دخلت إسرائيل، مع اقتراب انتهاء المدة القانونية لتشكيل الحكومة، أسبوع الحسم الذي يتحدّد خلاله مستقبل المشهد السياسي الداخلي. نتيجة لذلك، تكثّفت الاتصالات والمناورات بهدف استنفاد الخيارات البديلة، ومحاولة الحؤول دون الذهاب نحو انتخابات مبكرة ثالثة. الخيارات التي كانت قائمة خلال الأشهر الماضية ما زالت نفسها، وهي تراوح بين حكومة وحدة أو حكومة يمينية (في حال انضمام زعيم حزب «إسرائيل بيتنا» أفيغدور ليبرمان إليها) أو حكومة أقلية برئاسة كتلة «أزرق أبيض» التي يتزعّمها بني غانتس. وفي حال تعثّر المحاولات، يبقى خيار إلقاء رئيس الدولة رؤوفين ريفلين المَهمّة على عاتق «الكنيست»، الذي سيكون أمامه 21 يوماً كي يتفق 61 عضواً منه على تكليف أحدهم بتشكيل الحكومة.المستجدات التي شهدتها الساحة السياسية الإسرائيلية تمثّلت في تعيين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عضوَ كتلة «اليمين الجديد»، نفتالي بينت، وزيراً للأمن، وتشكيله كتلة برلمانية واحدة مؤلّفة من حزبَي «الليكود» و«اليمين الجديد»، في مقابل محاولة ليبرمان الضغط على الطرفين، نتنياهو وغانتس، عبر الإعلان عن أنه سينضمّ إلى حكومة برئاسة خصمِ مَن يرفض خطّته. صادقت الحكومة الإسرائيلية، خلال اجتماعها الأسبوعي الأحد الماضي، على تعيين بينت وزيراً للأمن. وقبل ذلك، استقال نتنياهو من منصبه كوزير للأمن. ونتيجة المنافسة على المنصب نفسه، اعترض الوزير يوآف غالانت على تعيين بينت، مبرّراً اعتراضه بأن «إسرائيل موجودة في فترة أمنية معقّدة وحساسة، وتعيين بينت لا يخدم أمن الدولة، ولذلك سأصوّت ضدّ هذا التعيين»، الذي هَدَف نتنياهو من ورائه، في هذه الفترة بالذات، إلى قطع الطريق على سيناريو تشكيل حكومة أقلّية، هي أكثر ما يخشاه.
ليبرمان يبذل جهوداً كبيرة للحؤول دون سيناريو انتخابات ثالثة


وبعدما تعذّر تشكيل مثل تلك الحكومة بالاستناد إلى أصوات «القائمة العربية المشتركة»، بات الخيار الوحيد أمام غانتس جذب جزء من كتلة اليمين، عبر استقطاب إحدى كتله: «الحريديم»، «البيت اليهودي - الاتحاد القومي»، وكتلة «اليمين الجديد»، علماً بأنه كي تنال حكومة غانتس المفترضة أغلبية يهودية، ينبغي أن تغيب «القائمة العربية المشتركة» عن حضور الجلسة، وهو أمر قابل للتحقّق. بالنسبة إلى «الحريديم»، لو كان بالإمكان الجمع بينهم وبين ليبرمان في حكومة واحدة لتشكّلت الحكومة منذ تكليف نتنياهو. أما تكتل «البيت اليهودي – الاتحاد القومي»، فإن تطرّف بعض أعضائه يحول دون ضمّه إلى حكومة برئاسة غانتس، فضلاً عن تعذّر اجتماعه مع حزب «ميرتس» اليساري. وهكذا، يبقى الرهان محصوراً بـ«البيت الجديد» الذي يضمّ 3 أعضاء منهم بينت وإيليت شاكيد. نجاح نتنياهو في ضمّ بينت قَطَع الطريق الوحيد المتبقي لتشكيل حكومة أقلية تستند إلى مشروعية يهودية. وهو ما لم تخفِه وزيرة الثقافة والرياضة، ميري ريغف، من حزب «الليكود»، والتي أشارت إلى أن شاكيد أجرت اتصالات مع الرجل الثاني في كتلة «أزرق أبيض»، يائير لبيد، بواسطة المقرّب من الأخير، شالوم شلومو، مضيفة أنه مع تعيين بينت وزيراً للأمن، مَنَع نتنياهو تشكيل الحكومة التي يسعى إليها غانتس. وحول إشكالية تولّي شخص متطرّف في خياراته العدوانية ضدّ قطاع غزة، مثل بينت، هذه الوزارة، أوضحت ريغف أن رئيس الحكومة «هو الذي يتخذ القرارات الأمنية بعد استشارة المجلس الوزاري المصغر والقيادة الأمنية».
في ما يتعلق بليبرمان، يبدو واضحاً أنه يبذل جهوداً كبيرة للحؤول دون سيناريو انتخابات ثالثة. ولذا، أعاد طرح خطته للحل، والقائمة على أن يوافق غانتس على تشكيل حكومة وحدة من دون «الحريديين»، وتكون رئاستها بالتناوب بين غانتس ونتنياهو، شرط أن يوافق الأخير على حلّ كتلة اليمين، وبالتالي التخلّي عن «الحريديم». والجديد في هذا الطرح هو تخلّي ليبرمان عن شرط تشكيل حكومة وحدة من أجل المشاركة فيها كما كان يطالب على الدوام، والتلويح بالانضمام إلى خصم مَن يرفض خطّته، أياً كان. وحول ذلك، رأى موقع «واللا» العبري أن «اللعبة ستكون من يرفض أولاً خطة ليبرمان. وفي حال رفض كلا الجانبين الخطة، يعني ذلك انتخابات ثالثة على ما يبدو»، وبالتالي بقاء إسرائيل في مأزقها السياسي المتواصل منذ انتخابات نيسان/ أبريل الماضي.