لم يترك جيش العدو الإسرائيلي وسيلة إلا واستخدمها من أجل قمع «مسيرات العودة وكسر الحصار» في غزة. تارة بالقناصة والطلقات الحيّة، وتارة بقنابل غاز الأعصاب التي تلقيها طائرات من دون طيار، وأخرى بالقصف المدفعي أو الجوي... وأخيراً حمّل طائراته المسيّرة كتلاً نارية فقذفتها، صباح اليوم، على خيام العودة ونقاط التثبيت الطبية، وذلك في محاولة فاشلة منه لردع المتظاهرين عن المشاركة.بحسب موقع «واينت» (التابع لصحيفة «يديعوت أحرونوت»)، فإن «طائرات من دون طيار إسرائيلية، ألقت قبيل بدء المسيرة عدداً من الكتل (الشعل) النارية على دواليب مطاطية، وخيام العودة التي أقامها المتظاهرون على طول السياج الفاصل». وقد تسبب ذلك باندلاع حرائق وتصاعد أعمدة الدخان، قبل تمكّن الفرق الطبية من السيطرة على النيران.
من جهتها، أعلنت «الهيئة الوطنية العليا لمسيرة العودة وكسر الحصار»، أن «إقدام الاحتلال على حرق بعض الخيام وإطارات السيارات التي تستخدم في الاحتجاج عن طريق طائرات استطلاعيّة، إنما هو دليل واضح على تخبّط العدو وخوفه من الجماهير التي ستخرج اليوم».
وكانت «الهيئة» قد دعت الشعب الفلسطيني في أماكن وجوده كافة، إلى المشاركة في «مليونية القدس»، التي تُنظّم اليوم، للأسبوع الحادي عشر على التوالي، وتأتي بالتزامن مع «اليوم العالمي للقدس»، وذكرى النكسة.
وفي غزة، ناشدت «الهيئة» الفلسطينيين بالتوجه إلى خيام العودة المنصوبة منذ الـ30 من آذار الماضي، على مقربة من السياج الفاصل بين القطاع وبقيّة الأرض المحتلة عام 1948. ومن المفترض أن يستقل المواطنون بعيد صلاة الجمعة، الحافلات من أمام الجوامع، حيث ستقلهم إلى الشريط للمشاركة في المسيرة التي ستبدأ بعيد الصلاة.
أمّا في مدينة القدس المحتلة، فقد عزّزت شرطة الاحتلال وعناصر حرس الحدود من وجودهم، لا سيما في محيط الحرم القدسي، والشوارع والأزقة القريبة من البلدة القديمة؛ مانعين أي طفل فلسطيني يفوق عمره الـ12 عاماً من الدخول إلى القدس.
من جهتها، دعت حركة «حماس» في الضفة الغربية المحتلة، الجماهير إلى الزحف نحو القدس المحتلّة، الجمعة، والاعتكاف في المسجد الأقصى طيلة الأيام الأخيرة من شهر رمضان.
وكان رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إسماعيل هنية، قد أكد، أمس، عشية «يوم القدس العالمي»، أنّ «صفقة القرن تريد جعل إيران وفصائل المقاومة الفلسطينية العدو الجديد في المنطقة بدل إسرائيل».
وفي السياق، غرّد القيادي في حركة «الجهاد الإسلامي»، داوود شهاب، على صفحته في موقع «توتير»، قائلاً إن «الرسالة الأهم لمليونية القدس، يجب أن تصل من خلال تكثيف المشاركة والحشد الجماهيري. يجب إدارة هذه المواجهة بوعي وحكمة. المسيرات يجب أن تتواصل بأقل الخسائر. هذا اليوم هو للرباط والاعتصام في مخيمات العودة».


من جهة أخرى، أعلن جيش العدو الإسرائيلي، اليوم، رفع حالة التأهب والجاهزية، استعداداً لمواجهة «مليونية القدس»، على طول السياج الفاصل. وبحسب تقديرات الجيش، فمن المتوقع أن يتوجه عشرات الآلاف من الفلسطينيين في القطاع إلى السياج، في ساعات الظهر، للمشاركة في المسيرة.
ووفق ما نقلته صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فإن الجيش الإسرائيلي نشر خلال ساعات الليل مئات القنّاصين، وعدداً من كتائب المشاة من لوائي «401»، و«غولاني». وفي وقت سابق، نُشرت بطاريات القبة الحديدية في منطقة الجنوب، خشية إمكانية إطلاق قذائف وصواريخ من القطاع، باتجاه المستوطنات الإسرائيلية.
يأتي ذلك بعد يوم واحد على إلقاء الطائرات الحربية الإسرائيلية، منشورات تهديدية تحذّر سكان القطاع من «المشاركة في المسيرة، ومن المسّ بالسياج أو أي محاولة للتسلل، أو القيام بعمليات ضد أهداف إسرائيلية».
يُشار إلى أن طيران العدو كان قد أنهى، أمس، مناورة جوية تحاكي قتالاً على جبهتي الشمال والجنوب.