بالأمس، تحلّق رموزُ النظام اللبنانيّ البغيض، من 14 و8 آذار والمتجرجرين وراءهما، لتكريم «شاعر لبنان الكبير» سعيد عقل، لمناسبة بلوغه المئة. مثّل كلاً من ميشال سليمان ونجيب ميقاتي وزيرُ الثقافة كابي ليون. النائب يوسف خليل مثّل نبيه بري. وحضر وزيرُ الإعلام. وحضر، طبعاً، البطريرك بشارة الراعي؛ فلا يجوز أن تغيب البطريركيّة عن تكريم أحد رعاياها المخْلصين.لا معنى لعرض كلمات المحتفين التي يمكن أن تنطبق على أيّ شاعر (أو مواطن) كان. فقط أتساءل: هل شاهد ممثلو النظام اللبنانيّ المقيت مقابلة سعيد عقل مع التلفزيون الإسرائيليّ في مطلع الثمانينيّات من القرن الماضي؟ هل يمْكن تكريمُ شاعر «لبنانيّ» لشعره فقط...
وغضُّ الطرْف عن مواقفه من العدوّ الإسرائيليّ؟ هل نبرّر مواقفَه المخزية بـ«تفهّم الوضع» الذي دفع بعضَ الناس، في فترةٍ ما، إلى التعامل مع العدوّ؟ وإذا صدف أن «اضطُرّ» بعضُ المواطنين القاطنين في «الشريط الحدوديّ» إلى التعامل مع العدوّ، فلماذا يتبرّع شاعرٌ لا يعيش تحت الاحتلال إلى مديحه بوقاحةٍ عزّ نظيرُها؟ وهل اعتذر سعيد عقل عن كلامه قبل أن تكرّمه الدولة... بكافّة رموزها؟
في ما يأتي أنقل حرفيّاً حديث سعيد عقل إلى التلفزيون الإسرائيليّ، وأتركه برسم المواطنين وعائلات الشهداء والمهجّرين والمعوّقين، بسبب جرائم العدو الإسرائيليّ. سحقاً لهذا النظام الذي يهيل الترابَ على ذكرى المقاومة والثقافة المقاومة، ويحتفي بشاعرٍ تغزّل بأحقر جيشٍ (الجيش «الإسرائيليانيّ» كما يسميه عبقريُّ زحلة وسائر المشرق) وأعتى المجرمين في العالم (مناحيم بيغن). سحقاً لدولةٍ تحتفي بالشعر بصرف النظر عن مواقف الشاعر اللاوطنيّة (كي لا نقول أسوأ من ذلك).
لكم لبنانكم ولنا لبناننا، يا رموز النظام اللبنانيّ المنافقين. لبنانكم عنصريّة مقزّزة، وعداءٌ لشعب فلسطين في فلسطين وفي لبنان، وتنكّرٌ للعروبة الديموقراطيّة، وتزلّفٌ للأميركان والأنظمة العربيّة (الرجعيّة والممانعة)، واحتفاءٌ بالزيْف والتصنّع والاستهلاك. ولبناننا مقاومٌ للصهيونيّة وللاستعمار، وعاشقٌ لقضيّة فلسطين، ونصيرٌ لأحلام الشعب العربيّ في إسقاط أنظمته من المحيط إلى الخليج. لبنانكم سعيد عقل، وفؤاد إفرام البستاني، ومي المرّ، وبشير الجميل، ومحمد رشيد قبّاني، والجوزو، وإتيان صقر،... ولبناننا سعيد تقيّ الدين، ورئيف خوري، والشيخ عبد الله العلايلي، وحسين مروّة، ومهدي عامل، وكمال خير بك، وجوزيف سماحة، وسهيل إدريس، وسناء محيدلي، ويسار مروّة... فكرّموا من شئتم، وليلعنكم الشهداء ما شاؤوا.
