القراءة المبتسرة
يهيمن على الكثير من الكتابات عن الانتفاضة السورية، نسق عام يقرأ وفق صيغة: «ولا تقربوا الصلاة» دون إكمال الآية الكريمة «وأنتم سكارى»، وذلك في قراءة مبتسرة وقاصرة، تجتزئ الكلام من سياقه، وتوظفه في مكان آخر، لتقوّل الكاتب ما لم يقله بتاتاً، دون أدنى حرج، وإلى هذا الصنف ينتمي مقال السيد «المفترض» وهيب غزواي، المنشور في صحيفة الأخبار اللبنانية بتاريخ (7/9/2011) تحت عنوان «الانتفاضة السورية: واقعها وأهدافها».
يقول السيد غزاوي في مقاله المنشور، ناقداً ما كتبته: «يكثر الحديث عن الحوار وإمكانه، حتى إنّ بعض المعارضين يلحّون عليه باعتباره الباب الوحيد للخروج من الأزمة. وبعض المثقفين (محمد ديبو مثلاً في مقال له بعنوان «بين إصلاح النظام وإسقاطه؟ ما العمل»، منشور في مجلة الآداب) يعدّون «شعار أولوية الثورة شعاراً مقلوباً لشعار لا صوت يعلو فوق صوت المعركة». تلك مقارنة ظالمة بين شعار استُخدم لتخدير الشعوب عقوداً، لم يُطلق فيها النظام رصاصة واحدة على جبهة الجولان، وشعار انتفاضة وليدة تقدم الشهداء يومياً، هناك اختلاف عميق على الأولويات بين «أولوية الانتفاضة» وأولوية «منع الحرب الأهلية باعتبارها نهاية للانتفاضة». والخيار الأخير يقتضي الحوار مع النظام بحسب شروطه، فهو لا يقدم أي تنازل فعلي، مما يؤدي إلى تنازلات من طرف الثوار تشوه الانتفاضة».
في المقطع السابق، يقوّلني السيد ما يأتي: أنني ساويت بين شعاري «أولوية الثورة» و«لا صوت يعلو على صوت المعركة»، وهذا غير صحيح بتاتاً، ويرى أيضاً أنني أطالب بالحوار مع النظام وفق شروطه، وهذا ليس صحيحاً أبداً.
جاء في مقالي ما يأتي: هنا يخطئ المعارضون الذين يتعاملون مع الدول الغربية، وتركيا تحديداً، كأنّها جمعيّات خيريّة لنقل الديموقراطيّة ومساعدة الشعوب. وهنا يَلْزم المعارضة أن تحدّد وجهة نظرها من هذه القضايا.... وأن تخرج من حالة التخوين والإقصاء التي يمارسها بعضُ أطيافها تجاه آخرين يمتلكون وجهات نظر مغايرة، تحت شعار «أولويّة الثورة»، الذي يغدو شعاراً مقلوباً لشعار «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة».
وبالنسبة إلى اتهامه الثاني، فقد جاء في ختام مقالي المذكور ما يأتي: «وقد يكون عنوان المرحلة المقبلة: استمرار التظاهرات تحت عناوين «رفض التدخل الأجنبي والحرب الأهلية، وإجبار النظام على الحوار»، وفق قواعد الحوار الحقيقيّ، لا قواعد حواره هو، وعلى قاعدة تفكيك النظام تدريجيّاً».
وثالثاً قوّلني السيد غزاوي أنني رأيت أن الحوار هو الحل الوحيد للخروج من الأزمة، وهذا ليس صحيحاً، فهو حل بين الحلول المقترحة لا الوحيد.
محمد ديبو