لا يخفى أن التعثر الذي تواجهه المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية، وتحديداً إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين، رغم الالتزام الأميركي للسلطة الفلسطينية بذلك، يشكل مناسبة ملائمة لابتزاز إسرائيلي يهدف إلى استغلال الحرص الأميركي على توفير الشروط التي تسمح للسلطة بالموافقة على تمديد المفاوضات، الذي يمر بالضرورة بتحرير الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين. ومن الطبيعي أن التشابه الظاهري في القضيتين، تحرير معتقل من السجون الأميركية، في مقابل تحرير مقاومين فلسطينيين من السجون الإسرائيلية يشكل أرضية للإصرار الإسرائيلي، ويدفع تل أبيب إلى رفع الصوت، في محاولة لإمرار مطلبها الذي يحظى بإجماع كافة التيارات السياسية الإسرائيلية، ألا وهو إطلاق سراح الجاسوس الإسرائيلي في الولايات المتحدة، جوناثان بولارد.


وكانت الإذاعة الإسرائيلية قد نقلت أول من أمس عن مصادر أميركية حديثها عن مؤشرات على إمكانية تلبية المطلب الإسرائيلي، المتعلق ببولارد، ومؤشرات معاكسة عبّر عنها مسؤول أميركي رفيع المستوى بالقول إنه «يتلقى عقابه وليست هنالك أية نيّة لتحريره». وذكرت صحيفة «معاريف» أنه في ضوء الاختلاف بين واشنطن وتل أبيب، إزاء الإفراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين، حاول رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أثناء وجوده في العاصمة الأميركية مساومة واشنطن والضغط عليها من خلال المطالبة بالإفراج عن بولارد لتنفيذ المرحلة الرابعة، قائلةً إنه «حاول إخراج الأسرى من مناطق عام 48 خارج القائمة».


تحضر إسرائيل لبناء مئات المستوطنات وراء الخط الأخضر اذا أطلق الأسرى


بدورها، ذكرت القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي أن «نتنياهو عازم على اشتراط استئناف المفاوضات وتحرير 20 أسيراً فلسطينياً من ذوي الجنسية الإسرائيلية، بتحرير بولارد من السجون الأميركية». ولفتت القناة إلى أنه «في ضوء أكثرية معارضة في الحكومة الإسرائيلية لإمرار الدفعة الرابعة من تحرير الأسرى الفلسطينيين، فإن خطوة بحجم تحرير بولارد من شأنها المساعدة في التصديق على العملية في الحكومة».
وتعبيراً عن محاولة إثارة هذه القضية في هذه المرحلة، بالتوازي مع قضية الأسرى الفلسطينيين، التقى نتنياهو في مكتبه بزوجة بولارد، وأكد لها أنه «كان ينبغي تحريره منذ زمن. أعتقد أن هذا الأمر مفهوم لدى الجميع هنا، وأعتقد أنّ الأمر مفهوم لجماهير آخذة في الاتّساع في الولايات المتحدة». وأضاف نتنياهو أنه يأمل «أن تنشأ ظروف تمكّننا من إعادة بولارد إلى البيت».
وبهدف إضفاء طابع شعبي، ومخاطبة الوجدان الأميركي، نقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن الجندي غلعاد شاليط، الذي تحرر ضمن عملية تبادل بين إسرائيل وحركة حماس، دعوته الإسرائيليين للانضمام إلى نتنياهو لمطالبة الأميركيين بتحرير بولارد. ومما كتبه شاليط في هذا المجال: «إني على قناعة بأن الشعب الإسرائيلي برمّته، مثلي، يوافق على أن طلب بادرة حُسن نيّة بسيطة إلى حد كبير كتحرير بولارد هو من حقنا، وليس معروفاً. رجاءً انضموا إليّ جميعكم في مناداة واضحة لأصدقائنا الأميركيين: لقد سبق أن حررنا عشرات الإرهابيين الملطخة أيديهم بالدماء استجابة لطلبكم، لذلك قوموا من أجلنا بهذه البادرة الوحيدة. إن من شأنها إنقاذ حياته».
وليس بعيداً عن استغلال الإصرار الأميركي والفلسطيني لتحرير الدفعة الأخيرة من الأسرى الفلسطينيين، كشف موقع «معاريف» عن أن القيادة السياسية في إسرائيل أعدّت قائمة مفصلة بالمناقصات لبناء مئات الوحدات الإسكانية وراء الخط الأخضر، إذا أُطلق سراح المجموعة الرابعة من الأسرى الفلسطينيين. على أن تُنشَر القائمة بالتزامن مع إطلاق سراح الأسرى، كما جرى في المرات السابقة. وأضافت الصحيفة أنّ هذه العطاءات الاستيطانية أُعدّت بالتوافق بين نتنياهو ووزير الإسكان في حكومته أوري أريئيل ومسؤولين آخرين. ولفتت «معاريف» أيضاً إلى أن «الاتفاقية بين الولايات المتحدة والجانبين الإسرائيلي والفلسطيني تقضي بتنفيذ هذه المرحلة يوم الاثنين المقبل، ما يعني اجتماع اللجنة الوزارية الخاصة برئاسة نتنياهو يوم السبت، كي تقرّ قائمة الأسماء، بحيث يجري نشرها ومنح فرصة 48 ساعة لمن يريد تقديم اعتراض على هذه القائمة وفقاً للقانون الإسرائيلي».