أنقر على الصورة لتكبيرها
في قراءة للوثيقة، يتبين أن السلطة تدرج عمليات التمويل هذه في إطار تقديم مساعدات لـ«إسرائيليين» لا فلسطينيين تحت الاحتلال، بدليل أن اللجنة المسؤولة مُوصّفة على أنها معنية بـ«المجتمع الإسرائيلي». وبذلك، تُعدّ الأحزاب العربية في نظر السلطة أحد مكونات «المجتمع الإسرائيلي» وليست ممثلة لفلسطينيي الداخل. يضاف إلى ما تقدم أن الموازنات المشار إليها تنحصر في أطراف تمثل امتداداً لنهج السلطة، وعلى رأسها أحمد الطيبي الذي يمكن النظر إليه كمستشار لعباس من داخل إسرائيل. مع هذا، من غير المستبعد أن تكذّب رام الله هذه الوثيقة وتنكر فحواها، ويمكن أيضاً أن تفعل ذلك الأحزاب التي شاركت في الانتخابات، لأن مثل تلك المساعدات تمثّل إساءة لها، وإدانة تستوجب ملاحقة قانونية وفقاً للقوانين الإسرائيلية التي تدرج الأمر ضمن تلقي المال السياسي.
وبينما أشير إلى دور أردني في هذا السياق، لكنّ مصادر كثيرة تنفي أن تكون عمّان قد تورطت في عملية تمويل، في ظلّ حالة الاحتقان الشعبي والغضب المتزايد من الوضع الاقتصادي، ولكن أمكنها تقديم دعم بطريقة أخرى. وظهر ذلك في الترويج للمشاركة في التصويت عبر الكتّاب والصحافيين، عدا استضافة رموز من أعضاء الكنيست العرب خلال عدد من المناسبات في المملكة. أيضاً، يدور الحديث عن شركة أردنية تدير الحملات التسويقية وتقدم خدمات استشارية، وسبق أن قدمت في سنوات سابقة تدريباً إلى أحد المرشحين للكنيست من باب «خلق قيادات، وتمكينها لتكون قادرة على الاندماج أكثر في المجتمع الذي توجد فيه»، أي «المجتمع الإسرائيلي».
أياً كان مصير هذه الأموال ومبررات السلطة لدفعها في ظلّ أزمة وحديث عن عمليات تقشف، لا يمكن إنكار أن نهج عباس ورؤيته في ما يرتبط بالأحزاب العربية تحت مظلة إسرائيل قد مُنيا بفشل ذريع، ولا سيما فكرة حل الدولتين على طريقة «أوسلو ـــ عباس» التي تشكّل تراجعاً أكبر عن «أوسلو ــــ ياسر عرفات»، خصوصاً مع زيادة الاستيطان في الضفة، وتآكل مساحة الدولة المفترضة، وحتى تهديد المستجدات الإسرائيلية لاستمرار العمل بصيغة السلطة الفلسطينية. فهل ستكون حالة التقشف العلنية وقطع الرواتب (للأسرى وعائلات الشهداء) والمستحقات ورواتب غزة مقبولة، في حين أن هناك قنوات صرف خفية لتثبيت ما بقي من هيكل السلطة المتفسخ؟