رام الله | في تجاوز واضح وسريع لدور السلطة، بعد إعلانها وقف التنسيق الأمني والمدني مع إسرائيل، شرعت الأخيرة في القيام بدور «الشؤون المدنية» الفلسطينية، وذلك بمنحها الفلسطينيين تصاريح الدخول إلى فلسطين المحتلة إلكترونياً، بعدما كانت ورقية مطبوعة وتمر عبر الشؤون. تقول السلطة إنها أوقفت التواصل مع «الإدارة المدنية» التابعة للعدو على جميع المستويات، لكن منذ الثلاثاء الماضي، أعلن مكتب «منسّق الحكومة الإسرائيلية في المناطق الفلسطينية» (المنسق) إصدار معظم التصاريح من دون طباعة، بتسجيله على النظام الإلكتروني فقط، بزعم أن ذلك يأتي في إطار «مشروع واسع النطاق تقوده وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق والإدارة المدنية لتحسين الخدمة للمواطنين الفلسطينيين». وفق الإعلان، يمكن لأيّ شخص من المعنيين تجديد التصريح أو تقديم طلب جديد عبر «شبابيك استقبال الجمهور» المنتشرة في الضفة. وتختلف التصاريح التي تتراوح بين 74 نوعاً وفق طبيعة النشاط والوقت، لكن أهمها: رخصة عمل، زيارة عائلية، مرافقة مرضى، تجارة، بحث عن عمل، احتياجات طبية. تقول مصادر في «الشؤون المدنية» للسلطة، إن الآلية الإسرائيلية الجديدة هي تعبئة طلب لاستصدار بطاقة بيومترية من أحد مكاتب التنسيق البالغ عددها 31، إذ يتلقّى المراجعون البطاقة لتقصير وقت الانتظار عند المعابر، ثم يراجع طالب العبور أحد ضباط الاتصال في السلطة، الذي يتصل بدوره بالسلطات الإسرائيلية، ما يعني أن جزءاً من التنسيق الأمني مستمر. وتجري معالجة غالبية الطلبات والموافقة عليها خلال 24 ساعة، وفي حال الموافقة تؤخذ بصمة رقمية لكل شخص يُسمح بدخوله فلسطين المحتلة. تعقيباً على ذلك، يقول مدير دائرة الإعلام في «هيئة الشؤون المدنية»، وليد وهدان، إن «التسجيل يجري عبر موقع على صفحة المنسق الذي يعطي موافقه بتصريح يتعامل ممغنط»، مضيفاً: «الهدف تعزيز دور الإدارة المدنية، ولذلك ندعو الناس إلى التزام قرار القيادة وموقف السلطة».
هي المرة الأولى التي تصدر فيها إسرائيل التصاريح بهذه الطريقة


والعمل في البناء في الداخل من أكثر المجالات استقطاباً، وهو ما تثبته الأرقام الرسمية التي تظهر أن 70% من العاملين داخل «الخط الأخضر» هم في هذا المجال، في حين يعمل 22% في الزراعة. أما من تبقّى، 8%، فيعملون في قطاع الصناعة والخدمات. يعلق الوزير الأسبق في السلطة حسن عصفور، بأن «الكيان يعلم كثيراً حقيقة المشهد وتعقيداته، فهو لم يقف متفرجاً على قرار وقف التنسيق من دون بديل رسمي فلسطيني، فقدّم بديله العملي عبر تطبيق المنسق، ما يتيح الحصول على التصاريح الخاصة من دون الذهاب إلى مكاتب الاحتلال المنتشرة في الضفة أو منطقة إيرز مع قطاع غزة». ويضيف عصفور: «البديل الإلكتروني الاحتلالي لن يحتاج سوى التعامل المنزلي مع ذلك التطبيق، وهنا سينتج تفاعل قد يفوق تقدير الأجهزة الفلسطينية، الأمنية والمدنية».
لذلك، يرى القيادي في حركة «فتح»، عبد الله عبد الله، أن هذا الإجراء محاولة لـ«تطبيع العلاقات مع المواطنين في الضفة وخلق بلبلة في موقف السلطة الصلب المتمسّك بالحق الفلسطيني... تحاول إسرائيل أن تكسب دعاية لها في الخارج وأمام العالم أنها ليست دولة عنصرية». ويقول عبد الله: «نراهن على وطنية أبناء شعبنا وأنهم لن ينجروا وراء هذه الرشوات الهادفة إلى خلق فجوة بين المواطن الفلسطيني والقيادة». الرأي نفسه يحمله يحيى رباح، وهو عضو المجلس الاستشاري في «فتح»، إذ يقول إن هذا الإجراء «محاولة لتطبيع الناس من أجل قبول عملية الضم واستدراجهم للتعامل مع الأمر الواقع». أما الأمين العام لـ«حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية»، مصطفى البرغوثي، فيقول إنها «المرة الأولى التي تقوم بها إسرائيل بهذا الإجراء وبهذه الطريقة، ويأتي كردّ على وقف التنسيق في محاولة لتجاوز السلطة كلياً ولفرض السيطرة الكاملة بقضم السلطة قطعة قطعة». يشار إلى أنه ما بين 130 إلى 150 ألفاً من عمال الضفة يتوجهون يومياً للعمل في فلسطين المحتلة بعد الحصول على تصاريح، وفقاً للأرقام الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني حتى عام 2018.