برغم القلق الذي يسود أوساط «حماس» بشأن عواقب الحرب، حيث تريد الحفاظ على المسيرات الأسبوعية من جهة، و«مدّ الحبل» لجر الجيش الإسرائيلي إلى حرب من جهة أخرى، تخلص التقديرات الإسرائيلية إلى أن «الحرب الواسعة ليست إلا مسألة وقت».وقد نقلت صحيفة «هآرتس» العبرية عن مصادر أمنية قولها إن «رئيس حماس، يحيى السنوار، مصمّم على الإسراع في إعادة تأهيل قطاع غزة». كذلك نقلت هذه المصادر، عن السنوار، رسائل قالها في حوارات مع المصريين، مفادها بأنّه «سيكون على استعداد لتقديم تنازلات لتحقيق ذلك، في حين يبقى موضوع السلاح ومسألة نزعه خارج أي مناقشات أو مفاوضات من هذا النوع»، وحتى لو تسبّب ذلك في اندلاع حرب، فإن «الحركة غير مستعدة نهائياً لمناقشة موضوع سلاح المقاومة».
مع ذلك، يسعى الجيش الإسرائيلي والقيادة السياسية إلى تفادي التصعيد، ويريدان تأجيل المواجهة المحتملة لأبعد وقتٍ ممكن، حيث تكون إسرائيل قد أكملت بناء الجدار الإسمنتي حول قطاع غزة (أي بعد عام ونصف العام). وفي خلال الأسابيع الأخيرة، توجّهت قيادات عسكرية وأمنية في منطقة الجنوب إلى الحكومة لتقديم بعض التسهيلات من أجل تحقيق الهدوء في غزة. ولكن حتى الآن، لا توجد أيّ خطوات إسرائيلية على الأرض، حيث ينصبّ اهتمام المجلس الوزراي المصغر (الكابينيت) على جبهة الشمال.
الكلام في «هآرتس» عن أنّ الحرب «مسألة وقت»، يتوافق أيضاً مع تقرير حول الموضوع نفسه في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، والتي قالت إن «غزة هي معضلة إسرائيل»، إذ إنه مرت حتى الآن أربع سنوات على العدوان الأخير على القطاع «دون التوصل إلى قرار نهائي حول ما تريده إسرائيل من غزة». والمعضلة، بحسب الصحيفة، تتمثّل في ما لو «كانت إسرائيل تريد التوصل إلى تسوية سياسية أم تسعى لحسم عسكري... وهو ما لم تجب عليه إسرائيل حتى الآن».
فالمستوى السياسي الإسرائيلي، يراهن على مصر للتوصل إلى تهدئة طويلة الأجل مع غزة، ومنع الانجرار نحو مواجهة عسكرية شاملة مع «حماس». لكن، بحسب «يديعوت»، فإن المستوى العسكري «يعتقد بأنّ الأمور قد تتطوّر بسرعة وتصل إلى مرحلة المواجهة». وعلى ما يبدو، فإنّ «المنظومة الأمنية الإسرائيلية، تعتقد بأنّ إسرائيل وصلت إلى مفترق طرق مع غزة. وبالتالي بات على الحكومة أن تقرر بوضوح ما الذي تريده من القطاع؛ التوصل إلى تسوية سياسية، أو حسم عسكري؟».
من وجهة نظر «الكابينت»، فإنّ التسوية تتعلّق في المجالات الإنسانية فقط، مع التركيز على التوصل إلى اتفاق يقضي بوقف إطلاق نار طويل الأمد. أمّا بالنسبة إلى المستوى العسكري، فإنّ الحسم يتمثّل بعملية عسكرية واسعة النطاق تنهي حكم «حماس» نهائياً. وفي الوقت الذي تتخبّط فيه إسرائيل لتحسم خيارها، تقدّر المنظومة الأمنية أن «حماس لا ترغب في حرب جديدة، ولكنها لن تتردد في البدء فيها للتخلص من أزماتها الكبيرة في القطاع».
وعليه، تخلص الصحيفة إلى القول إن «الحكومة الإسرائيلية تكرّر أخطاءها، وبدلاً من بحثها عن حل جدّي تشرك فيه أطرافاً دولية وإقليمية لإنهاء أزمة غزة، تجري مجرد نقاشات شكلية (داخل الوزاري المصغر)، وتنتظر حدوث الانفجار، الذي بات قريباً جداً».