الحقيقة وراء خيار كوشنر
تستحق المرحلة الأولى من «خطة السلام» الأميركية للشرق الأوسط الاستقبال الساخر. بعض العروض السياسية تلقي الضوء على قضية ما؛ البعض الآخر، مثل تمثيلية هذا الأسبوع في المنامة، البحرين، تهدف إلى إخفاء (قضية ما). بعد كلام إدارة ترامب الكبير عن «صفقة القرن» في الشرق الأوسط، كان إطلاق جانبها الأول الاقتصادي، عبثياً وغير منطقي (...). هذه مسرحية تفتقد نجومها ونصف الممثلين فيها أيضاً؛ كل الدول المشاركة أرسلت تمثيلاً منخفضاً. حتى المحرّض عليها، صهر ترامب جاريد كوشنر، تحدث عن ورشة عمل وليس عن مؤتمر؛ عن رؤية وليس عن خطة.
تمّت تجربة النهج الاقتصادي أولاً في السابق، وفشلت حتى لو كان ذلك بوجود خريطة طريق أكثر واقعية ومتحدّثين أكثر ثقة. الفجوة بين وهم كوشنر والحقائق خلال العقود السبعة من الصراع لا يمكنها أن تكون أكثر وضوحاً (...). من الواضح أن إدارة ترامب تأمل وضع الحوافز الاقتصادية مقابل الحقوق الأساسية. حتى إذا ارتأى الفلسطينيون الموافقة على مثل هذا التبادل ــــ وتؤكد وحدتهم في المقاطعة أنهم لن يقبلوا ــــ فإن غالبية هذه الحوافز هي عبارة عن خداع. إنها خطة 50 مليار دولار خيالية، وغير مموّلة؛ تبدو واشنطن كأنها أخطأت بين حرص الدول الخليجية على تطوير علاقات مع إسرائيل، وإرادتها لأن تكون طرفاً في دفع المال. اقتُرح العديد من هذه المبادرات من قبل ــــ في بعض الحالات، قبل أكثر من عقد ــــ وهي غير قابلة للتطبيق في ظل الشروط الحالية (...).
من غير الواضح، بنحو متزايد، ما إذا كان الشق السياسي من الخطة سيتحقق، على الأقل قبل نهاية ولاية ترامب الثانية. ولكن سجل هذه الإدارة يعطي فكرة واضحة عمّا يمكن توقعه. إغداق الحب على بنيامين نتنياهو؛ نقل السفارة الأميركية إلى القدس؛ إغلاق البعثة الدبلوماسية الفلسطينية في واشنطن؛ الاعتراف بضم إسرائيل لهضبة الجولان ــــ كل ذلك دمّر احتمال النظر إلى الولايات المتحدة على أنها وسيط، صادق على الأقل.
يشك الكثيرون في أن الهدف الحقيقي لجهود كوشنر لا يتمثل في إقناع الفلسطينيين، ولكن للسماح بإلقاء اللوم عليهم باعتبارهم حواجز في الطريق إلى السلام، عندما يرفضون عرضاً غير مقبول ــــ بينما تتم إعادة تشكيل الحقائق على الأرض من خلال حكومة إسرائيلية يمينية، بتشجيع من الولايات المتحدة (...).
(«ذي غارديان»)

انسوا السلام. ترامب وإسرائيل يريدان الاستسلام الفلسطيني
من الصعب تذكّر مبادرة دبلوماسية أميركية مثيرة للسخرية على مستوى عالمي، كورشة العمل «السلام من أجل الازدهار» التي عقدها جاريد كوشنر في البحرين (...). بالنسبة إلى مجموعة كبيرة من الخبراء الأميركيين، الفلسطينيين والإسرائيليين، فإن الإجراءات في عاصمة البحرين، المنامة، تلخّص كل ما هو خاطئ في مقاربة البيت الأبيض للسلام في الشرق الأوسط.
على الورق، قد تبدو رؤية كوشنر لجمع 50 مليار دولار على شكل استثمار في المنطقة لمجموعة كبيرة من مشاريع البنى التحتية والأعمال، أمر لا يمكن الاعتراض عليه. ولكن مصدر هذا التمويل يبقى غير واضح ومن غير المحتمل أن يُحل خلال هذا الأسبوع. أكثر من ذلك، فإن عدداً مهماً من الاقتراحات المفصّلة في الصفحات التي نشرها البيت الأبيض، مبنية على مراجعة أو إعادة صياغة الخطط القديمة التي تحلم بها الحكومات الأجنبية، البنك الدولي، وغيرها (...).
ليس من المفاجئ أن يختار الفلسطينيون مقاطعة المبادرة في المنامة، رافضين أي حديث عن مساعدة اقتصادية من دون حل سياسي ذي معنى (...).
(إيشان ثارور / «ذي واشنطن بوست»)

بداية مخيّبة للصفقة الإسرائيلية ــــ الفلسطينية «النهائية»
(....) قبل وصوله إلى البيت الأبيض عام 2017، تعهّد دونالد ترامب بالتوسّط للتوصل إلى «الاتفاق النهائي» بين الإسرائيليين والفلسطينيين. من أجل الإشراف على هذا الجهد، اختار (جاريد) كوشنر، مطوّرٌ عقاريٌ من دون خبرة في الدبلوماسية أو الشرق الأوسط. النتيجة كانت كما هو متوقع. ليس هناك خطة سياسية بعد لحل الصراع القائم وقضاياه العديدة الشائكة: الحدود، اللاجئين، أو وضع القدس، وفكرة الدولة الفلسطينية بحد ذاتها. تمّ تأجيل نشرها مراراً؛ ويشير الدبلوماسيون إلى أن من الممكن أن تبقى على الرف حتى ولاية ترامب الثانية، في حال فوزه (...).
الخطة غير واقعية تماماً. هذه هي النقطة، يؤكد داعمو كوشنر. من المفترض أن تقدم للفلسطينيين عائدات من السلام، وحافزاً لقبول رؤيته السياسية المقبلة (...). ولكن بالنسبة إلى الفلسطينيين، يبدو ذلك كأنه رشوة من قبل رئيس عدائي. ترامب أوقف كل المساعدات الأميركية لهم (...). ويشير مساعدوه إلى أن خطته السياسية ستعطي الفلسطينيين أقل بكثير من الدولة ذات السيادة على طول حدود ما قبل عام 1967 التي يطالبون بها (...).
أما النتيجة الحقيقية للورشة، ربما، فهي أنها أكثر المظاهر العلنية للتقارب الطويل والخاص بين إسرائيل ودول الخليج، والتي تحرص إدارة ترامب على الترويج لها. لن يقوم هذا الحدث بأي شيء لإنهاء الصراع الإسرائيلي ــــ الفلسطيني (...).
(«ذي إيكونوميست»)