لا تزال الخلافات بين أقطاب حركة «فتح» على وراثة رئيس السلطة، محمود عباس، مستمرة، خاصة مع سعي كثيرين إلى ترسيخ نفوذهم تجهيزاً للحظة التي ستلي رحيل «أبو مازن». تقول مصادر «فتحاوية» مقربة من عباس إن «خلافات شديدة اندلعت داخل أروقة السلطة، أدت إلى تهديد عباس بقلب الطاولة على رؤوس الجميع»، قائلة إن «حجم المعلومات والتسجيلات الصوتية والتقارير الأمنية التي تصل إلى الرئيس تحتاج منه التفرغ كاملاً لقراءتها والاستماع إليها».وحصلت «الأخبار» على تسجيل صوتي لعضو اللجنتين «التنفيذية لمنظمة التحرير» و«المركزية لفتح»، عزام الأحمد، وهو في جلسة داخلية ورد فيها قوله إنه «أكبر من أبو مازن (رئيس السلطة) ومن رئيس الحكومة (رامي الحمدالله)».
كذلك، تشير المصادر، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أن «خلافات طاحنة» تدور بين عضو «المركزية» جبريل الرجوب من جهة، وبين التحالف المستجد الذي يجمع نائب رئيس «فتح» محمود العالول، وعضو «المركزية» وزير الشؤون المدنية حسين الشيخ، ورئيس جهاز «المخابرات العامة» ماجد فرج. وكان الرجوب قد أعلن رفضه المعونة الأميركية المُقدَّمة إلى الأجهزة الأمنية، فيما شدد فرج على ضرورة إعادة العلاقات مع الولايات المتحدة، على الأقل من الناحية الأمنية، لأن واشنطن من وجهة نظره هي «الضامن الأساسي لاستمرار السلطة».
وتسلّم «أبو مازن» تقارير عن اتصالات بين مسؤولين أمنيين فلسطينيين، وضباط من «وكالة المخابرات المركزية» (سي آي إيه) في السفارة الأميركية (المنقولة إلى القدس المحتلة أخيراً)، مكلفين التواصل مع الجانب الفلسطيني حول الشأن نفسه. وكانت الحكومة الفلسطينية قد طلبت من الإدارة الأميركية وقف تمويل أجهزتها الأمنية، بدءاً من نهاية كانون الثاني/ يناير الماضي، بسبب تخوّف السلطة من إمكانية مقاضاتها من عائلات أميركية في حال استمرار تلقيها المعونة، جراء قانون جديد في الولايات المتحدة ضد الإرهاب سيعرّض القيادة الفلسطينية لدعاوى قضائية ضخمة.
انقسمت الحركة إلى جبهتين: الأولى بقيادة الرجوب، والثانية بزعامة العالول


وتلفت المصادر نفسها إلى أن حجم التقارير التي تصل إلى «أبو مازن» عن أسماء كبيرة في السلطة جعلته يستعين بنجلَيه طارق وياسر بصورة كبيرة في المدة الأخيرة، لمساعدته في إدراك حقيقة ما يجري. إذ صار ياسر عباس، الأكثر قرباً من الوسط السياسي والاقتصادي، لا يفارق والده في جلساته واجتماعاته ولقاءاته، وهو ما بدا واضحاً في حضور ياسر لقاءات «أبو مازن» الأخيرة في العراق، ولقائه رئيس الوزراء هناك.
في السياق نفسه، بات وشيكاً إعلان رئيس حكومة تسيير الأعمال، الحمدالله، رفض تكليفه إعادة تشكيل الحكومة اعتراضاً منه على الإساءات التي وُجهّت إليه من قيادات الصف الأول في «فتح». ونقلت مصادر في الحركة أن المرشح الأوفر حظاً لتولي المسؤولية هو الاقتصادي محمد مصطفى، الذي ورد اسمه في قضايا من ضمنها تحقيق «الأخبار» عن شراء طائرة عباس، كما ورد اسمه في أوراق «بنما» (تهرُّب ضريبي).
وفي سياق الصراع «الفتحاوي» الداخلي، تشهد الحركة تصادماً مستمراً على خلفية محاولة موالي الرجوب محاصرة امتداد منافسه العالول. وفي هذا الإطار، ألقى الأمن القبض على مجموعات حاولت تهريب سلاح الأخير، فيما يعمل «المخابرات» لدعم العالول ومساعدته في السيطرة على مفاصل «فتح» في الضفة.