غزة | منذ مدة طويلة، تتواصل في شكل مباشر الحرب الاستخبارية بين المقاومة الفلسطينية ودولة الاحتلال، وقد وصلت إلى ذروتها في الأيام الأخيرة بعدما عمدت «كتائب القسّام» (الجناح العسكري لحركة حماس) إلى عملية فحص شاملة لشبكة اتصالاتها السلكية الخاصة، أدت لكشف عدد من أجهزة التجسس التي زرعتها الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بعد الحرب الأخيرة على غزة عام 2014.ووفق مصادر تحدثت إلى «الأخبار»، فإنّ «كتائب القسام فككت خلال الفترة الأخيرة عدداً من أجهزة التجسس الإسرائيلية زرعت على شبكتها السلكية الخاصة، حيث كانت تهدف هذه الأجهزة للتنصت على الاتصالات الخاصة بقيادة القسام، علماً أنّ أخطرها هو ما كُشِفَ في المنطقة الوسطى (في غزة) أول من أمس، حيث يقطن قائد أركان الكتائب مروان عيسى، الذي يعيش في مخيم البريج شرقاً».
وفي بيان صدر أمس، كشفت «كتائب القسام»، عن تفاصيل جديدة متعلّقة باغتيال ستة من عناصرها في تفجير وسط قطاع غزة، مساء أول من أمس. وقالت إنّ «المقاومين كانوا في مهمة أمنية وميدانية كبيرة، حيث كانوا يتابعون أكبر منظومة تجسس فنية زرعها الاحتلال في قطاع غزة». وأكدّت أنّ «الشهداء نجحوا بعد عمل وجهد دؤوب في الوصول إلى تلك المنظومة الخطيرة... وأفشلوا هذا المخطط الاستخباري التجسسي الكبير الذي كان يُعوِّل عليه العدو وأجهزة استخباراته»، معلنة أنّ «الشهداء ارتقوا خلال تعاملهم مع هذه المنظومة الخطيرة التي كانت تحمل في تركيبتها التفجير الآلي (التفخيخ)».
وعلى رغم الخسارة البشرية الكبيرة لدى «القسام»، فإنّها حققت ضربة أمنية كبيرة ضد الاحتلال بعد إبطالها، في مجمل المدة الأخيرة، جميع أجهزة التجسس الإسرائيلية على شبكة الاتصالات الداخلية، وهو «ما أثار غيظ الجهات الاستخبارية الإسرائيلية التي أعدت للانتقام من المهندسين الذي كشفوا هذه الأجهزة»، وفق المصدر.
ولا تزال التحقيقات التي يُجريها الجناح العسكري لـ«حماس» في قضية زرع أجهزة التجسس متواصلة، وبخاصة زراعة منظومة تجسس كبيرة وملغمة بعبوات شديدة الانفجار في منطقة داخل قطاع غزة، وهو الأمر الذي يثير الشكوك بأن هناك عملاء للاحتلال هم من زرعوا هذا الجهاز والعبوات في المكان الذي يُعتبر سرياً.
ليست المرة الأولى التي يقوم فيها الاحتلال بتلغيم أجهزة التجسس


وعلى ما يبدو، فهي ليست المرة الأولى التي يقوم فيها الاحتلال بتلغيم أجهزة التجسس داخل قطاع غزة، إذ انفجرت سابقاً عدة أجهزة تجسس بعد لحظات من كشفها، فيما قصف الاحتلال أجهزة أخرى بالطائرات، «إلا أنّها المرة الثانية التي تؤدي لاستشهاد من يحاولون تفكيكها»، وفق المصدر.
ضمن هذا الإطار، كشف رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية، خلال تشييع شهداء «القسّام» أن المقاومة الفلسطينية أحبطت خلال الفترة الماضية مئات العمليات الأمنية والاستخبارية في غزة، مشيراً إلى أن «الشهداء حفظوا العمق الأمني ومئات المجاهدين بعد عملية استخبارية عميقة»، مؤكداً أنّ «المقاومة، وعلى رأسها حماس وجيشها القسام، تخوض معارك على جبهات متعددة، منها المسلح، والأمني، والشعبي، والسياسي، والإعلامي، وعلى أكثر من صعيد».
إلى ذلك استشهد أمس، ثلاثة شبان فلسطينيين، عرف منهم اثنان، هما بهاء قديح 23 سنة، ومحمد أبو ريدة 20 سنة، إثر إطلاق قوات الاحتلال المتمركزة خلف السلك الفاصل شرق بلدة خزاعة جنوب قطاع غزة، النار صوبهم، بزعم اقترابهم من «السلك الحدودي». وادّعى متحدث باسم جيش الاحتلال بالقول: «قوات الجيش أطلقت النار على 3 فلسطينيين كانوا يحاولون عبور السياج الحدودي في جنوب قطاع غزة والإضرار بالبنية التحتية الأمنية في السياج، وقتل اثنان منهم على الفور، فيما تم احتجاز جثمان فلسطيني ثالث، بينما اعتقل شخص رابع كان يحمل كاميرا للتوثيق وضبط بحوزتهم فأس وقطاعة وكمامة وقفازات وحقيبة وزجاجتان من البنزين».
يذكر أن مسيرات العودة بدأت في الـ30 من الشهر الماضي، حيث تزامنت مع ذكرى «يوم الأرض» الفلسطيني. وفي حين من المقرر أن تبلغ المسيرات ذروتها بتاريخ 15 أيار/ مايو الجاري (موعد نقل السفارة الأميركية إلى القدس)، ارتقى حتى الآن، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية، 53 شهيداً، وحوالى ستة آلاف جريح.
على صعيد آخر، في الوقت الذي لا يزال الموظفون التابعون لحكومة التوافق في قطاع غزة ينتظرون تنفيذ وعود رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، بصرف رواتبهم المتأخرة عن شهر آذار الماضي، إذ قال فجر الجمعة الماضي: «غداً سنصرف رواتب أخواننا الموظفين في غزة»، أعلنت وزارة المالية أن ما قاله عباس يقصد به الراتب الذي استلمه الموظفون في غزة في الثالث من الشهر الجاري بنسبة 50 في المئة. وهو ما عده الموظفون «خداعاً» تعرضوا له لتمرير عقد المجلس الوطني وتجاوز قرار صريح برفع العقوبات عن قطاع غزة، خصوصاً أنهم تقاضوا نصف راتب عن شهر آذار، بينما لم تصرف لهم رواتب عن شهر نيسان الماضي.
من ناحية ثانية، جددت كل من «حركة حماس» و«الجهاد الإسلامي» و«الجبهة الشعبية» رفضهم لمخرجات المجلس الوطني، مؤكدين أنهم لا يبحثون عن الشواغر، التي تركها عباس لهم «في حال أرادوا الانضمام لمنظمة التحرير».