)، تلعب دوراً جوهرياً في الإعداد للعنف الأهلي (ليتن وفيرون، 2000).
واستخدم مايكل جونسون مفهومي القومية الليبرالية والقومية الرومنسية للتمييز بين التيارات والأحزاب المختلفة التي جسّدت الفكرة القومية في لبنان. ميّز بين القومية الليبرالية التي عبّر عنها المعلم بطرس البستاني، وبين الأشكال الرومنسية من القومية التي تطوّرت بوحي من الأفكار الفاشية الأوروبية منذ ثلاثينيات القرن العشرين (جونسون، 2001: 134-154). وعزا نشوب الحرب الأهلية إلى الشروط الإقليمية وتلك الداخلية المتمثلة بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية لحقبة ما قبل الحرب، التي ساعدت في نمو الأشكال الرومنسية للهوية (جونسون: 223).
لكن غانيون قدّم تفسيراً مختلفاً للقوة التي اكتسبتها الأفكار القومية ـــــ الإثنية (Ethnic nationalism)، والأحزاب التي تعبّر عنها، ويتلّخص مشروعها السياسي بفرض التجانس الإثني ونبذ الآخر. عزا انتشار هذه الأفكار وأحزابها إلى دور النموذج الغربي ذاته، الذي ارتكز في بناء المجال السياسي على التجانس الإثني، واقتدت به نخب العالم الثالث (غانيون، 2004). وإن كانت الديموقراطيات الكبرى في الغرب لم تلجأ إلى التطهير الإثني لفرض التجانس عندها، فلأنّها تكوّنت في الأساس من إثنيات تجسد أكثريات ساحقة في الدولة ـــــ الأمة التي أنشأتها. أما استيراد هذا النموذج من البلدان المتعددة الإثنيات والطوائف والمذاهب، فنجمت عنه كوارث.
ورأى بول براس أنّ النزاع الإثني ينشأ حين تكون الطريق إلى السلطة مسدودة بالنسبة إلى بعض الأحزاب، أو حين تتوفر فرصة لتغيير المشهد السياسي. وبالنسبة إليه، الأحزاب لا تعكس انقسامات طائفية موجودة، بل تستطيع أن تخلق انقسامات جديدة أو ترسّخ انقسامات قديمة. وقد تعمل أحياناً على خفض نسبة التوتر (براس، 1991: 344).
يعرض براس أيضاً، وهو الاختصاصي الكبير بشبه القارة الهندية، كيفية نشوء ما يرى أنّه «نظام ممأسس لافتعال النزاع الطائفي» (Institutionalized Riot System) في إحدى مدن الهند الكبرى المنقسمة إلى مسلمين وهندوس (براس، 2004). وقد تكرّرت فيها المذابح الطائفية منذ 1961، حين كان نهرو رئيساً للوزراء، وحزب المؤتمر هو المسيطر مع أيديولوجية علمانية. ويرى براس أنّ ممثلي الأحزاب الصغرى عمدوا إلى مأسسة آليات افتعال النزاع الأهلي، لتوفير شروط انتخابهم في البرلمان. تُظهِر التجربة الهندية أيضاً، تواطؤ موظفين حكوميين في هذا «النظام الممأسس». يدفع مواطنو الهند بالتالي ثمناً باهظاً في حياتهم اليومية، لكي يتسمّوا ديموقراطية.

التقليد اللبناني في «تجهيل الفاعل»

لقد تكفلت الأحزاب السياسية التي كانت متورّطة في افتعال النزاع الأهلي، أو دخلت لاحقاً إلى هذا الكار، بكمّ أفواه المواطنين القاطنين في نطاق سيطرتها، وذلك على شاكلة بعض الدول العربية التي كمّت أفواه مواطنيها ومنعتهم، على مدى عقود، من توجيه أي نقد لها. وعلى مدى الحرب الأهلية وبعدها، لم ينتقد أحد الأحزاب أو يصنفها وفقاً لدورها في العنف ومشاركتها فيه. وبدل اتهام أحزاب بعينها بأنّها كانت وراء العنف، اختبأ الكلّ خلف الطوائف، وفق مقاربة تقوم على «تجهيل الفاعل». ولا يزال المثقفون اللبنانيون يستخدمون حتى الساعة تعبير «الطوائف» حيث ينبغي أن يستخدموا تعبير «الأحزاب».
