غزة | بموازاة الانفجارات واستعراض القوة ومراقبة العدو الإسرائيلي مناورة المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وزّعت «الركن الشديد» رسائل متعدّدة إلى الأطراف كافة في المنطقة والإقليم. فبينما تتّجه الأنظار تجاه تطبيع الدول العربية مع العدو، أكدت غزة تموضعها في الخندق الآخر الذي يتجهّز لمواجهة الاحتلال، معلنةً أن الحصار الإسرائيلي، وكذلك المصري، سياسات لا يمكنها أن تدفع القطاع إلى التنازلات. وقد تجلّت كبرى الرسائل والدلالات في تعليق صور كبيرة لقائد «قوة القدس» الراحل، الشهيد قاسم سليماني، قبل ليلة من المناورات، وعلى مقربة من الشق البحري للمناورة.وعلمت «الأخبار»، من مصادر فلسطينية، أن المناورة المشتركة جرت بالتنسيق مع «الأصدقاء في حلف المقاومة» الذي دعا الفصائل إلى الاستعداد لسيناريوات؛ أبرزها المشاركة في مواجهة شاملة وكبرى ضدّ العدو لتحرير الأراضي الفلسطينية. وفي الوقت الذي ظنّ فيه عدد من الدول العربية أنه يمكن إنهاء ملف المقاومة في غزة، جاء القرار الفلسطيني موحّداً خلف خيار المقاومة بمناورة تُظهر جزءاً من قدراتها بعد سنوات من مراكمة القوة، مضيفة إلى ذلك رسالة بأن دعم بعض الدول العربية لضربة كبيرة ضدّ القطاع قبل مغادرة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لن تكون ذات جدوى، فما تملكه المقاومة يؤهّلها للمشاركة في معركة التحرير وليس للحفاظ على بقائها في القطاع فقط، كما تشرح المصادر.
أيضاً، حملت «الركن الشديد» رسائل بالغة إلى رام الله، بعدما اختارت السلطة العودة علناً وبكلّ ما لديها إلى الحضن الإسرائيلي، مؤكدة خيار الوحدة في مواجهة الاحتلال الذي لا يعطي التنازلات إلّا تحت وقع الضربات. وكانت لافتة مشاركة أربعة أذرع عسكرية تنتمي إلى حركة «فتح»، وهي الأذرع التي لا يعترف بها رئيس الحركة، محمود عباس، بعد إصداره قراراً بحلّها كافة في 2007. مع ذلك، لم يكن غريباً تجاهل وسائل الإعلام التابعة للسلطة و«فتح» المناورة والاكتفاء بالترويج لاحتفالات الانطلاقة "الفتحاوية" الـ 55.
من رسائل المقاومة التحذير من أيّ ضربة كبيرة قبل رحيل ترامب


وفي الوقت الذي بات يشعر فيه الفلسطينيون بحالة أشبه بالضياع بعد انحدار السلطة وطنياً، وتغوّل الاحتلال على الضفة والقدس، وحفلة التطبيع العربية العلنية، جاءت المناورة بمكانة رسالة مهمّة لجميع الفلسطينيين في الداخل والخارج، تقول إن ثمة بصيص أمل وقاعدة صلبة يمكن الاعتماد عليها لمواجهة الاحتلال. كما تأتي هذه الخطوة تتويجاً لعمل المقاومة في غزة خلال السنوات الأخيرة على قاعدة تعبئة الشارع وبناء القدرة العسكرية. فخلال العام المنتهي 2020، كشفت المقاومة على مراحل مجموعة من عملياتها الأمنية في مواجهة الاحتلال، ليتبعها الكشف عن أن طائراتها نفذت مهمّات محدّدة فوق وزارة الأمن الإسرائيلية خلال حرب 2014، وكذلك الإفراج عن تفاصيل عملية «موقع أبو مطيبق» خلال الحرب نفسها، وليس أخيراً عثورها على «كنز عسكري» في بحر غزة واستخراجه وإعادته إلى الخدمة.
أخيراً، يرى مراقبون أن «الركن الشديد» تُمثّل «بداية فعلية لعمل الغرفة المشتركة لعمليات المقاومة» بطريقة مختلفة لكن منظمة، ما قد يؤسِّس مستقبلاً لتنسيق أكبر على المستويين العسكري والأمني، ويمهّد لتطوّر عمل الفصائل تحت «هيئة أركان موحدة».