«كلمة حق»
عندما اندلعت الثورة التونسية، كنت كغيري من ملايين المشاهدين في العالم العربي وافريقيا أشاهد قناة الجزيرة، وأعجب بمراسليها الذين كانوا في قلب الأحداث ينقلون ما يشاهدونه من نضال جماهير تونس العظيمة. وأعجبت بما ظننته مهنية من قناة الجزيرة. وفي ما بعد، عندما قامت الثورة في مصر. واصلت الاستماع إلى قناة الجزيرة وتغطيتها لأحداث مصر، ومنها تلك الأحداث الكبيرة من هجوم ما يسميه المصريون «البلطجية» أو صعاليق نظام حسني مبارك. وهاتان الثورتان استلهم منهما الشباب فكرة الثورة في اليمن وليبيا والبحرين، وحتى عمان. لكني لاحظت شيئاً غريباً؛ فقناة الجزيرة التي غطت أحداث الثورة كلها، لاذت بالصمت المريب بخصوص البحرين. في ذلك الوقت، كانت الشرطة البحرينية والقوات المسلحة البحرينية تعمل قتلاً وقمعاً وتنكيلاً بثوار البحرين. وعندما لم يجد نفعاً هذا القمع، قام ملك البحرين بادعاء أنه سيصدر مراسيم لتلبية مطالب المحتجين والإفراج عن المعتقلين، إلى غير تلك الوعود التي لم تنفذ حتى اليوم. وحينها فقط بدأت قناة الجزيرة في تغطية خجولة لأخبار البحرين من وجهة نظر حكامها وملكهم. عندها فقط بدأوا في هذه التغطية الخجولة التي لم تكن فيها أية صدقية، فالقمع ما زال متواصلاً.
في الواقع، أسباب غضبي ليست فقط بسبب ما تفعله الجزيرة في العالم العربى من تغطية، بل أيضاً في السودان حيث يغطون الأخبار من وجهة نظر الحزب الحاكم، حزب البشير، ويقدمون كل الإمكانات لشرح مواقفه، من ذلك الخداع الذى قام به أمير قطر في دعوته لممثلي المناضلين في دارفور، الذين قتلهم وقتل مواطنيهم البشير في حرب الإبادة التي عرفها العالم جميعاً. ادعى أمير قطر حياده ودعا الفرقاء إلى الدوحة، وعندما جاء هؤلاء وجدوا أن ذلك كان فقط بسبب التعاطف الفعلي لأمير قطر مع نظام البشير. كذلك الأمر في تغطيتهم لأخبار انفصال الجنوب عن الشمال، تغطية كانت دائماً من وجهة نظر البشير، ذلك المجرم الذي كان دائماً داعماً للانفصال.
أرى أن قناة الجزيرة تسبب فوضى في الفهم العربى، ويذكرني هذا بقول الله تعالى في كتابه العزيز: {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين}.

الدكتور محمد صالح حسن
هيوارد، كاليفورنيا