اختفاء شبلي العيسمي
منذ أن نشرت الصحف خبر اختفاء الأستاذ شبلي العيسمي قبل أشهر، برزت إلى الذاكرة فوراً صورتان: الأولى اختفاء المناضل المغربي المهدي بن بركة عام 1965، والثانية اختفاء الإمام الصدر عام 1978. واختفاء الشخصيات البارزة على أيدي الأجهزة الأمنية الحكومية معروف النتائج، كما قال الصحافي الراحل ميشال أبو جودة عندما تعرض للخطف عام 1974. قال بعد عودته: «أرجو ألّا يسألني أحد عمّا جرى. إذا عاد المخطوف تختفي الحقيقة، وإذا غاب تغيب الحقيقة»، أي إن الحقيقة في الحالتين هي الضحية.
يبدو أن «الحقيقة» باتت معروفة في ما يتعلق بالمفكر الشيخ شبلي العيسمي، ابن الستة والثمانين عاماً، الذي ولد في جبل العرب مع اندلاع الثورة السورية بوجه الاستعمار الفرنسي عام 1925، وكان والده يوسف العيسمي أحد أبرز مجاهدي تلك الثورة.
إنه متخرج من جامعات دمشق وباريس في التاريخ والفلسفة، وأحد أبرز مؤسسي حزب البعث إلى جانب ميشال عفلق وصلاح البيطار وأكرم الحوراني. وشاءت حقبات الانحدار العربي أن يُغتال البيطار في باريس عام 1980، ويغيب عفلق والحوراني في بغداد وعمّان، ويُختطف الرابع في وضح النهار في لبنان.
ليس الهدف أن نسوق الاتهامات عشوائياً، أو بحجة الانتقام من أي فريق، وهذا ما جعلنا نتريث ونؤجل كتابة أي كلام على اختطاف هذا المفكر الجليل. هناك أسئلة تستحق أن نطرحها وننتظر أجوبة عنها؛ لأن الأستاذ العيسمي لم يخطف لأسباب مالية، كما قال السيد وئام وهاب؛ لأنه عاش زاهداً بالمال، ووهب ما يملك من عقارات عديدة لأقاربه، ومن غير الممكن أن يصبح من المرابين في العقد التاسع من عمره.
بطرس عنداري