ما كشفه نائب رئيس «الإدارة المدنية الإسرائيلية»، العقيد أوري مندس، عن وجود خمسة ملايين فلسطيني في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، مستثنياً فلسطينيي القدس الشرقية المحتلة وباقي الأراضي المحتلة عام 1948، والذين يبلغ عددهم وفق «مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي»، 1.8 مليون شخص، نزل كالصاعقة على رؤوس النواب اليمينيين في الكنيست الإسرائيلي. وبحسب «مكتب الإحصاء المركزي»، بلغ عدد اليهود عشية رأس السنة العبرية في أيلول من العام الماضي، 6.5 ملايين نسمة، في مقابل 6.8 ملايين فلسطيني يعيشون في فلسطين التاريخية، بحسب معلومات مندس، الذي اعتمد فيها على «المكتب المركزي الفلسطيني للإحصاء».
هذه الأرقام التي كشفها مندس أمام لجنة «الخارجية والأمن» التابعة للكنيست، تسبّبت في جدلٍ، خصوصاً بعد تشكيك النواب اليمينيين في الأرقام المطروحة. في هذا الإطار، قال عضو الكنيست موطي يوغيف، الذي يرأس اللجنة الفرعية لـ«شؤون يهودا والسامرة» في «لجنة الخارجية والأمن»، إنّ «مندس يضخّم الأرقام لأنّه، وفقاً له، في عام 2016 تم التبليغ عن 80 ألف حالة ولادة، و8 آلاف حالة وفاة، وهذا يعكس متوسط عمر غير قائم في أي مكان في العالم».
الطيبي: اقترب حلم انتخاب رئيس حكومة عربي لإسرائيل


من جهته، طالب عضو الكنيست عن حزب «يش عتيد»، عوفر شيلح، بعدم «الاعتماد على أرقام ومعطيات دائرة الإحصاء الفلسطينية، ويكفي الاستماع إلى الخبراء الإسرائيليين الذين يقرّون اليوم جميعاً بأنه بين النهر (الأردن) والبحر (المتوسط) توجد اليوم بصعوبة غالبية يهودية». وأضاف «إذا أخرجنا من الحسبان مليوني فلسطيني في قطاع غزة، نحصل على أرقام لها دلالة واحدة؛ إذا لم ننفصل عن الفلسطينيين، فلن تبقى إسرائيل دولة يهودية أو ديموقراطية. فإمّا الذهاب إلى الانفصال أو تعريض الحلم الصهيوني للخطر». بدوره، رأى رئيس اللجنة من حزب «الليكود» والرئيس السابق للـ«شاباك»، آفي ديختر، أنّ «هذه الأرقام كانت مفاجئة، وإذا كانت صحيحة فعلاً فهي تبعث على القلق».
وقال رئيس «المعسكر الصهيوني» المعارض، يتسحاق هرتسوغ، خلال جلسة اللجنة: «إن معطيات الإدارة المدنية تشكّل إشارة تحذير للقيادة الإسرائيلية التي لا تدرك حجم خطر الدولة الثنائية القومية، وتؤصّل واقعاً لا يمكن قلبه، وعلى كل من يخاف على الدولة القومية الوحيدة لليهود أن يساند هدف الانفصال عن الفلسطينيين ودعم حل الدولتين».
من جهته، قال رئيس حزب «العمل»، أفي غباي، «نتحدث عن خمسة ملايين فلسطيني لن يذهبوا إلى أي مكان. على الرغم من التأييد الرائع الذي نحصل عليه من (الرئيس الأميركي) دونالد ترامب ومن (مستشار الأمن القومي) جون بولتون، فإن مسؤولية تنفيذ الانفصال تقع على عاتقنا وحدنا».

«وضعٌ غير قابلٍ للحياة»
ورأت مجموعة «الطاقم الأميركي ــ الإسرائيلي للديموغرافيا»، والتي أجرت إحصاءً أظهر أن عدد الفلسطينيين في الضفة المحتلة هو مليون ونصف مليون، أنّ «الفلسطينيين تمكنوا، بذكاء، من إضافة مليون مواطن آخر إلى إحصاءاتهم».
وفي حديث إلى إذاعة جيش العدو، قال الخبير السكاني البروفسور سيرجيو ديلا فيرغولا (أهم خبير في الديموغرافيا الإسرائيلية)، إنه «سيكون هنا عرب أكثر بقليل ويهود أقل بقليل». مؤكداً أن «المعطيات التي نُشرت هي من السجل المستقل للجيش، وهي صحيحة باستثناء قيد واحد، هو أنها تشمل عملياً أشخاصاً موجودين خارج البلاد، لكنها أقلية تتكوّن من بضعة آلاف، ولا تؤثر على الصورة العامة».
وحذر ديلا فيرغولا اليمين الإسرائيلي من أنه «بوجود غالبية يهودية مؤلفة من 80 في المئة أو أقل بقليل، مثلما هو الوضع اليوم (داخل الخط الأخضر)، بالإمكان وصف إسرائيل بدولة الشعب اليهودي أو دولة يهودية». أضاف «إذا أضفنا الضفة، فإن الغالبية تتراجع إلى 60 في المئة، وإذا أضفنا غزة فإن الغالبية اليهودية تنخفض إلى 50 في المئة، وهذه لم تعد غالبية ولن تكون هناك دولة يهودية، ولن يكون هناك وجود لدولة إسرائيل التي فكرنا فيها». وفي حال عدم احتساب قطاع غزة في هذا الميزان الديموغرافي، بادّعاء أن إسرائيل انسحبت منه، قال ديلا فيرغولا إنّ «النسبة هي 60 إلى 40 (%) وهذا لا يسمح ببقاء إسرائيل. لا توجد دولة في العالم مع نسب كهذه بين شعبين». وتابع «دول كهذه ستتفكك. هذا ما حدث في قبرص. النسب هناك 82 إلى 18 وتفكّكت، والأمر نفسه حدث في تشيكوسلوفاكيا ويوغوسلافيا. لذلك هذا وضع غير قابل للحياة».
وفي حديث إلى موقع «واينت»، قال إن «الإسرائيليين مسنّون أكثر، لذلك لديهم وفيات أكثر. وهكذا، بينما الفرق في الولادات لم يعد كما كان في الماضي، فإنّ الفرق في الوفيات يعمل كله لمصلحة العرب».

«الحلم يتبدّد»
في المقابل، علّق رئيس «القائمة المشتركة»، عضو الكنيست أيمن عودة، على هذه المعطيات، قائلاً: «بين نهر الأردن والبحر يعيش عددٌ متساوٍ من الفلسطينيين واليهود، وهذه ليست معلومات جديدة، لذلك فإن المفترق الذي نوجد فيه الآن واضح: إما دولتان على أساس عام 67، أو دولة واحدة هي دولة أبارتهايد، أو دولة ديموقراطية واحدة يملك فيها الجميع الحق في التصويت؛ ليس هناك خيار آخر، ويجب على الأقل قول هذه الحقيقة البسيطة».
بدوره، قال النائب أحمد الطيبي، رئيس «الحركة العربية للتغيير»، إنّ هذه المعطيات تؤكّد أن «حلم الدولة اليهودية الديموقراطية يتبدّد، وحلم دولة المساواة الديموقراطية هو الذي يقترب، ويقترب معه أيضاً حلم انتخاب رئيس حكومة عربي في هذه الدولة».