رام الله | وسط أجواء التطبيع العربي مع العدو الإسرائيلي، والكشف المستمر عن لقاءات لرئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو، مع قادة دول عربية، وإعلان الصحف العبرية توجهه إلى المغرب قريباً، عمل العدو في الأيام القليلة الماضية على إغلاق باب الرحمة (أحد أبواب المسجد الأقصى). لكن أهل المدينة كعادتهم فاجأوا العدو برفضهم الإجراءات التي يسعى نتنياهو إلى فرضها على المقدسيين وسط الجو الانتخابي الإسرائيلي. فليلة الـ18 من الشهر الجاري، تسلل جنود العدو ليلاً إلى منطقة باب الرحمة (الباب الذهبي)، وأقفلوا بالسلاسل بوّابة حديدية نصبوها أمام الدرج المؤدي إلى المبنى، لكن شباناً مقدسيين حطّموا البوّابة ثلاث مرات خلال يوميْن. جراء ذلك، سارع العدو إلى إجراء محادثات مع «الأوقاف الإسلامية» التابعة للأردن، أفضت إلى استبدال قفل العدو بقفلٍ تضعه «الأوقاف» لنزع فتيل الأزمة، لكن الشبان حطّموا البوابة وقفلها مجدداً. في الليلة التالية، رابط عشرات المقدسيين في ساحة الرحمة وأدّوا الصلوات هناك، ثم ازدادت أعدادهم تدريجياً على رغم حملة الاعتقالات التي شنها العدو. وفي وقت لاحق، انطلقت دعوات إلى «النفير للمسجد الأقصى (اليوم) وإقامة صلاة وخطبة الجمعة أمام باب الرحمة شرق المسجد»، طالبة الوجود منذ صلاة الفجر حتى العشاء «لتفويت أي فرصة على الاحتلال للاستيلاء على الباب، واستكمال النصر الذي بدأه المصلون من خلع للبوابة الحديدية المؤدية إلى الدرج».
محاولة العدو السيطرة على منطقة الباب ليست جديدة، لكنْ قابلتها دائماً حملة مضادة من المقدسيين. ففي العام الماضي، نفّذ الفلسطينيون حملة تنظيف واسعة للمقبرة المحيطة بالباب، حيث وضعوا مقاعد وزرعوا أشجاراً، لكن سلطات العدو قابلت هذه الخطوة برد سريع فاقتلعت الأشجار وخرّبت كل ما بناه المقدسيون.
وكانت جماعة «أمناء الهيكل» الاستيطانية قد أطلقت دعوات علنية لبناء كنيس يهودي في محيط «الرحمة»، فيما استولت حكومة العدو على جزء من مقبرة الباب، وهي من أكبر مقابر المدينة المحتلة، كما هدمت أضرحة فيها لتنفيذ مشروع «تلفريك» يمتد من جبل الزيتون حتى باب الرحمة. وتسعى حكومة نتنياهو بالإغلاق الحالي إلى فصل «الرحمة» عن بقية مناطق الأقصى والسيطرة عليها تماماً كما فعلت مع حائط البراق، وذلك لإتاحة المجال أمام المستوطنين لبناء كنيسهم.
تفيد مصادر مطّلعة، في حديث إلى «الأخبار»، بأن «المقدسيين مصرّون على كسر إرادة العدو وإفشال إغلاق باب الرحمة»، مضيفة أنه «من المتوقع أن يتواصل رباط المصلّين، أما اتساع دائرة التصعيد خلال الساعات المقبلة، فهي مربوطة بمستوى تعامل العدو مع الفعاليات». أياً يكن، ما يجري الآن يعيد التذكير بـ«معركة البوابات» عام 2017 التي أرغم المقدسيون فيها العدو على نزع البوابات الإلكترونية التي وضعها بعد تنفيذ عملية داخل الأقصى. وكما عبّر خطيب المسجد، الشيخ عكرمة صبري، فإن مواجهة «الرحمة» قد تكون طويلة، مشيراً إلى أن المقدسيين لا يعوّلون على جهاتٍ خارجية بل على أنفسهم والميدان.