والآن، إلى النصّ الحرفيّ لشاعر «الكمْ أرزة العاجقين الكوْن»:
«مافي خطوة تانية. خطوة واحدة، وهي إنّو يكمِّل ها البطل [مناحيم] بيغين تِنضيفْ لبنان من آخر فلسطيني. هيْدا المطلب يللي بدو يّاه لبنان. إذا ها الأمر هيْدا ما تمّ، أنا بكون تعيس، والشعب اللبناني بيكون تعيسْ معي. أوّلْ ما فات الجيش الإسرائيلياني على لبنان، كان لازمْ كلّ لبناني يقوم يقاتل معو. أنا لو عندي تنظيم حربي، هلّق بقوم بقاتل مع الجيش الإسرائيلي وما بخلّي الجيش الإسرائيلي [يقاتل وحده]. أنا بجريدتي اليوم [«لبنان»]، وأنا عمْ إشكر الجيش الإسرائيلي، بعنوان «إسرائيل عنّا»، بقول أنا مبسوط لسببين: لأنّو ها الجيش عم يخلّصنا، ولأنّو عمْ يخلّص العالم وعمْ يِسْحق راس الحيّة اللي إسمو الإرهاب، وهلّق بحكيك عنّو هيدا. بس بقول إنّي زعلان لأنّو مِش نحنا يللي عم نخلّص لبنان، مع الإسرائيلياني، من ها الوسخة اللي اسمها العنصريّة الدمويّة الفلسطينيّة، اللي هيّ راس الإرهاب بالعالم... أنا بعتقد إنّو فيه كمْ سياسي منزوعين بلبنان، وأكترُهم بالحكْم، هنّي اللي ما خلّوا الشعب اللبناني يشترك [بالحرب إلى جانب إسرائيل]. الشعب اللبناني بها الحرب عمل حربْ حلوة ضدّ الفلسطينيّي. إنّما كِيس عرفات مرّاتْ، هيْدا عاملْ نَصِبْ، وعاملْ ابتزاز هايلْ على دول البترول، ومعو شي 70 مليار. هيْدا اشترى بهاليومين زعاماتْ بأوروبا وبأميركا حتى تمشي ضدّكم [أيها الإسرائيليون]، حتى تقول ها الجيش اللي جاي يخلّص لبنان هيْدا جيش غزو. اللي بيقول جيش غزو، بدّو قصّ راس! أنا باسم كلّ لبنان بقول: هيْدا الوحيد جيش الخلاص!».
* رئيس تحرير مجلة الآداب
26 تعليق
التعليقات
-
عرب من الدرجة الثانيةعندما يسقط لبنان من ذاكرة اللبنانيين ستتذكرون حينها مكانة " سعيد عقل " ، حينما يتحول لبنان إلى حارة تسكنها بائعات الهوى ستتذكرون تاريخ لبنان بأسف .
-
كم أنا آسفة!!آسفة على أنّني أحببت الشّاعر سعيد عقل يوماً!! بيد انّ الشّعر عندي لا ينفصل عن الموقف.. لذا أنا أمقته الآن.. شكرا استاذ سماح..
-
تسلم ايدك، هيذا لبنان النفاقتسلم ايدك، هيذا لبنان النفاق والعنصرية.
-
عجبا لك شعب لبنانالشكر والتقدير لك استاذي سماح. نعم بتنا نكره هذا اللبنان الذي لم يعد قادرا على التمييز بين اخلاق ووطنية شخص وبين شعره. أي اعجاب هذا بشاعر خائن للقيم والمبادىء. أي اعجاب هذا بشخص ينادي بقتل شعب لا زال قاتله يطارده. تبا لك يا لبنان يا من كنت حبيبي
-
سعيد عقل ليس هناك مجالاًسعيد عقل ليس هناك مجالاً لتبرير ما قلت أو للاعتذار عنه. إذ انه عار على جبينك وابداعك الشعري ليس بقدرته محي هذه العار فهل ذكرت المقاومة على أختلاف تسمياتها يومًا في شعركِ لا أذكر ولا أظن ولا اعتقد
-
شكراٌ للتذكير استاذ سماحشكرا استاذ سماح على الاضاءة التي قمت بها على المواقف السوداء للشاعر سعيد عقل .....
-
مقولةيقول كنفاني : يوماً ما ستصبح العمالة وجة نظر
-
تحية لك فأنت من القلة القليلةتحية لك فأنت من القلة القليلة في أمتنا لازالت تدافع عن القضايا الأساسية والصعبة بحس وطني واجتماعي سليم.
