الجزائر | رفض 53 فلسطينياً محتجزين في مركز إيواء في ولاية تمنراست (2000 كلم جنوبي الجزائر العاصمة)، الانصياع لقرار ترحيلهم الصادر عن السلطات، والذي خيّرتهم فيه بين 8 وجهات (سوريا وتركيا والسودان وإثيوبيا ومالي وموريتانيا وتشاد والنيجر). وذكر بعض المحتجزين أن السلطات هدّدتهم بترحيلهم إلى وجهة غير معروفة إذا رفضوا المغادرة، إذ رأوا ذلك قراراً تعسفياً بحقهم، لأن مصيراً مجهولاً ينتظرهم في الدول الثماني. ففي رسالة مكتوبة بخط اليد، ناشد الفلسطينيون الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، التدخلَ العاجل لإبطال قرار ترحيلهم، ودعوا السلطات العليا في البلاد والسلطة الفلسطينية وكذلك المنظمات الحقوقية التوسط، قائلين: «نخاطبكم اليوم وكلنا استياء من هذا القرار الصادر من بلدنا الثاني الجزائر التي عهدنا مواقفها التاريخية مع شعبنا الفلسطيني». ويعاني المحتجزون من ظروف إقامة مزرية بسبب حرمانهم الخروج من المركز الذي لا تتوافر في ظروف العيش المناسبة، ما تسبّب في تدهور الحالة الصحية لغالبيتهم، إذ نقل عدد منهم إلى إلى المستشفى أكثر من مرة خلال مدة الاحتجاز التي فاقت شهرين ونصف شهر، ومنهم أطفال لا يقوون على مواجهة الطبيعة الصحراوية القاسية في المدينة، الأمر الذي ضاعف من مأساتهم في ظل الإهمال الرسمي. وقبل نحو أسبوعين، تظاهر في قطاع غزة عدد من عائلات المحتجزين من أجل الضغط على السلطات الجزائرية لإطلاق سراحهم. لكن تلك الوقفة لم يكن لها أثر في مسار الأحداث، إذ جاء قرار الترحيل بعد ذلك بأيام، رغم أنه وصلتهم ضمانات بقبول إقامتهم في البلاد، علماً بأنهم يتهمون السفير الفلسطيني لدى العاصمة بالتحريض على ترحيلهم (راجع العدد 3628 في 1 كانون الأول).
وفي حديث مع «الأخبار»، قال النائب حسن عريبي إنه وجّه رسالة إلى الرئيس بوتفليقة في هذه القضية، معبراً عن أمله في أن تتحرك السلطات لإيجاد حلّ عاجل، «لأن ترحيل هؤلاء الفلسطينيين، إذا حدث، فسيكون سابقة خطيرة في تاريخ الجزائر التي ظلت منذ استقلالها ترفع لواء الدفاع عن القضية الفلسطينية ونصرة أهلنا في أرض الرباط». عريبي، الذي ينتمي إلى حزب «جبهة العدالة والتنمية»، يرى أن مبررات الترحيل «واهية وغير موضوعية تماماً، لأن مطالبتهم بالوثائق الشرعية لا يستقيم وهم طالبو لجوء، فالكل يعلمون أن اللاجئ بمجرد مغادرته بلاده مضطراً إلى يتلف جواز سفره حتى يتجنّب إعادة ترحيله من الدول التي يمر عليها قبل الوصول إلى وجهته».
اتهم نائب جزائري السفير الفلسطيني بالتقصير في متابعة القضية


كذلك، قال النائب إن السفارة الفلسطينية لا تقوم بدورها المتمثل في الدفاع عن رعاياها، مشيراً إلى أن السفير لؤي عيسى «لم يتناول هذا الموضوع على الإطلاق، رغم أن هذا من واجبه». وأشار عريبي إلى أن هذه القضية، التي باتت تتحدث عنها منظمات دولية مثل «هيومن رايتس ووتش»، ستكون لها «تداعيات سلبية» على صورة الجزائر، مضيفاً: «ترحيلهم في هذه الظروف قد يشكل خطراً حقيقياً على سلامتهم». وفي الرسالة التي كتبها إلى الرئيس، أبدى أسفه من «أن تنصاع الجزائر وتنحاز إلى جهة فلسطينية ربما لها دور في تعطيل وصول هؤلاء إلى الظفر بالتأشيرة الجزائرية ثم رفض منحهم حق اللجوء، رغم تسليم أنفسهم للشرطة في تمنراست، بعد علاقات تاريخية مميزة بين الشعبين الشقيقين» وذكر أن من «مساوئ المصادفات أن يُبلغ لهم هذا القرار الصادم وغير المقبول يوم الإثنين 10 ديسمبر، المصادف لليوم العالمي لحقوق الإنسان والذكرى الـ70 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان».
وكان السفير عيسى قد قال قبل يومين إن الطرف الفلسطيني «على استعداد لتطبيق كل القرارات التي تخرج بها السلطات الجزائرية لاحتواء مشكلة اللاجئين». وسبق لمصادر حقوقية محلية أن ذكرت أن الخارجية الجزائرية تلقت طلباً فلسطينياً للنظر في وضع هؤلاء بعد نداءات الاستغاثة التي وجهتها عائلاتهم.
وبحسب رواية المحتجزين، فإنهم عبروا الحدود عبر موريتانيا بنية الوصول إلى العاصمة الجزائرية، لكنهم تعرضوا للإيقاف في الحواجز الأمنية لأنهم لا يملكون تصاريح رسمية للدخول، ما دفع السلطات إلى احتجازهم وعرضهم على المحكمة التي قضت بسجنهم 3 أشهر حبساً غير نافذ بتهمة الدخول بطرقة غير شرعية، ثم وضعوا في مركز الإيواء المخصص لترحيل اللاجئين الأفارقة.