وقد استخدم اخيراً الكاتب الصحافي جهاد الزين تعبير «تجهيل الفاعل»، لانتقاد التظاهرات التي نادت بإسقاط النظام الطائفي. وتحدى منظميها أن يتهموا أشخاصاً بعينهم (جهاد الزين، 2011). ورفعت التظاهرات بعد ذلك صوراً لسبعة زعماء («النهار»، 21 / 3 / 2011). ويمكن مقاربة هذا الموضوع انطلاقاً من ماضي التيارات التي يمثلها هؤلاء الزعماء، والمواقف التي تعبّر عنها.
وقد استطاعت الأحزاب والتيارات السياسية التي افتعلت النزاع الطائفي في 1975، فرض حالة نزع ـــــ تعبئة على الجمهور اللبناني، أتاحت استمرار النظام السياسي برموزه وخياراته السياسية والاقتصادية. ووجدت التيارات والأحزاب القديمة والجديدة بعد 2005، أنّها تستطيع اعتماد استراتيجيات افتعال للنزاع، على قواعد طائفية أو مذهبية، لفرض نفسها جزءاً من المشهد السياسي.
وفي الديموقراطية اللبنانية، يتمتع الزعماء بحرية تجنيد مناصرين لهم للنزول إلى الشارع عند الطلب، وتُوفِّر لهم أموالاً خارجية المصدر تموّل عمليات التعبئة هذه، وتبقى الدولة بما هي مؤسسات أمنية وعسكرية وقضاء على الحياد في هذه الأمور. وقد صرّح أحد الأقطاب الأكثر التصاقاً بدولة إقليمية وسياستها الخارجية، بأنّ هذه الأخيرة سددت مبلغ ملياري دولار رُشى للسياسيين بين عامي 2005 و2010 («الأخبار»، 28 / 3 / 2011). وذكرت الصحف أنّ طلبات السياسيين اللبنانيين لمقابلة مسؤول سوري كبير لتسويق أنفسهم لمناصب وزارية في الحكومة التي كان يعكف الرئيس ميقاتي على تأليفها، بلغت 87 طلباً («الأخبار»، 9 / 2 / 2011).

أي إصلاح سياسي في لبنان؟

لا يختلف اثنان في أنّ العقود الأخيرة في لبنان شهدت تراجعاً خطيراً للشعور بالانتماء إلى وطن، في مقابل تعزّز الانتماءات ما دون الوطنية لدى المواطنين. أُفسِح المجال لاستغلال النخب لهذا الواقع، من أجل بناء هويات تقوم على العداء للآخرين. هذا ما يجعل لبنان في حالة شبه حرب أهلية دائمة، بل قد يوفر مسوغات لاقتراح كيانات تنشأ بواسطة «الفرز والضم» على قاعدة طائفية ومذهبية. يسوّغ هذا الواقع الاهتمام بإعادة بناء الدولة ـــــ الأمة، أو الدولة الوطنية اللبنانية، بواسطة إصلاح سياسي وبواسطة سياسة حكومية لتعزيز الانتماء الوطني اللبناني. نكتفي هنا بالشق المتعلق بالإصلاح السياسي.