-
سؤال الى صاحب المقالة .بعد التعبير عن الاحترام لكم ولموقفكم المشرف من خلال هذه المقالة عن تكريم سعيد اود ان اسال حضرتكم وانا اعتبر نفسي من لبنانكم اليس عماد مغنية من لبناننا وكذلك علي ديب وابو علي ياسين واخرين كثر ؟ام تريدنا ان تبنى لبنان ثالث ؟
-
مقال جميل بس الكاتب نسي شي مهمشكراً شكراً سعيد عقل لأنك في سنة ١٩٨٢ قلت ما ينطح به داخلك و سقط سعيد الشاعر. أمام أقدام الغزات مبارك غذوهن.صاحب المقال ،ألا يليق بك أن تذكر المعلم كمال جنبلاط .مع ما ذكرت من اسماء .
-
إلى عبد الهاديلو كانت ممارسات بعض المسلحين تكفي للحكم على شعب كامل لحكمنا على الشعب اللبناني بكامله بممارسات إبادة جماعية فامت بهاميليشيات لبنانية من أطراف ختلفة وهي معروفة للقاصي والداني. تذكر بالمناسبة إن كنت غير مصاب بفقدان الذاكرة أن وحشية اللبنانيين عام 1860 كانت غير مقترنة بوجود فلسطينيين وتذكر أن "أول من وضع الحراب على جدول الأعمال" كان الكتائب في 13 نيسان 1975 في مجزرة حافلة العمال الشهيرة.
-
فلسفة العمالة شكرا سماح ادريس لأنك تحي ذاكرة الوطن المناضل. أستغرب تبرير القارىء عبد الهادي،فمع فلسفته كان يجب أن نقف مع الغزو الأميركي ضد صدام وأن نضع أيدينا بيد السفيرين الأميركي والفرنسي في مظاهرات سوريا.أستغرب بعد كل الشهداءالذين قدمتهم المقاومة بكافة أطيافها في لبنان ما زلنا نسمع تبريرا للعمالة.
-
استاذ سماح شكرا شكرا للتوضيحاستاذ سماح شكرا شكرا للتوضيح لانني كنت سأعلق انا
-
لن أبغضه ولو كان إسرائيلياًنعم، كل هذا صحيح لكن لا يمنع القول أن سعيد عقل شاعر عملاق ندين له بالكثير . فقد صوابه في الثمانينات لكن أشعاره مجدت التيار العربي والفلطسيني في الستينات، أقصد هنا كل القصائد التي كتبها لفيروز و لحنها الأخوين: من سائليني يا شأم إلى أجراس العودة التي ربما تكون أجمل ما كتب عن حق العودة، مروراً بنسمت من صوب سوريا وغنيت مكة وغيرها الكثير. لويس فرديناند سيلين كان من أشهر المعادين للسامية في فرنسا خلال الحرب بعض كتاباته فيها ما فيها من عنصرية ضد اليهود و مع هذا يبقى من عمالقة الأدب. تاريخ الفن والأدب لا يأبه كثيراً بالسياسة والمقاومة. لن أبغض من كتب يوماً : يارا الجدايلها شقر، الفيهن بيتمرجح عمر ، وكل نجمة تبوح بسرارها، يارا، ولا كان إسرائيلياً!!!!
-
توضيح من سماحمكرم وواصف، المقال هو إدانة للطبقة التي كرمت سعيد عقل بمقدار ما هو إدانة له. أتمنى ان تكونا قد لاحظتما ذلك. عبد الهادي، الممارسات والتصرفات المشينة التي مارسها بعض الفلسطينيين في لبنان لا تبرر إبادة شعب بأكمله. مع المحبة
-
تعليقلم يطلب و يحتف الشاعر بالاسرائيليين محبة بهم و لكن ضاق ذرعا هو و معظم اللبنانيين بممارسات الفلسطينيين المشينة و الفظيعة بحق كل اللبنانيين .لقد اكلوا واستوكلوا البلاد في وقتها . كانوا يريدون لبنان وطنا بديلا . لقد فعلوا فظائع وكأن الفلسطينيون كانوا ملائكة قد تم التجني عليهم يجب تصوير الحقيقة كاملة غير منقوصة قبل الحكم على اي احد
-
أشكرك أستاذ سماح على إنفلاتكأشكرك أستاذ سماح على إنفلاتك من جموع المهنئين وثباتك على الموقف المقاوم للظلم .
