غزة | حسمت حركة «حماس» موقفها من دعوة جهاز «الاستخبارات العامة» المصرية لها لزيارة القاهرة، لكن من دون إيفاد رئيس مكتبها السياسي، إسماعيل هنية، أو حتى قائدها في غزة، يحيى السنوار، لتدفع عوضاً عن ذلك بوفد مشترك من قيادة غزة والخارج، على رغم أن الدعوة أشارت إلى هنية شخصياً. التغيير في الموقف، وفق مصادر مقربة من الحركة، يأتي في ضوء رسالة إلى المصريين حول «الانزعاج من الطريقة التي تتعامل فيها السلطات المصرية معنا... وتأخيرها جميع الوعود التي أعطيت للوفود التي زارت القاهرة خلال الأشهر الماضية»، فيما كانت «حماس» قد أوفت بما طلب منها كلياً، من مثل تأمين الحدود الجنوبية لقطاع غزة مع الأراضي المصرية كلياً، وحل «اللجنة الإدارية» للقطاع، وحصر الملفات المركزية بيد المصريين من دون سواهم، كالتهدئة والجنود الأسرى ومستقبل غزة. في المقابل، ترى «حماس» أن السلطات المصرية لم توفِّ أياً من الخطوات التي وعدت بها، بما في ذلك تحسين الواقع الاقتصادي لغزة بصورة حقيقية وملموسة، أو إلزام «فتح» في السير نحو المصالحة أو تطبيق أي من ملفاتها، ولاحقاً رفع العقوبات التي فرضتها السلطة على القطاع، وتنفيذ وعود أخرى ضمنتها مصر، منها الإفراج عن مختطفين فقدوا في مصر منهم حمساويون. ولا يحسب عملياً سوى التسهيل الجزئي في عمل معبر رفح، الذي «عليه ملاحظات كثيرة أيضاً... هناك تجاوب كلامي فقط، لكن لا ينفذ شيء من الوعود»، تكمل المصادر.
لم تطلق القاهرة سراح المختطفين ولم تحسّن واقع غزة

بناء على ذلك، سيذهب وفد الحركة خلال الأسبوع الجاري (غالباً الأربعاء)، وسيضم من غزة خليل الحية وروحي مشتهى، كما يلحق بهما من الخارج نائب رئيس المكتب السياسي صالح العاروري ومعه موسى أبو مرزوق وحسام بدران، على أن تتناول اللقاءات، بعد التعرف إلى وزير الاستخبارات الجديد، ملفات عدة أبرزها العلاقات الثنائية وسبب التضييق المصري على الآلاف من عناصر الحركة ومنعهم من السفر عبر معبر رفح، إضافة إلى «مواصلة الرفض المصري لمغادرة قيادة الحركة في جولة خارجية». أيضاً، ستكون الطروحات السياسية والإنسانية والمفاوضات غير المباشرة مع الاحتلال من أبرز الملفات، لكن الموقف الحركي المتفق عليه هو «رفض الربط بين ملف الحصار والجنود الإسرائيليين الأسرى... لكن لا مشكلة في اتفاق شامل يضم الأسرى والتهدئة وكل الملفات».

عرقلة للمصالحة
أما في شأن المصالحة، فتنوي «حماس» أن تطلب «إشراك جميع الفصائل في حوارات المصالحة ولقاءاتها، مع إيجاد ضمانات لضمان سير المصالحة من دون إعاقة من أحد، وذلك مع ضرورة تراجع السلطة عن عقوباتها، وعقد الإطار القيادي الموحد، وتشكيل حكومة وحدة تمهد لانتخابات رئاسية وتشريعية ومجلس وطني». في المقابل، تواصل «فتح» رفض عقد لقاءات ثنائية للمصالحة مع «حماس»، أو عقد لقاءات تضم الفصائل الأخرى، فيما استبق عضو اللجنة المركزية للحركة، عزام الأحمد، وصول وفد «حماس» بتأكيد أن «كل المؤشرات من حماس وتصريحاتها تؤكد أنها سلبية، ولن تتجاوب مع متطلبات المصالحة»، مطالباً إياها بـ«ضرورة أن تسلم كل شيء في غزة... أو سندرس إجراءات جديدة ضد غزة». وعلمت «الأخبار» أن نائب الأمين العام لـ«الجهاد الإسلامي»، زياد النخالة، موجود في مصر كذلك، في زيارة تعارفية مع وزير الاستخبارات، من دون أن تكون لوجوده صلة ببحث ملفات المصالحة. مع هذا، عقدت قيادة الفصائل الثلاثة، «حماس» و«فتح» و«الجهاد»، في بيروت، لقاء الأحد الماضي، استضافته الأخيرة، وشمل حضور السفير أشرف دبور، وممثل «حماس» علي بركة. واتفق في اللقاء، كما تفيد مصادر سياسية، على «عزل ساحة لبنان عن إشكالات المشهد السياسي الفلسطيني، وإعادة تفعيل اتفاق على تفعيل قيادة التحالف لمتابعة التطورات الأخيرة، خصوصاً تقليصات الأونروا المستمرة، والإشكالات الأمنية والمعيشية».

إسرائيل تشدد الحصار
قررت الحكومة الإسرائيلية منع إدخال معظم السلع إلى غزة عبر معبر «كرم أبو سالم» بدءاً من أمس إلى إشعار آخر. ويتضمن القرار منع إدخال معظم السلع عدا المواد الغذائية والمستلزمات الطبية والأبقار والأعلاف والقمح والقش، وأيضاً منع حركة التصدير من القطاع كلياً. يأتي هذا القرار، وفق وزير الأمن أفيغدرو ليبرمان، كردّ فعل على تواصل إطلاق الطائرات الورقية الحارقة باتجاه مستوطنات «غلاف غزة»، إذ قال: «أريد أن أوضح لرؤساء حماس في غزة: لا أحد يعيقه التصعيد أو المواجهة الواسعة، ولن نستوعب روتين الحرائق في غلاف غزة». في هذا السياق، أوضح المتحدث باسم جيش العدو أن القرار صدّق عليه رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن، وكان مقدماً من رئيس الأركان، غادي ايزنكوت، الذي طالب أيضاً بـ«تقليص مساحة الصيد في بحر غزة من 9 أميال بحرية إلى 6». وفي المقابل، ردت «حماس» بالقول إن القرار الإسرائيلي «جريمة جديدة ضد الإنسانية تضاف إلى سجل الاحتلال الأسود بحق شعبنا الفلسطيني وأهلنا في القطاع». إلى ذلك، أعلنت «الهيئة الوطنية لمسيرات العودة وكسر الحصار» إطلاقها الرحلة الثانية من «سفن الحرية»، كما قررت تنظيم «مسير بحري» بالتزامن مع سفن «كسر الحصار» التي ستنطلق نحو غزة الشهر المقبل، محملة الاحتلال المسؤولية عن سلامة المشاركين.