(أ) اتخاذ موقف من الحرب الأهلية لعام 1975، بوصفها حرب نزع ـــــ تعبئة
لم تكن عملية افتعال النزاع في لبنان خطأً ارتكبه «مبتدئون». فهذه الاستراتيجية كانت الوسيلة التي اعتمدتها، عن سابق تصوّر وتصميم، نخبة الستاتيكو. وهي لم تكن ترى غيرها لحسم النزاع، وخصوصاً لفرض حالة نزع ـــــ التعبئة (Demobilization) التي استمرت حتى اليوم. وقد ضمنت النخبة السياسية استمرار نظامها السياسي بهذه الطريقة، وبكلفة هائلة سددها اللبنانيون.
إنّ الانطلاق من هذه النقطة يعكس الإقرار بأنّ مشاكل المجتمع اللبناني آنذاك لم تكن طائفية، بل كانت تتناول الخيارات التي أخذت بها النخبة السياسية والاقتصادية منذ الاستقلال. أي كان الهدف من الحرب إبقاء الأمور على ما هي عليه في النظام السياسي، وفي الخيارات الاقتصادية للبنان. وقد كانت الحقبة الممتدة منذ 1975 حتى اليوم، حقبة تجميد لكل المطالبات بتغيير النظام السياسي والاقتصادي في لبنان. يمثّل تغيير الخيارات الاقتصادية في لبنان أحد عناوين الإصلاح المنشود.
(ب) بعض التجارب في ميدان الإدارة الذاتية والفدرالية
وقد شهدت حقبة ما بعد الحرب استعادة العمل السياسي في بلد باتت مكوناته الطائفية والمذهبية تتواجد في مناطق أكثر صفاءً مذهبياً من السابق. هذا ما يجعل الاستقرار أصعب من ذي قبل. وقد ذكّرت الباحثة الهندية كومار بتجارب التقسيم الكالحة، من مثل التي اعتمدت في قبرص والهند وإيرلندا وغيرها، وقامت على فصل المجموعات الإثنية، وجرى تبريرها إما بحق تقرير المصير الذي أرساه الرئيس ويلسون، وإما بوصفها أهوَن الشرّين. لكن هذه التجارب أدت إلى مزيد من العنف، ومشاريع تجزئة إضافية (كومار، 1997). وأظهر الاستقصاء الذي حققه الباحث برانكاتي بشأن تجارب اللامركزية، أنّ عدداً متزايداً من الباحثين بات يرى أنّ اللامركزية فتحت المجال أكثر للعنف الإثني وللانفصال. والمقصود هنا باللامركزية، قدرة المستويات ما دون الوطنية على أن تكون مستقلة في اتخاذ القرار. وإذا كان عدد محدود من هذه التجارب قد نجح، فإنّ غالبيتها فشلت لأنّها أدت إلى تفاقم التمييز ضد فئات أو مناطق بعينها، وأعطت مجالاً أوسع لنشوء أحزاب ذات قاعدة محلية أو مناطقية، ووفرت لهذه الأخيرة الموارد للذهاب أبعد نحو التقسيم (برانكاتي، 2006: 653).
ومن جهة أخرى، لا يمكن إقناع المواطنين بأفضلية العيش المختلط على الفرز الجغرافي، إلا إذا ترافق ذلك مع أقصى الشدة في معاقبة الإخلال بقواعد العيش المختلط، أي أن تكون الأحكام القضائية أكثر تشدّداً في حالات التوتير الطائفي والمذهبي.
(ج) نظام أحزاب يمنع وجود الأحزاب الطائفية
إنّ العنصر الأهم في أيّ إصلاح مطلوب هو نظام أحزاب جديد، يمنع الترشّح من خارج الإطار الحزبي، ويمنع وجود أحزاب ذات صفاء طائفي أو مذهبي. وقد أبرز عدد من المداخلات التي تقدم بها كتاب لبنانيون، خلال الفترة الأخيرة، أولوية إيجاد نظام «يعتمد على أحزاب وطنية عابرة للمذاهب» (كبارة، قضايا «»النهار»»، 2011). واقترحوا «منع تأليف أحزاب طائفية خاصة لجهة بنيتها التنظيمية، على أن يعطى من كان حائزاً ترخيصاً بذلك، مهلة لإعادة تصحيح وضعه» (بيان، 2011). اقتُرحت أيضاً مهمات، منها بلورة قانون انتخابي عصري «يطمئن الأقليات والمواطنين» (حسان الزين، 2011). واقترح «تحصين دولة المواطنة بمجموعة مهمة من الضمانات الدستورية التي تحمي هذه الدولة من حالات الجنون الطائفي، والدفع نحو إلغاء الآخر» (كبارة، «الأخبار»، 2011).