-
هذا "اللبنان" وذاك "اللبنان"هذا "اللبنان" وذاك "اللبنان" لهما مصلحة مشتركة في عدم المترسة وراء مواقفهما "المبدئية". أن الحياة متحرّكة وتتطلّب الأنفتاح والتفهّم للأبقاء على حيويّتها، والاّ صارت المبادىء مقبرة المواقف. من هنا أهمية ميشال عون (رغم مآخذ جانبية عديدةعليه)في موقفه الفاعل والتاريخي من أعادة تموضع الكتلة المسيحية...كنت سررت جديّا، سيّد أدريس، لو أنك وصلت لحدّالحكم على ال "لبنانَيْن" بسبب أنزلاقهما معا في حرب من خمسة عشر عاما ما خدمت غير المشروع الأسرائيلي على حساب العقيدتَيْن...الله يرحم اللي راحوا.
-
كلهم سواءالصديق والرفيق سماح اليسوا كلهم من نفس الطينة من كرم ومن تكرم، وهل يختلف معظم الحضور عن سعيد عقل، اليسوا كلهم سماسرة مواقف وبائعوا اوطان، ياصديقي دعهم بما هم فيه فهم يستحقون بعضهم، وليس لنا في لبنانهم طمع ولا رغبة
-
خائف على الاخبارأسعد ابو خليل مميز جدا ولا يمكن تقليده
-
المقصلةللاسف لم تنتصر الثورة في لبنان.والا لعلقت المشانق للخونة الذين واللواتي تعاملوا مع العدو الصهيوني وذبحوا شعب فلسطين وحرضوا علي سحله في الشوارع.ومنهم هذا "الشاعر!!!" النازي وصاحب الثقافة العنصرية الغريبة والهاذية المعادية للعرب وحضارتهم."الشاعر!!!" يستحق تكريما حقا..ولكن بالمقصلة..
-
شكرا سماح أدريس الرائع , منشكرا سماح أدريس الرائع , من صديقك السوري المحب .
-
رأي سماح هو الصواب بعينه وهورأي سماح هو الصواب بعينه وهو ماسيراه أي لبناني يرى أن "إسرائيل" (بين أهلة) عدو، لكن لا يخفى عليك يا سيد سماح أن جزءا من هذا الشعب ولا سيما من "كبرائه" ليست لديه أية مشاكل مع هذا الكيان الغاصب وبالعكس هناك محبة ومودة له.
-
يسلم قلمك وقلبك يا استاذ سماحيسلم قلمك وقلبك يا استاذ سماح لقد قلت الحقبقة كما هي الوطنيين لا ينسون ابدا ماذا قال الفبنيقي الوحيد في هذا العالم (الخيالي الذي يسكن به هو والبعض)لان الفنيقيين كانوا على كامل الساحل السوري واللبناني انا سأقولها بدلا عنك خائن كل من يتغزل بإسرائيل ولكن الاكثر خيانة هو من وصفتهم انت الحقيقة لقد كرهنا الجميع من 14و8 وللذين أستشهدوا على ترابنا الحبيب لن ننساهم ابدا من خالد علوان الى خالد ازرق وسناء ونورما وابتسام ووووالقائمة تطول .ولن انسى ابدا كان على احدى المحطات اللبنانية عندما سأله المقدم عن قصائده للشام فقال بالحرف الواحد انها ليست له او انه ينكرها فتصوروا مدى عنصريته.فاين هو من سعيد تقي الدين وجوزيف سماحة وغيرهما؟
-
عشق الدميا معلمي سماح... هؤلاء جاءوا ليكرموا سعيد عقل لأنه كان صادقا في التعبير عما يدور في خلدهم اليوم كما كان في الماضي..لذلك لا بد من التنبيه أن تل الزعتر دائما حي في قلوب من فعله ولكن الظروف لم تسمح بعد لتكراره..فحذار يا فلسطين