أمن المخيمات على حافة الإنهيار
في كل مرة يُغتال قيادي او عنصر في مخيم عين الحلوة، تستنفر قيادات المخيم ضد الدخيلين على المخيم، اي المطلوبين للدولة اللبنانية، وهم متعددو الجنسيات، بينهم اللبناني والسوري والفلسطيني والسعودي… وتبدأ المعارك داخل المخيم الذي ينعم فعلياً بحكم ذاتي، كما كل المخيمات الفلسطينية في لبنان. والحكم الذاتي يعني التنسيق الأمني مع الدولة اللبنانية، لأنها الدولة المضيفة، وهذا حقها. ومنذ مدة، جرت العادة أن يُصفّى «المخبرون» في المخيم لتنعم الحركات الإرهابية بالأمن داخل المخيم من دون علم الدولة بما يدور فيه.

هنا، يجب علينا تذكير أنفسنا كفلسطينيين، قبل غيرنا، أن مخيم عين الحلوة وكل المخيمات الفلسطينية هي على أراضٍ لبنانية، تحت حكم الدولة اللبنانية. أي أننا مرغمون على التعاون مع الدولة اللبنانية لحل الأزمة التي يعاني منها أهلنا في المخيمات، وخصوصاً عين الحلوة، الذي أصبح خطراً علينا كفلسطينيين مع وجود هذه المجموعات المسلحة، كما يشكل خطراً على المجتمع اللبناني والدولة اللبنانية التي حضنتنا لسنين طويلة ريثما نعود الى بلادنا.
هذه الدولة الصغيرة تتحمل ما لا يقل عن ٥٠٠ الف لاجئ فلسطيني، وما لا يقل عن مليون لاجئ سوري، وتعاني أمنياً مما يدور داخل مخيمات اللجوء كلها، من مخيم عين الحلوة الى مخيم عرسال للاجئين مروراً بمخيمات بيروت. ونحن مسؤولون عن القلق الذي نسببه.
أما من ناحية التنسيق الأمني بين الفصائل والدولة، خصوصاً حركة فتح، فإن الحركة أثبتت ضعفها داخل عين الحلوة في آخر الجولات بينها وبين الإرهابيين، ناهيك عن المشاكل الداخلية التي تتسبب بإنهيار الحركة داخلياً وتظهر ضعفها خارجياً.
المخيمات تحتاج أمناً قوياً يحكمها، ويكون قادراً على ضبط الأمن المنفلت. وعلى حركة فتح إعادة النظر بالضعف الذي تعانيه ومحاولة إعادة السيطرة على المخيم، أو إعطاء هذه المهمة لأي فصيل فلسطيني أقوى منها، مما يساعد فلسطينيي المخيم على الشعور بالأمن، ويساعد الدولة اللبنانية التي تعاني من مشاكل داخلية وأمنية في معظم المناطق وهي في غنى عن مشاكل المخيمات.
معاناة أهالي المخيمات، وخصوصاً عين الحلوة، باتت تمنع الكثيرين من أهلها من العيش الآمن، وعلى التنظيمات الفلسطينية التوصل الى حل جذري لهذه المهاترات وطرد الإرهابيين وتسليمهم للسلطات المعنية في لبنان، أو أن تدعو الجيش اللبناني الى دخول المخيمات وحماية أرضه. المخيمات أقيمت لأسباب إنسانية، وهي ملاذ آمن للفلسطينيين حتى عودتهم الى ديارهم، ولم تُقم للضجيج والإقتتال وتصفية الحسابات.
توفيق المصري