(د) المساءلة بواسطة القانون
خلال العهد العثماني، لم يكن الزعماء يتعرضون للمساءلة إلا إذا خرجوا على السلطة المركزية. أي إنّ مريديهم لم يكونوا قادرين على مساءلتهم. وحين كانوا يخرجون على السلطة المركزية ثم يتوبون، كانت هذه الأخيرة تعفو عنهم على قاعدة «مضى ما مضى». شذّ عن هذه القاعدة فؤاد باشا، وزير خارجية السلطنة، بعد مذابح 1860 في جبل لبنان ودمشق. عوقبت النخب آنذاك وفق القواعد المتّبعة في الدول الأوروبية الحديثة. ومن بين كلّ المتورّطين في التسبّب في المذابح، استطاع طانيوس شاهين أن ينأى بنفسه عن المحاسبة ويموت في فراشه، وذلك بفعل تدخّل القنصل الفرنسي الذي جنّبه المحاسبة. أي إنّ التجربة التاريخية في لبنان تظهر أنّ «الإفلات من المحاسبة» مسألة قديمة، استطاع الزعماء في ما بعد، وعلى الدوام، أن يعوّلوا عليها.
ولطالما عكست التجربة اللبنانية خصوصية تمثّلت بتوفّر حريات سياسية، يستفيد منها السياسيون، على حساب الحقوق المدنية للمواطن، وأولها حقه بالأمن. وانضاف إلى ذلك على الدوام، غياب المساءلة (داغر، 2008). وقد حافظ الزعماء على مواقعهم بوصفهم «فوق القانون» خلال حقبة الاستقلال. أي دليل أسطع من أنّهم افتعلوا حروباً أهلية متلاحقة، وخاضوها دون أن يتعرّض واحد منهم للملاحقة تحت سقف القانون؟
وفيما جسدت الدولة الغربية نموذج ديموقراطية ليبرالية أصيلة، من خلال توفيرها الحقوق المدنية والحريات السياسية والقدرة على المساءلة لمواطنيها (Democratic rule of law)، عكست تجربة لبنان ما بعد الحرب انتماءه إلى فئة بلدان العالم الثالث التي كانت لا تفتأ تنحسر فيها «الدولة القانونية» (Legal state). وقد تجلى ذلك في عجز السلطة المركزية عن فرض العمل بالقانون، وتمكّن السياسيين من خصخصة السلطة في مناطق نفوذهم، وتعميم ثقافة عنوانها فرض النفس على الآخرين بالقوة، استوحت تجربة الميليشيات، وتشرّبها المجتمع نفسه. وقد ربط غيللرمو أودونيل انحسار رقعة الدولة القانونية الذي رافق عودة الحكم المدني في بلدان أميركا اللاتينية، بدخول سياسيين جدد يمارسون سلطة «فوق القانون» في مناطق نفوذهم، استدعت متطلبات المنافسة الانتخابية الاستعانة بهم (أودونيل، 1993 و 1998).
