استغل رئيس حكومة العدو الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الخلاف حول انطلاق سلطة البثّ (التلفزيون والإذاعة) العام، من أجل قلب المعادلة والتحول من زعيم يتعرض للابتزاز، على خلفية تحقيقات الفساد معه، إلى مبادر للتلويح بخيار الانتخابات المبكرة، التي تؤدي إلى إخضاع منافسيه أو التحصن بالشرعية الشعبية، في حال إجرائها.
في هذا الوقت، تصدرت الأزمة الحكومية وسائل الإعلام الإسرائيلية كجزء من أدوات الضغط التي تستخدم في مثل هذه الحالات عندما يحتدم النقاش حول قضية خلافية محدَّدة، لكن ما تتصف به هذه الأزمة أنها تتسم بطابع مركّب مفاده أن نتنياهو، هو الذي لوَّح بإجراء انتخابات مبكرة، وثانياً أن القضية الخلافية تتمحور حول انطلاق سلطة البث العام في إسرائيل.
وبدلاً من أن يبادر بعض شركاء نتنياهو إلى الضغط عليه عبر التلويح بالانتخابات المبكرة، على خلفية التحقيقات معه حول تهم الفساد الموجهة إليه، بادر بنفسه إلى هذه الخطوة، وهو ما نظر إليه العديد من المحللين الإسرائيليين على أنه محاولة لافتعال أزمة يريد بها إجراء الانتخابات، كي يوقف التحقيقات الجنائية ويفرمل مسار التوصية بتقديم لائحة اتهام ضده، ستحدد مصيره السياسي والشخصي.

يريد نتنياهو افتعال أزمة حكومية لإيقاف التحقيقات الجنائية ضده

وبخصوص الجدوى المفترضة من هذه الخطوة، رأى معلقون أن نتنياهو يهدف إلى القول بعد الانتخابات المبكرة التي يتوقع الفوز بها، إنه «لا حاجة إلى التحقيق، فالشعب نظفه من أي شبهة»، فيما لفت آخر إلى أنه «وفق القانون، الانتخابات تلجم خطوة كهذه، إلى ما بعد إغلاق صناديق الاقتراع»، مضيفاً أنه ما دام لم تصدر توصية بتقديم لائحة اتهام بإمكان نتنياهو فعل ما يشاء في هذا المجال.
في المقابل، يسعى رئيس حزب «شاس» اريه درعي، للحؤول دون سيناريو الانتخابات، والأمر نفسه ينسحب على رئيس كتلة «البيت اليهودي»، نفتالي بينت، الذي دعا إلى منع تفكيك الحكومة، والعمل بمسؤولية وتجنب انتخابات مكلفة ولا حاجة إليها.
على خطٍّ موازٍ، بادر رئيس المعارضة، يتسحاق هرتسوغ، إلى محاولة استغلال الأزمة الحكومية، ودعوة وزير المالية وشريك نتنياهو البارز في الائتلاف الحكومي موشيه كحلون، إلى بحث إمكانية تشكيل حكومة بديلة لمدة محدودة ثم إجراء انتخابات عامة، لكن التقديرات أن هذه الخطوة لن تنجح بسبب معارضة رئيس حزب «يوجد مستقبل» يائير لابيد لها.
في ما يتعلق بالقضية الخلافية، يخوض نتنياهو معركة حقيقية تهدف إلى منع إغلاق سلطة البث وتأجيل انطلاق عملية هيئة البث الجديدة، وهو ما أثار غضب رئيس حزب «كولانو»، كحلون، خاصة أنها ليست المرة الأولى التي يؤجل فيها نتنياهو انطلاقتها. ويعود ذلك إلى أن الأخير يرى في السلطة الجديدة عقبة جدية أمام سعيه للسيطرة على وسائل الإعلام.
وهو يسعى في هذا السياق لإدخال تعيينات في السلطة الجديدة، خلال هذه المدة، لكن مكمن الخطورة في هذا السيناريو أنه يكرس «هيئة البث» كحالة مؤقتة وغير مضمونة، ويمكن تأجيلها مرة تلو الأخرى. كذلك، يمكن مع اقتراب لحظة التزام الاتفاق في انطلاق هيئة البث، أن يجد نتنياهو سبباً آخر لتأجيل إضافي، إلى حين تقويضها نهائياً.
يُشار إلى أن «هيئة البث» تبلورت عام 2015 بموجب «قانون البث العام في إسرائيل» الذي سنَّه الكنيست في 2014، وكان الهدف استبدال «سلطة البث» القائمة بإغلاقها وبإلغائها بعد سنوات من العمل، وبعد تراكم تقارير عدة واتهامات كثيرة بتفشي الفساد فيها.