لم تغب المرأة الفلسطينيّة عن المواجهات بين الفلسطينيين وقوّات الاحتلال. دورُها في هبّة القدس تمثّل في شرارة انطلاقها بعدما نقلت الصحافيّة منى الكرد، ابنة حيّ الشيخ جراح، قضيّة تهويد الحيّ إلى الإعلام، تلتها أُمّهاتُ الشُّهداء، حيث صرخت إحداهُنّ في تشييع ابنها في غزّة: «حيّ على الجهاد لأجل القدس».
كما انتشر مقطع فيديو للمقدسيّة مريم العفيفي وهي تواجه جنديّاً إسرائيليّاً وهي مُكبّلة وتسأله: «هل هذا ما كنت تصبو إليه في صغرك؟ أن تكون في صفّ الأشرار؟». بذلك، تكونُ نساء فلسطين قد أرسَين مفهوماً جديداً للقضايا النّسويّة: ليست قضايا مستقلّة بذاتها، ولا هي منفصلة عن قضايا المجتمع الأُخرى.

كذلك حال الأسيرات المُحرّرات اللواتي اختبرن لوعة الأسر بلحمهنّ الحيّ ولا يغيب موقفهن اليوم. من الأسيرات اللواتي رفعن الصّوت عالياً بعد كمٍّ هائل من التنكيل، الأسيرة المحررة هبة اللبدي.

تذكّر اللبدي، في حديث إلى «الأخبار»، بأنّه «في تاريخ الشعب الفلسطيني هبّات كثيرة»، وتعرّف الانتفاضة بأنها «تعبير شعبي عن رفض الواقع وترجمة ذلك على الأرض عن طريق الأفعال الثورية المقاومة». وانتفاضة اليوم قامت لأنّ الشعب الفلسطيني شعب حيّ ينتفض دائماً على واقعه المرير، وهذه المرّة قرّر أن «ينفض عنه غبار أوسلو وسياسات التجهيل والتمييع والتطبيع».

ما يُميّز هذه الانتفاضة، بحسب اللبدي، هو مشاركة الشعب الفلسطيني إلى جانب فصائل المقاومة، والمزج بين المقاومة الشعبية والمقاومة التنظيمية، معتبرةً أنّها نتيجة تراكُميّة للانتفاضتين السابقتين في الـ1987 والـ2000.

«بعد كل السنوات من عبثية المفاوضات، أتت هذه الانتفاضة بمثابة استفتاء شعبي على خيار المقاومة كسبيل لتحرير الأرض وفرض المعادلات وتحقيق المكاسب»، تقول اللبدي. وتتابع: «قد لا تستمر لسنوات كما سابقاتها، ولكنّها تخلق حالة من الوعي والأمل بقرب التحرير، وتعيد الحالة إلى طبيعتها، وهي الاشتباك بين أصحاب الأرض والمحتل، وتؤسّس لحاضنة شعبية واسعة للمقاومة تكون رافداً ودرعاً يسهم في تحقيق النصر».

والشاهد على ذلك: «تقدّم الفعل الشعبي على العمل المنظّم والهبّة الشعبية في حماية المقاومين أو منفّذي العمليات وإخفاء إمكان تعقّب أثرهم وفضح العملاء ونبذهم... هذه مؤشرات ستزلزل كيان العدو الغاصب (..) سيكون لهذه المؤشّرات ارتداداتها في فلسطين وفي الشتات»، وفق ما ترى اللبدي، «خاصة في هذه المرحلة الدقيقة التي يرتّب فيها الشعب الفلسطيني بيته الداخلي ومؤسساته في ظل متغيّرات إقليمية ودولية تصبّ حتماً في صالحه».

وتؤكد اللبدي أنّ دور الشباب خارج فلسطين يخدم الفلسطينيين المشتبكين، من خلال «المشاركة في الحملات على مواقع التواصل الاجتماعي والتظاهر وتوعية العالم لما يحدث في فلسطين».