وتراجعت القدرة على المساءلة (Accountability) بتجلياتها الثلاثة، العمودية والأفقية والمجتمعية، خلال سنوات السلم الأهلي. وجسدت الانتخابات مهزلة لجهة تمكينها المواطن أن يسائل ممثليه في البرلمان. وتراجعت المساءلة الأفقية، أي مساءلة السلطة التشريعية للسلطة التنفيذية، ومساءلة مؤسسات الرقابة والقضاء للمسؤولين والموظفين الحكوميين (أودونيل، 1998: 29-51). ولم يستطع المجتمع ممارسة المساءلة المجتمعية، بمعنى ممارسة المواطنين لحقهم في توقيع العرائض أو النزول إلى الشارع للضغط على المؤسسات التي تتولى أمنهم وصون حقوقهم، لكي تؤدي المهمات المنوطة بها، كما يحصل في أميركا اللاتينية.
وفيما بقي أفراد الطبقة السياسية الذين خاضوا في دماء اللبنانيين طوال الحرب، قادرين على أن يعبئوا هؤلاء وفق أجنداتهم ساعة يشاؤون، لم يحصل المواطنون المدنيون الذين أُزهقت أرواح 200 ألف منهم خلال الحرب الأهلية زوراً وبهتاناً، على مجرد نصب تذكاري. ويجعل انتفاء المساءلة في الديموقراطية اللبنانية منها «ديموقراطية بالإنابة» (Delegative democracy)، أي الصنف الأكثر رداءة منها.
القضية هي إذاً في نهاية المطاف، قضية إرساء سلطة القانون، أو المساءلة بواسطة القانون. وينبغي أن تكون هذه القضية مبرر نضال يومي للمجتمع والناشطين في المجتمع المدني على وجه الخصوص. وهي تتطّلب بلورة أجندة نضالات لمواجهة فشل النظام السياسي في لبنان، وفرض أولوية القانون.
(هـ) حركة لـ«فرض الاحتكام إلى القانون»
لقد اعتقدت التظاهرات لـ«إسقاط النظام الطائفي»، أنّ ثمة انتصاراً على النظام السياسي، يمكن تحقيقه بالضربة القاضية. وأظهرت تجربة لبنان أنّه لم يكن من فئة البلدان ذات الطالع الحسن في أي وقت من تاريخه المعاصر. وأكّدت أنّ ما يمكن اكتسابه من حيث تحسين شروط حياة المواطنين، لا يمكن الحصول عليه إلا بالتعبئة الدائبة. وفي النقاشات التي أثارتها التظاهرات التي حصلت، اختصر مثقفون لبنانيون الإصلاح تحت شعار واحد، هو «تطبيق القانون» (إشتي، 2011؛ الجوهري، 2011).
وقد بدا سابقاً، أنّ التقاء اللبنانيين في «حركة من أجل حقوقهم المدنية» هو إطار التعبئة الأكثر ملاءمة لهم (داغر، 2008: 64). ويمكن أن يمنح التقاؤهم تحت شعار «فرض الاحتكام إلى القانون» تحرّكهم الفاعلية التي ينشدها.

المراجع
* Albert Hourani, ‘Ottoman Reform and the Politics of Notables”, in Polk and Chambers (eds.), The Beginning of Modernization in the Middle East, Chicago: Univ. of Chicago Press, 1968, pp. 41-58.
* Arnold Hottinger, «Zu›ama› in Historical Perspective», in Leonard Binder (ed.), Politics in Lebanon, New York : Wiley, 1966.
* Barry Preisler, « Lebanese Politics», in B. Preisler, Lebanon, The Rationality of National Suicide, Ph.D. Dissertation, Univ. of California, Berkley, 1988, pp. 152-180.
* Camille Habib, Consociationalism and the continuous Crisis in the Lebanese System, Beirut, Majd, 2009.
* David Laitin, James Fearon, “Violence and the Social Construction of Ethnic Identity”, International Organization, Vol. 54, No. 4, 2000, pp. 845-877.
* Dawn Brancati, “Decentralization: Fueling the Fire or Dampening the Flames of Ethnic Conflict and Secessionism?” International Organization, summer 2006, pp.651-685.
* Gagnon V.P., The Myth of Ethnic War: Serbia and Croatia in the 1990s, Cornell University Press, 2004.
