أخفق رئيس حكومة العدو الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في تسويق إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، القدس «عاصمة لإسرائيل»، إذ لم يكن متوقعاً له أن ينجح في مهمته. لكن في إدراك منه لضرورة ألّا تبدو واشنطن وتل أبيب معزولتين (عالمياً)، ولأهمية موقع أوروبا في شرعنة هذا الإعلان، توجّه نتنياهو بنفسه للقاء وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي.
في المقابل، لم يظهر الأوروبيون أي مرونة في موقفهم، ولم يجاملوا ضيفهم الإسرائيلي، على خلفية تقديراتهم ومخاوفهم من مفاعيل المضي في هذا المسار، وما يمكن أن يترتب عليه من نتائج وتداعيات تتصل بالاستقرار الإقليمي.
برز إخفاق نتنياهو في إصرار المسؤولين الأوروبيين على مواقفهم الرافضة لإعلان ترامب، بل وصفه بالمخالف للقانون الدولي، وهو ما أوضحته وزيرة خارجية الاتحاد، فيديريكا موغريني، خلال المؤتمر المشترك مع نتنياهو، إذ قالت إن الدول الأوروبية «متمسكة بحل الدولتين وفق القوانين والمواثيق الدولية، وبالقدس عاصمة للدولتين»، وقد سبقها في ذلك موقف مماثل للرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، خلال استقباله نتنياهو أول من أمس.
لم تناور موغيريني في موقفها من إعلان ترامب، بل كشفت مواقفها ومواقف المسؤولين الأوروبيين عن قلقهم من مفاعيل هذا الإعلان وتبعاته من أضرار ستلحق بإسرائيل، وهو ما برز في قولها: «كشركاء وأصدقاء لإسرائيل، نعتقد أن المصالح الأمنية لها تقتضي إيجاد حل قابل للاستمرار وشامل» للقضية الفلسطينية. مع ذلك، بيّنت أن الاتحاد الأوروبي «سيكثف جهوده من أجل إحلال السلام»، وسيجري محادثات مع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، الشهر المقبل.
في السياق نفسه، أتت إدانة ماكرون لإعلان ترامب، والتشديد أمام نتنياهو على أن فرنسا ترى أن الحل الوحيد الذي يتوافق مع القانون الدولي هو «حل الدولتين»، إذ تكون فيه القدس «عاصمة لفلسطين وإسرائيل». كذلك لفت إلى أنّ إعلان ترامب «يخالف القانون الدولي ويشكل خطراً على عملية السلام»، مضيفاً: «هذا الأمر يتم من خلال المفاوضات، وفرنسا ستدعم أي مبادرة لتحقيق ذلك».
في المقابل، كان التباين حاداً بين المسؤولين الأوروبيين مع نتنياهو الذي رأى أن إعلان ترامب «يجعل السلام ممكناً، لأن الاعتراف بالواقع هو جوهر السلام وأساسه». وأوضح أن الإدارة الأميركية الآن، بعد إعلان ترامب، تبذل «جهوداً لطرح اقتراح جديد للسلام». كذلك دعا إلى ضرورة «إعطاء السلام فرصة»، معبّراً عن اعتقاده بضرورة أن «نرى ما هو مطروح وما إذا كان يمكن أن نحقق تقدماً تجاه هذا السلام».
وفي محاولة لاستدراج الاتحاد الأوروبي إلى تبني الموقف الأميركي، أعرب عن اعتقاده بأنه «رغم أننا لم نصل إلى اتفاق بعد، فإن ذلك سيحدث في المستقبل... أعتقد أن جميع، أو بعض، الدول الأوروبية ستنقل سفاراتها إلى القدس وتعترف بها عاصمة لإسرائيل وتتعاون معنا بقوة من أجل الأمن والرخاء».
وكان نتنياهو قد توجه إلى بروكسل من أجل لقاء وزراء خارجية الاتحاد، وقبل ذلك بحث مع الرئيس الفرنسي في باريس التطورات في الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية وإعلان ترامب والاتفاق النووي مع إيران. وهو اختار أوروبا كي يردد الأدبيات الصهيونية، مشدداً على أن «القدس كانت دائماً عاصمتنا. ولم تكن يوماً عاصمة أي شعب آخر. إنها عاصمة إسرائيل منذ ثلاثة آلاف عام وعاصمة الدول اليهودية منذ سبعين عاماً».