غزة | انتهت الجولة الأخيرة، والجديدة، من اللقاءات بين حركة «حماس» والقيادة الجديدة للملف الفلسطيني في جهاز «المخابرات العامة» المصرية على نسق الوعود ودراسة العروض. تخطّت الزيارة مبدأ التعارف، بين اللواء أحمد عبد الخالق، الذي تسلّم الملف خلفاً للواء سامح نبيل، ووفد الحركة، لتنتقل إلى مربع «القلق» المصري من أن تتجاوب القيادة الحمساوية مع عروض أخرى تأتي من البوابة الأممية أو القطرية، طالبين أن تكون القاهرة «العنوان الرئيسي» الذي ستنفذ به أي خطوات تحسينية لغزة، خاصة أن رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية، ورئيسها في غزة يحيى السنوار، اعتذرا عن عدم القدوم.وعلمت «الأخبار» أن الوفد الحكومي من غزة، الذي زار القاهرة قبل قرابة أسبوعين، أي قبل زيارة وفد «حماس» في الأيام الماضية، كان قد تلقّى عروضاً مصرية لتحسين الواقع الاقتصادي ولدفع «حماس» إلى قبول صيغة التحسينات مقابل ضمان الهدوء في غزة ووقف «مسيرات العودة» والطائرات والبالونات الحارقة. آنذاك، اقترحت السلطات المصرية على الوفد، الذي ترأسه وكيل وزارة المالية في غزة يوسف الكيالي، إدخال جميع ما يحتاج إليه الغزيون من مصر، من بضائع ومحروقات وغاز، وأيضاً زيادة كمية الكهرباء المصرية إلى أكثر من 100 ميغاوات بدلاً من 22، وهي التفاصيل التي أعيد طرحها مع قيادة «حماس» التي جاءت غالبيتها من مكتب الخارج.
مع ذلك، أكثر ما كان يشغل بال الوفد جملة من الإشكالات، على رأسها منع قيادة المكتب السياسي في الداخل من إجراء جولة خارجية، والتضييق المتعمد في السفر على جميع عناصر الحركة، بما في ذلك الحالات الإنسانية والمرضية، وكذلك إيقاف ملف التنسيقات الخاصة بالفصائل الفلسطينية للممنوعين من السفر، وهو ما سمعوا بشأنه وعداً بالعمل على حله «من دون أن يؤثر في الأمن القومي المصري». كذلك، تكرر البحث في الملف الأمني وتطوير تأمين المنطقة الحدودية بين غزة ومصر، ومواصلة العمل ضد تنظيم «داعش» في سيناء، والتضييق على العناصر المتطرفين، وهو ما أبدت الحركة بشأنه انفتاحاً كاملاً للتعاون.

الملف العالق
أما بشأن المصالحة، فقال مسؤولو «المخابرات العامة» إنه لا مشكلة لديهم بشأن المقترحات الحمساوية حول «إقامة حكومة وحدة وطنية من الفصائل يتم تمكينها في غزة والضفة تجهز لانتخابات فلسطينية تشمل الرئاسة والتشريعي والمجلس الوطني» كعرض شامل لحل المشكلات كافة، لكنهم نقلوا الشروط التي قدمتها قيادة «فتح» خلال زيارتها للقاهرة قبل أسبوعين، برئاسة عضو «اللجنة المركزية» للحركة عزام الأحمد، التي طالب فيها بتمكين السلطة كلياً في غزة. هنا أكدت «حماس» للمصريين أن الظروف الأخيرة تدفعها إلى تجاوز إكمال عملية التسليم والتسلم، وكذلك قضية التمكين بالمفهوم الفتحاوي، وأن الخيار الأفضل هو الذهاب إلى «حكومة وطنية غير منحازة تعمل على حل جميع الإشكالات، بضمان من القيادة المصرية، وبسقف زمني».
إذا لم تقبل السلطة أن تمر الحلول عبرها، فستتكفل القاهرة ذلك


أما عن الخطة «ب» في حال لم تستطع «حماس» و«فتح» الاتفاق، فتم الاتفاق على «تشكيل حكومة جديدة تجهز للانتخابات، فيما سيضغط المصريون على (رئيس السلطة) محمود عباس لقبولها، وإلا فسيُبحث في خيارات أخرى» لم تتم تسميتها، لكنها بعيدة عن جو المصالحة.
في المقابل، قال أمين سر «اللجنة المركزية لفتح»، جبريل الرجوب، إن وفداً من حركته سيتسلم ردود «حماس» عقب لقاء مع المخابرات المصرية (يتوقع أن ينجز ما بين الليلة واليوم). وأضاف، في حديث إذاعي أول من أمس، أن «الكرة في ساحة حماس، ونأمل أن يراجعوا موقفهم ويفكروا جدياً في إطار ومصلحة الوطن ومستقبل قضيتنا... بعيداً عن سياق الأجندات الخارجية والأيديولوجية». وبشأن لقاء مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، قال الرجوب: «بوتين استمع إلى الرئيس عباس عن موقفه لبناء الشراكة من خلال مصالحة وتوافق وطني يرتكز على برنامج الدولة وبرنامج فيه... سلوك المقاومة ذات الطابع الشعبي»، مستدركاً: «أبلغنا الروس وكل الأطراف أن المصريين هم المكلفون والمنتدبون من الجامعة العربية على مدار السنوات الـ11 الماضية لقيادة هذا الحوار».

العروض الدولية والقطرية
فيما يتعلق بالعروض الدولية، والقطرية، لتحسين الواقع في غزة، ناقش المصريون مع «حماس» ما ورد أخيراً إلى الحركة، بما فيها أفكار المنسق الخاص للأمم المتحدة لـ«عملية السلام» في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، التي لا يزال يُعمل على إيجاد تمويل دولي وعربي لها، وهو قد أنهى جولة خليجية في هذا الشأن. هنا شددت القاهرة على أن «أي حلول يجب أن تكون مصر عنوانها وبوابة تنفيذها، وأن يكون للسلطة الفلسطينية سيادة في غزة لتنفيذها، وإلا فستكون عبر مصر حصراً». لكن «حماس»، التي لم تعترض على ذلك، طالبت بضغوط مصرية على «فتح» للعودة إلى المصالحة بشرط «تحمل كامل الاستحقاقات، بما في ذلك الموظفون والمؤسسات ورفع العقوبات... أو أن يبدأ المجتمع الدولي تنفيذ مشاريعه ويتجاوز السلطة».