دخل «المختطفون الستة»، المشهورة قضيتهم بهذا الاسم في الضفة المحتلة، يومهم السابع في الإضراب عن الطعام٬ والخامس والأربعين بعد المئة من الاعتقال. هؤلاء المختطفون هم ستة شباب معتقلين إدرايا لدى أجهزة الأمن الفلسطينية، ويقبعون في زنازين السلطة. وتشبه حالهم قضايا الاعتقال الإداري لدى العدو الإسرائيلي، لأنه حتى الآن لم توجّه أي تهمة إليهم ولم يحوّلوا إلى المحاكمة، وكل القرارات التي صدرت بحقهم كانت لتمديد اعتقالهم، آخرها في آب الماضي، حينما مُدد اعتقالهم ٤٥ يوماً إضافياً.و«المختطفون الستة» هم: باسل الأعرج، وهيثم سياج، ومحمد حرب، وسيف الإدريسي، ومحمد السلامين، وعلي دار الشيخ، وتعرضوا جميعا خلال التحقيق معهم «لمختلف أنواع التعذيب والعزل والقمع»، وفق عائلاتهم ومحاميهم وإفاداتهم أمام النيابة العامة. حاول محامو الشبان، بسبب غياب أي تهمة طوال الاعتقال، تقديم طلبات إخلاء سبيل بكفالة، لكن دون جدوى، لأن الأمن الفلسطيني يتذرع بأن إخلاء سبيلهم سيؤثر في السلم العام!
يقول سعيد الأعرج، وهو شقيق المعتقل باسل، إن الشبان تعرضوا للتعذيب، ورشّ الماء عليهم، ومنعوا من النوم في الأيام الأولى من التحقيق. وبسبب ذلك، نقل باسل إلى المستشفى بعد توقف قلبه عن النبض جراء التعذيب، ثم أعادوه إلى التحقيق، ووضعه حاليا سيئ جدا، كما نقل ست مرات للعلاج بسبب معاناته من حصى في الكلى ومرض السكري.
بدأ ستة مخطوفين في سجن فلسطيني إضرابا مفتوحا

كذلك، أفاد المحامي من مؤسسة «الضمير» مهند كراجة، بأن «أجهزة الأمن لم تقدم أي تهمة واضحة ضد الشبان، ولم تكشف عن القضية التي اعتقلوا بسببها... مؤخراً عُزل الستة المضربون عن الطعام كعقوبة على إضرابهم الذي اعتبرته السلطة تمرداً، فوضعوا في زنازين انفرادية لا تتجاوز المتر ونصف المتر، وهو ما يجبرهم على النوم في وضعية الجلوس».
يضيف كراجة، في حديث إلى «الأخبار»، أن الستة مُنعوا من التواصل مع أحد أو حتى من اجراء اتصال هاتفي، مع أنه حقهم القانوني برغم كل ذلك، «هم يصرون على الإفراج الفوري عنهم دون قيد أو شرط... كان من المقرر أن تزورهم عائلاتهم قبل أيام، لكنهم أُبلغوا إلغاء الزيارة بسبب إضراب أبنائهم عن الطعام، فضلا عن أن نظارة باسل صودرت مؤخراً، وهو لا يرى دونها».
يستحضر المحامي ما حدث قبل ليلتين خلال زيارته الشبان مع محام آخر يدعى أنس البرغوثي، قائلا: «جاء باسل بمساعدة شرطي لكونه لا يرى دون نظارته، ولم يستطع تفريقي عن زميلي فسألنا من مهند ومن أنس». وتتذرع إدارة السجن بمصادرة النظارة «خوفاً على باسل من استخدامها للإنتحار»، لكن المحامي يؤكد أنهم رفضوا الحديث مع باسل قبل إحضار نظارته.
حالياً، يقبع «المختطفون الستة» في سجن بيتونيا غرب مدينة رام الله، وسط الضفة، وهو سجن خاص بمرتكبي الجرائم الجنائية، وقد نُقلوا إليه بعد أسابيع من اعتقالهم في سجن لجهاز المخابرات في مدينة أريحا، شمالي شرق الضفة. ويستنكر ذووهم نقلهم إلى سجن جنائي، لأنهم «معتقلون على خلفية سياسية لا جنائية».
يضيف سعيد الأعرج: «أُرسلوا إلى سجن مدني لإذلال عزيمتهم... وتتذرع السلطة بأنها تقوم بحمايتهم من السلطات الاسرائيلية، لكننا نقول لهم ليس مطلوباً منكم حمايتهم، على السلطة حماية الشعب وهؤلاء الشبان قادرون على حماية أنفسهم ومواجهة مصيرهم»، مشيرا إلى أنهم اعتقلوا حينما كانوا يخيّمون في قرية عارورة، شمال رام الله.
أما سهيل الإدريسي، وهو شقيق المعتقل سيف، فيقول: «بالإضافة إلى ما يتعرض له الشبان في السجن، نتعرض أيضاً إلى التفتيش المهين والانتظار لساعات للسماح لنا لزيارتهم». كذلك والد سيف لم يحتمل ما يجري مع ولده، وتضامناً معه انضم إلى الشبان في إضرابهم عن الطعام.
ونظراً إلى تمديد اعتقال الشبان «إدارياً»، تمنى سهيل شقيق سيف ألا تصل عائلات المخطوفين إلى مرحلة يقارنون فيها أنفسهم بعائلات الأسرى الفلسطينيين المضربين في السجون الإسرائيلية.
وبرغم مرور خمسة أشهر على اعتقال الشبان لم تقدم النيابة العامة لائحة اتهامات ضدهم، فيما يقول المحامي كراجة إن «النيابة تطلب تمديد توقيف الشبان بحجة استكمال إجراءات التحقيق٬ لكن التحقيق توقف بعد أول ٢٥ يوماً! ليس لدينا قانون للاعتقال السياسي٬ لدينا قانون العقوبات لذلك يحاولون إلصاق تهم يعاقب عليها قانون العقوبات من أجل إزالة صفة النشاط السياسي والحقوقي عنهم وجعلهم مجرمين كغيرهم».