عبرَ «طرفٍ ثالث»، شرعت إسرائيل، أخيراً، بتحويل مواد تتعلّق بعدوانها على قطاع غزة في صيف عام 2014، إلى المحكمة الجنائية الدوليّة في لاهاي. السبب، كما كشفت صحيفة «هآرتس»، هو «تخوّفها» من أنّ المواد التي قدّمتها وزراة الخارحية الفلسطينية ومنظمات حقوقية، للمحكمة، يمكن أن تدين مسؤولين إسرائيليين بارتكاب جرائم حرب.وبدأت «الجنائية الدوليّة» منذ عام 2015 التحقيق في «احتمال» ارتكاب تل أبيب جرائم حرب خلال عدوانها على غزة عام 2014، الأمر الذي دفع إسرائيل إلى العمل ـــــــ من خلال طرف ثالث ـــــــ على تحويل مواد للمحكمة يمكن أن تدعم موقفها الذي يُنكر ارتكابها تلك الجرائم.
ضمن هذا الإطار، ذكرت الصحيفة العبرية أنّ إسرائيل رفضت في 2015 التعاون مع «الجنائية»، على اعتبار أنّه «ليس من صلاحيات الأخيرة التحقيق في الصراع الإسرائيلي ــــــ الفلسطيني، لأنّ إسرائيل ليست عضواً فيها، وفلسطين ليست دولة». ولكن مع تقدّم التحقيقات بشأن العدوان، بدأ القلق يسود الأوساط الأمنية والسياسية في إسرائيل، خشية تقديم قادتها للمحكمة وإدانتهم بارتكاب جرائم حرب، ومن ثمّ منعهم من دخول عددٍ من دول العالم. الأمر الذي قد يؤثر ـــــــ إذا ما أدينت ـــــــ على سياستها الخارجية وخطابها أمام الرأي العام العالمي.
بحسب الصحيفة، فإنّ السبب الرئيس لاستعانة إسرائيل «بصديق» أمام المحكمة، هو أنّ التحقيقات التي فتحتها «الجنائية» باتت في مراحلها الأخيرة؛ الأمر الذي دفع بمسؤولين إسرائيليين، على رأسهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إلى التشاور مع قانونيين، وتقرَّر تقديم مواد للمحكمة، عبر طرف ثالث، من شأنها أن تساعد في تكوّن نتائج تحقيقات داعمة لموقف إسرائيل.
المواد التي سلّمتها إسرائيل للمحكمة ليست «مواد أمنية»، وإنّما مواد خطية تسرد الأحداث التي جرت عام 2014، وبينها تقارير وبنود ونصوص خاصّة بالقانون الإسرائيلي. وبحسب الصحيفة، فإنّ «إسرائيل معنيّة بالتوصل إلى تفاهمات مع المحكمة»، لذلك تجري المباحثات معها بسريّة تامة.
وحتى الآن، تنحصر تحقيقات المحكمة بالجرائم التي من المحتمل أن إسرائيل ارتكبتها في عدوانها عام 2014، وليس تلك التي ارتكبتها أخيراً ضدّ المتظاهرين السلميين في «مسيرات العودة وكسر الحصار»، وقتلت فيها أكثر من 221 فلسطينياً، وعشرات آلاف الجرحى، منذ آذار/ مارس الماضي.