غزة | رفعت المقاومة الفلسطينية مستوى الجاهزية لديها عبر الاستنفار والتأهّب على مستوى الأجنحة العسكرية كافة، بما شمل إخلاء المواقع والمراصد الحدودية، في ضوء تقدير بإمكانية الذهاب إلى مواجهة عسكرية قريباً، من أجل تحقيق أهداف واضحة في شأن الوضع الإنساني في قطاع غزة. ويقول مصدر في المقاومة، لـ«الأخبار»، إن قراراً توافقت عليه الفصائل، بالعودة إلى المقاومة الشعبية، مع استخدام أدوات ضغط جديدة ضدّ مستوطنات «غلاف غزة» ومواقع جيش العدو.هذا الأمر لمسته إسرائيل منذ أيام، فأبدت استعدادات ميدانية مقابلة، في وقت نقل فيه محرّر الشؤون العربية والفلسطينية في «القناة العبرية العاشرة»، تسيبي حزكيلي، أن «حماس تشعر بنوع من القوة حالياً، ولا مشكلة لديها في جولة قتال محدودة يحدث فيها قصف للمستوطنات والمدن إذا تطلّب الأمر». وأضاف حزكيلي: «هي (الحركة) تعي جيداً كيف تسير السياسة في إسرائيل، وتعلم أن عملية واسعة ضد القطاع لن تحدث قبل الانتخابات، وأن أي مواجهة تكتيكية قد تنتهي باتفاق يقوده الوسيط المصري».
مع ذلك، تتواصل المباحثات المتعددة الأطراف مع «حماس». فالمصريون الذين قادوا الوساطة السابقة، يواصلون محاولاتهم إقناع الحركة بالحفاظ على الهدوء، وهو ما ردّت عليه الأخيرة بأنه لا معنى له في ظلّ تنصّل الاحتلال من تعهّداته في المرحلتين الأولى والثانية من التفاهمات، شاكية في الوقت نفسه «بطء الإجراءات المصرية المتفق عليها... بجانب استمرار إغلاق معبر رفح منذ قرابة شهر».
وعلمت «الأخبار» أن «حماس» أبدت استياءها من مواصلة القاهرة إعاقة الجولة الخارجية لقائدها إسماعيل هنية بطريقة غير مباشرة، مع أنها أبدت موافقتها أخيراً على خروج هنية في جولة أخرى بخلاف زيارته للعاصمة الروسية موسكو التي تأجّلت حتى نسيان/ أبريل المقبل، ثم سرعان ما تراجعت ورهنت ذلك بفتح «رفح» في الاتجاهين. وفي ما يخصّ المعبر، جدّد وزير الشؤون المدنية في السلطة، حسين الشيخ، رفض عودة موظفيها إلى المعبر.
يواصل المصريون محاولاتهم إقناع «حماس» بالحفاظ على الهدوء


من جهة أخرى، تواصل الأمم المتحدة مباحثاتها التي يقودها منسّقها لعملية «السلام» في الشرق الأوسط نيكولاي ميلادينوف، ونائبه جيمي ماكغولدريك، مع «حماس». هنا، تفيد المصادر بأن الحركة أوضحت للأمم المتحدة أن «المطلوب هو الضغط على الاحتلال الذي يتنصّل من تفاهمات كسر الحصار». ووفق مصدر قيادي في الحركة، توصّلت الفصائل الفلسطينية في مباحثاتها الأخيرة إلى اقتناع بأن الاحتلال لن يقدّم شيئاً حتى انتهاء الانتخابات، ولذلك «تقرّر رفض المنحة القطرية والذهاب إلى التصعيد».
يتوافق ما نقله القيادي «الحمساوي» مع تصريحات عضو المكتب السياسي للحركة، خليل الحية، خلال مسيرات يوم أمس، حيث قال: «يوم شعرنا بأن الاحتلال يتلكّأ، ويحاول أن يجعل بعض بنود هذه التفاهمات حالة من الابتزاز لشعبنا استجابة لمتطلّبات الناخب الصهيوني، رددنا المنحة الثالثة في وجهه». وأضاف الحية متوجّهاً إلى رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو: «لنرَ، هل ستعطيك هذه السياسة مقاعد جديدة أم ستسقطك في الانتخابات؟».
في غضون ذلك، عقد رئيس «اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة»، السفير محمد العمادي، مؤتمراً في غزة أمس، أعلن فيه أنه بعد رفض المنحة تمّ التوافق على صرف أموالها لمشاريع إنسانية بالتنسيق الكامل مع الأمم المتحدة، وذلك «لمساعدة الأسر الفقيرة أو تحسين مشاريع الكهرباء ووزارة الصحة أو التشغيل المؤقت (للعمال)». وذكر العمادي أنه سيوقع أول اتفاق مع الأمم المتحدة الاثنين المقبل، بقيمة 20 مليون دولار للتشغيل المؤقت من 4 إلى 6 أشهر. ورأى العمادي أن «هناك أطرافاً تسعى إلى استغلال المنحة من أجل الدعاية الانتخابية وتحصيل مواقف سياسية»، مضيفاً إن من «حق الشعب الفلسطيني التظاهر... على أمل أن تكون مسيرات العودة اليوم (أمس) هادئة». وأشار إلى أنه طلب من الوزير الشيخ مراجعة قرار السلطة سحب موظفيها من معبر رفح، مضيفاً إن الأخير «وعد بمراجعة الأمر مع الرئيس محمود عباس».
على الصعيد الميداني، استشهد إيهاب عطا الله عابد (٢٥ عاماً) شرقي رفح، جنوب القطاع، وأصيب 22 آخرون؛ منهم 14 طفلاً (أحدهم بحالة خطيرة) خلال مشاركتهم في الجمعة الـ 44 لـ«مسيرات العودة». أما في الضفة المحتلة، فاستشهد مساءً أيمن أحمد حامد (16 عاماً)، وأصيب آخر، جراء إطلاق الاحتلال النار عليهما في بلدة سلواد شرقي رام الله وسط الضفة، في وقت حمّلت فيه «الجهاد الإسلامي» العدو «المسؤولية الكاملة» عن استهداف القيادي في الحركة أحمد دار نصر (٥٦ عاماً) من قرية كفر نعمة، غربي رام الله، أثناء مشاركته في المسيرات الشعبية، حيث استهدفه الجنود برصاصة في الرأس.