* Michael Johnson, «Arab and Lebanese Nationalism», in Michael Johnson, All Honorable Men…, pp. 134-154.
* Michael Johnson, “ The Neo-Patrimonial Lebanese State before 1975”, Contribution to the L.C.P.S. Workshop on: “ the Developmental State Model and the Challenges to Lebanon”, Beirut, February, 15-16, 2002.
* Michael Johnson, All Honorable Men: The Social Origins of War in Lebanon, London: Centre for Lebanese Studies and I.B. Tauris, 2001.
* O’Donnell G., “ Horizontal Accountability in New Democracies”, in Diamond L., M. Plattner (eds.), The Self-Restraining: Power and Accountability in New Democracies, Boulder, Colo.: Lynne Rienner, 1998, pp. 29-51.
* O’Donnell G., “ On the State, Democratization and some Conceptual Problems: A Latin American View with Glances at some Post-Communist Countries”, in World Development, vol. 21, n. 8, 1993, pp. 1355-1369.
* O’Donnell G., “ Polyarchies and the (Un) Rule of Law in Latin America”, Kellogg Institute & Dpt. of Government, Univ. of Notre Dame, , 1998, 41 pages.
* Paul Brass, “The Development of an Institutionalised Riot System in Meerut City, 1961 to 1982,” in Economic and Political Weekly, October 30, 2004, pp. 39-48.
* Paul Brass, Ethnicity and Nationalism: Theory and Comparison, New Delhi, India : Sage Publications, 1991.
* Paul R. Brass,» Ethnic Conflict in Multiethnic Societies : The Consociational Solution and its Critics», in P. Brass, Ethnicity and nationalism: theory and comparison, New Delhi, India : Sage Publications, 1991, pp. 333-348.
* Paul Saba, “The Creation of the Lebanese Economy: Economic growth in the 19th and early 20th Centuries”, in Roger Owen (ed.), Essays on the Crisis in Lebanon, London, Ithaca Press, 1976, pp. 1-22.
* Radha Kumar, “The Troubled History of Partition,” Foreign Affairs, January/February 1997.
* Roger Owen, “The Middle East Economy in the Periode of So-Called “Decline”, 1500-1800” in R. Owen, The Middle East in the World Economy, 1800-1914, London : I.B. Tauris, c1981, repr.1993, pp. 1-23.
* ألبير داغر، « الدولة اللبنانية وفقاً لمفهوم دولة القانون الديموقراطية»، في ألبير داغر، حول بناء الدولة في لبنان، «المركز اللبناني للدراسات»، بيروت، 2008، ص. 49 – 64.
* ألبير داغر، «لماذا فشل اللبنانيون في بناء الدولة الوطنية»، قضايا «النهار»، 4/ 4/ 2011.
* جهاد الزين، «احتراماً للمتظاهرين لا اقتناعاً بالجدوى...»، «النهار»، 8 / 3 / 2011.
* حسان الزين، «أعباء الحراك ومسؤولياته»، «الأخبار»، 1 / 4 / 2011.
* حسن بيان، «إصلاح» لا «إسقاط» النظام الطائفي، قضايا «النهار»، 29 / 3 / 2011.
* عامر محسن، «التوافقية في زمن الحرب: السقوط الأخير لليبهارت»، «الأخبار»، 19 / 1 / 2011.
* عايدة الجوهري، «كي يسقط النظام الطائفي»، «النهار»، 11 / 4 / 2011.
* فارس إشتي، «كي لا تسقط حملة «إسقاط النظام الطائفي» في أحضان الطائفيين»، «النهار»، 11 / 4 / 2011.
* نواف كبارة، «هل الجيل الجديد غير مذهبي؟ ولماذا ؟»، قضايا «النهار»، 22 / 3 / 2011.
* نواف كبارة، «أسئلة للشباب»، «الأخبار»، 1 / 4 / 2011.

* أستاذ جامعي لبناني