على دراجاتٍ ملونة ومُزينة بأنواع مختلفة من الورود، من زنبق وياسمين وفل وجوريّ، يجول شابان شوارع ومفترقات طرق قطاع غزة، لبيع بضائعهم. أما من لا يشتري منهما فيمكنه إمتاع بصره بمنظر دراجاتهما الملونة. يشارك صاحب المشروع ياسر الترك (22 عاماً)، وهو خريج جامعي في اختصاص المحاسبة، مع محمد الترك (21 عاماً)، صاحب اختصاص هندسة الحواسيب، ويساعدهما أخواهما مهند وعلي بعمر الـ15 عاماً، خلال إجازاتهما الصيفية للعمل معهما مؤقتاً.يقول ياسر: «فكرة المشروع ليست جديدة. انتشرت في البداية في الأرياف الألمانية وبعدها عُممت في دول أجنبية». أما كيف حطّت الفكرة رحالها في غزة، فأجاب: «طرحت الفكرة على صفحتي على الفايسبوك، ووجدت تشجيعاً وتأييداً، فقررت تجربتها في قطاع غزة».
أما عن سبب اختيار الورد، فلأنه يُستخدم في كل المناسبات: السعيدة والحزينة. كما أن ورود غزة معروفة بجمالها. وكان القطاع من أهم المصدرين إلى أوروبا، بل بلغت قيمة الصادرات من الورد ثمانية ملايين دولار قبل سنوات الحصار.
على دراجاتهم الهوائية، يتجول الترك وأشقاؤه في شوارع مدينة غزة. يلفتون نظر المارة بقبعاتهم المزينة وزيّهم الأبيض المكتوب عليه «بائع الورد». وبالطبع: «الابتسام في وجه المارة» مفتاح أساسي للبيع.
الشابان الجامعيان حاولا إيجاد وظيفة، لكن «البطالة كانت العامل الأول للتفكير في هذا المشروع، واخترنا بيع الورد لأنه مصدر للفرح والسعادة».
وكأي مشروع تجاري، واجه الترك مشكلات مثل عدم توافر مكان لتنسيق الورود واضطرارهم إلى شراء الزهور يومياً. «أسسنا كل شيء بما نملك من المال. وكانت التكاليف محمولة، لكن إذا قررنا شراء معدات وأجهزة تبريد لحفظ الورود فسترتفع التكلفة، لذلك بسبب عدم قدرتنا على ذلك نشتري الورود من المحلات يومياً، لعدم توافر البيئة لدينا للحفاظ على نضارتها».
وبرغم الجهد الذي يبذله الشابان في هذه المهنة، فإن مردودها المادي بسيط، لكن الأهم هو «الدعم المعنوي الذي نحصل عليه من الأصدقاء والأهل، بالإضافة إلى إقبال الناس واستغرابهم الفكرة».
يضيف ياسر: «الوضع الاقتصادي انعكس على الناس، فهم مضطرون إلى شراء مستلزماتهم الأساسية، لكننا نعمل الآن على توسيع المشروع ليكون لنا مكان ثابت لتسليم طلبيات الورود مع بقاء فكرة التجوال، كل هذا يعتمد على إقبال الناس».
ويأمل الترك أن يكون مشروعه «رسالة تشجيع للشباب في غزة لإبتكار مشاريع شبابية مماثلة، أفضل من المكوث في البيت وانتظار فرصة عمل أو تحسن الوضع الاقتصادي». كما يتمنى أن تخصص «الحكومة والمؤسسات ميزانية لدعم المشاريع الشبابية».