يحاول العاهل السعودي عبد الله، ومعه النخبة الحاكمة في بلاده، استغلال موضوعة الحوار بين الأديان التي يقوم الملك برعاية الكثير من مؤتمراتها، وذلك لأجل تصوير نفسه زعيماً عالمياً راعياً للحوار. ففي اسبانيا في ٢٠٠٨، وخلال المؤتمر الذي تمت رعايته من قبل السعودية، دافع الملك عن «الحوار البنّاء لأجل فتح صفحة المصالحة الجديدة بعد نزاع طويل»، ولقد حضر ذلك المؤتمر، الذي عُدّ «تاريخياً»، وفود تمثل البوذيين، والهندوس، واليهود، والمسيحيين، خلال العام ذاته، تحدث الملك في مبنى الأمم المتحدة عن انّه «لا ينبغي للأديان التي اراد منها الله عزّ وجل جلب السعادة للإنسانية، ان تكون ادوات لصناعة البؤس.
كل افراد البشرية خلقوا على قدم المساواة وهم شركاء على هذا الكوكب، فهم إما ان يعيشوا بسلام ووئام، او سيكونون لا محالة هالكين بنيران الحقد وسوء الفهم والكراهية».
لا يمكن لأي شخص ان يختلف مع هذه الكلمات الجميلة. على الرغم من كل هذا، كان للبعض في الغرب تحفظات على جهود المملكة السعودية لأجل المصالحة بين الأديان. العديد تساءل لماذا تم عقد مؤتمرات حوار الأديان المرعية سعودياً في الولايات المتحدة الأميركية وفي اسبانيا، وليس في المملكة العربية السعودية؟
إنّ تقرير وزارة الخارجية حول المملكة العربية السعودية لسنة ٢٠١٠ أعلن أنّ «حرية العقيدة غير معترف بها وليست محمية من القانون، إضافة إلى ذلك فهي تعاني من قيود شديدة في الواقع. فاستمرت الحكومة السعودية بممارسة الانتهاكات لحرية العقيدة، حيث تم اعتقال ومضايقة عدد من افراد جماعات غير مسلمة في كل انحاء السعودية فقط لممارستهم طقوس عبادتهم في اماكن خاصة بهم، واستمرت الحكومة في حظر اي طقوس او نشاطات دينية لغير المسلمين في الأماكن العامة. هذا غير الانتهاكات التي يتعرض لها ابناء الطوائف غير السنّية في السعودية كالشيعة الذين يعانون من تمييز يطاول كل شيء في حياتهم اليومية».
إنّ الطريقة المثلى لإقناع العالم بأنّ المملكة العربية السعودية هي قائد حقيقي لمسعى الحوار بين الأديان، هي بأن تبدأ باحترامها للأديان على اراضيها، وكما قال عمر بن الخطاب «حاسبوا انفسكم قبل ان
تحاسبوا».
هل من الممكن تصديق دعوات الحوار التي يرعاها الملك عبد الله، بينما قام بتعيين الأمير نايف ولياً للعهد، وهو المعروف بعدائه وتطرفه تجاه أصحاب المعتقدات المختلفة؟ وهو الذي قال حرفياً إنّ دعم هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر هو واجب على كل مسلم. فتصديق ذلك، هو كمن يصدق انّ الثعلب يحرس قن الدجاج، كما يقول المثل الإنكليزي.
إلى ان يتمتع السعوديون بحرية العبادة في بلدهم، لن ينظر العالم إلا بعيون الشك والريبة لكل مؤتمرات الحوار المرعية سعودياً أينما عقدت في العالم. الآن، حان الوقت لأن تقوم المملكة العربية السعودية بإظهار التزامات الملك التي صرح عنها في مناسبات عدّة، وتقوم باستضافة مثل هذه المؤتمرات في الرياض. لو حصل ذلك فإنّه سيكون حدثاً تاريخياً.
لكن كيف لذلك ان يحصل وهيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر لا تزال فاعلة وبقوة في المملكة، ومنذ اشهر قليلة منح الملك عبد الله مبلغ ٢٠٠ مليون ريال للهيئة؟ الهيئة هي ذاتها التي تقمع اي مظاهر غير مسلمة، وفقاً لمنظورها. فهل ستعتقل الهيئة عدداً من المشاركين في مؤتمر يعقد في السعودية، ببساطة لأنّهم يعلقون الصليب برقبتهم، أو يرتدون «الكيبا» اليهودية على رؤوسهم.
امام الملك عبد الله خياران فقط، إما استضافة مؤتمر الحوار داخل اراضي المملكة. أو ان يوقف ذلك المشهد المسرحي السخيف.
* المدير التنفيذي لمؤسسة «ادفانسينغ هيومن رايتس» وأحد مؤسسي منظمة «منشقو الإنترنت» (خاص «الأخبار»)

* كاتب صحافي لعدة صحف ووكالة انباء اميركية وعالمية مثل "وول ستريت جورنال"، "ذا ديلي بيست"، و"رويترز"
البريد الإلكتروني للكاتب: [email protected]