غزة | بينما دعت السلطات المصرية حركة «حماس» إلى زيارة القاهرة من أجل استكمال المباحثات التي انتهت بـ«جدار مصري ــــ فتحاوي» يتمثل بتحقيق المصالحة والتنازل للسلطة الفلسطينية قبل السير في طريق التهدئة، تستعد الحركة للذهاب إلى «ضغط ميداني كبير على حدود قطاع غزة» وذلك لعرقلة ما ترى أنه معادلة لـ«حرق الوقت« يمارسها الإسرائيليون والمصريون.وبجانب دعوة «حماس»، وُجّهت دعوات لفصائل أخرى، فيما قال مصدر حمساوي لـ«الأخبار» إن المصريين طلبوا زيارة الوفد للتباحث في عدد من الملفات، بما فيها التهدئة مع الاحتلال والمصالحة، بالإضافة إلى ملف الجنود الإسرائيليين الأسرى، مستدركاً: «الحركة لديها خشية من أن تكون هذه المباحثات مجرد إضاعة للوقت، كما حدث أخيراً». كذلك، لدى «حماس» خشية من أن تكون جولة المباحثات الجديدة محاولة للضغط عليها لتقديم المزيد من التنازلات للسلطة، بما في ذلك تمكين حكومة «الوفاق الوطني» دون التزام الأخيرة اتفاق 2011، وأن تكون هذه التنازلات شرطاً جديداً لتحسين الواقع في القطاع، ولذلك لن يخرج غالباً رئيس «حماس» إسماعيل هنية أو قائدها في غزة يحيى السنوار.
جراء ذلك، يحمل الوفد، الذي من المرجح أن يصل الى العاصمة المصرية الأحد المقبل، رسالة حسماوية حول التهدئة «تشمل سقفاً زمنياً» في ضوء تجمد المباحثات وتأخرها على نحو يظهر أنه متعمد، مع استمرار الضغط الإنساني والاقتصادي. وتشير الرسالة إلى «إمكانية تراجع حماس عن التفاهمات المبدئية التي تم التوافق عليها بشأن حدود غزة وتستند إلى تفاهمات التهدئة بعد حرب 2014». أيضاً، من المقرر أن يناقش الوفد، الذي سيضم «قيادات وازنة»، ملف الجنود الأسرى، وذلك للاطلاع على «تطورات جديدة طرأت على الملف» وفق المصريين بعد مباحثات أجرتها إسرائيل مع المخابرات المصرية. واعترف العدو ضمنياً لأول مرة بأن جنوده في غزة يمكن أن يكونوا على قيد الحياة، وذلك على لسان منسق الأسرى والمفقودين السابق، ليئور لوتان، الذي قال إن «أي اتفاق تسوية قادم مع حماس يجب أن يتضمن إعادة الجنود في غزة. وعندما تنتهي قضية الأسرى، فإن حماس سوف تُفاجأ بمستوى المعلومات التي كانت لدينا، وطالما لا يوجد دليل آخر، فإن الافتراض العملي هو أن الجنود على قيد الحياة».
تخشى الحركة من اشتراطات جديدة عليها وإضاعة الوقت مجدداً


وبشأن الوضع على الحدود، علمت «الأخبار» أن توافقاً بين «حماس» و«الجهاد الإسلامي» وعدد من الفصائل تمّ بشأن العودة إلى الضغط الميداني على الحدود والرد على أي خرق إسرائيلي بصورة قوية ومتواصلة «لإرغام الاحتلال على الإسراع في تقديم حلول للمشكلات المتفاقمة، وللخروج من دوامة حرق الوقت التي يمارسها عدد من الأطراف». وتتوافق هذه الرؤية مع التخوفات الإسرائيلية التي تحدثت عنها صحيفة «معاريف» العبرية أمس، إذ أشارت إلى أن «الوضع الأمني في القطاع متوتر جداً وقريب من الانفجار، رغم أن التهدئة التي تحققت بين إسرائيل وحماس بفضل جهود رئيس المخابرات المصرية اللواء عباس كامل ومبعوث الأمم المتحدة نيكولاي ملادينوف لا تزال قائمة، لكنها هشة».
يجري كل ذلك في ظل تقدير حمساوي أن رفض مصر رعاية التهدئة والتقدم فيها إلا بعد إنجاز المصالحة هدفه «سحب أي إنجاز من تحت أقدام المقاومة، والتعامل مع الواقع الميداني في القطاع عبر نظرية إطفاء النيران وليس تقديم حلول حقيقية وعملية». وليس بعيداً عن دعوة «حماس»، يصل اليوم (الاثنين) وفدان من الجبهتين «الشعبية» و«الديموقراطية» إلى القاهرة للبحث في ملفَّي المصالحة والتهدئة. ووفق مصدر في «الشعبية»، تتجه الجبهتان «لإعادة تحريك الدور المصري وإحداث تقاربات في موضوعي المصالحة والتهدئة». وفي الوقت نفسه، يصل وفد من «فتح» إلى القاهرة غداً (الثلاثاء) برئاسة القيادي عزام الأحمد للتباحث في ملف المصالحة أيضاً، لكن «الشعبية» نفت أن يكون هناك تنسيق مسبق للقاءات مع الأحمد.
إلى ذلك، ذكرت صحيفة «هآرتس» أمس أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أوصت المستوى السياسي في إسرائيل بالعمل على إنشاء بديل من «وكالة غوث وتشغيل اللاجئين» (الأونروا) في غزة، وذلك لـ«تجنب انهيار الوضع الإنساني، بما قد يؤدي إلى تصعيد لا يمكن تجنبه». وأشارت الصحيفة إلى أنه سينظم نهاية الشهر الجاري اجتماع في نيويورك للدول المانحة لغزة، بمشاركة وفد إسرائيلي «سيطالب المشاركين بإنشاء جسم موازٍ بديل من الأونروا يتولى مهمة تقديم المساعدات الغذائية وإدارة مدارس الوكالة ودفع رواتب موظفيها».