يقطع المطران المقدسيّ عطا الله حنّا، الطريق على محاولات فصل الجبهات الفلسطينيّة: «في فلسطين هنالك جبهة واحدة وشعب واحد يناضل لأجل الحرية وتحرير المقدسات وتحرير الحقوق السليبة. مهما سعوا لتقسيمنا لن ينجحوا بذلك. الشعب الفلسطيني اليوم مُوحّد أكثر من أي وقتٍ مضى».وفي حديث إلى «الأخبار»، يعلّق المطران حنّا على ما يجري اليوم بالقول: «الانتفاضة الفلسطينية لم تتوقّف يوماً، وإن كانت بأساليب وأنماط مختلفة وأوجه متعددة»، واصفاً المرحلة الحاليّة بأنّها «مرحلة جديدة يتصدّى فيها المقدسيّون بصدورٍ عارية للاحتلال، حيثُ وقف فيها المسيحيون والمسلمون معاً في دفاعهم عن القدس وهويّتها العربيَة الفلسطينية ومقدساتها وأوقافها المسيحية والإسلامية». ويشيد بالوحدة الوطنيّة الّتي تجلّت في الانتفاضة الحاليّة: «الفلسطينيون بانتماءاتهم الدينية والحزبية والفصائلية كافة وحتى أولئك الذين لا ينتمون لأي حزب وقفوا منتصبي القامة أمام الاحتلال ليقولوا لا لتهويد القدس وسرقتها ولا لسياسة التطهير العرقي في القدس».

ما يحدث رسالة: لا استسلام لصفقة القرن والمتخاذلين
وعن حفلات التّطبيع والتآمر، يضع ما يحدث اليوم في القدس وغزّة وغيرها من الأماكن في فلسطين في إطار الرسالة «للعالم بأسره بأنّ الفلسطيني لن يرفع الراية البيضاء ولن يستسلم لا لمشاريع التصفية ولا لصفقات القرن ولا لجميع المتخاذلين والمتآمرين الذين يتطلعون ويهدفون لتصفية القضية الفلسطينية. رسالة الفلسطينيين جميعاً في القدس وغزّة وفي الضفة وفي مناطق الـ 48 هي أننا شعبٌ لا يموت. وقضيّتنا قضية واحدة. مهما تآمروا علينا لتصفية هذه القضية هم فاشلون. الشعب الفلسطيني متمسّك بحقوقه بهذه الأرض المقدسة».

من يعتدي على الأقصى يعتدي على القيامة
يبدي المطران عطا الله امتعاضه ممن يصفون موقف مسيحيي فلسطين بـ«التَضامن»، قائلاً: «المسيحيون الفلسطينيون، ومنهم رجال الدين، هم مكوّن أساسيّ من مكوّنات الشعب الفلسطيني. نحن لسنا طائفة في فلسطين. لسنا جالية. ولسنا ضيوفاً عند أحد ولسنا أقلية في وطننا وفي مشرقنا. نحن مكوّن أساسيّ في هذا المشرق حضاريّاً وتاريخيّاً واجتماعيّاً ووطنيّاً، وعندما نتحدّث عن المسيحيّة، نحن نتحدث عن أرض مقدسة منها انطلقت المسيحية».

«نحن لسنا من مخلّفات حملات الافرنجة الصليبية كما يظنّ البعض ولسنا من مخلفات أي نوع من أنواع الاستعمار الذي حلّ بمشرقنا. نحن لسنا بضاعةً مستوردةً من الغرب أو من أي مكان آخر. انتماؤنا لهذا المشرق، وانتماؤنا لفلسطين».
ويتابع: «الغريب قد يتضامن، إنّما نحن معنيّون، هذه القضية قضيتنا. حينما نُكِبنا نُكِبنا جميعاً. وهذه القضية كما هي قضية المسلم هي قضية المسيحي. نحن كمسيحيين حينما ندافع عن فلسطين والقدس ندافع عن أقدس نقطة في هذا العالم اختارها الله أن تكون مكان تجسُّد محبّته نحو البشر. بالتالي نحن مع شعبنا وقدسنا ومقدّساتنا. المسيحيّون يفتخرون بانتمائهم المسيحي، وفي الوقت نفسه، يفتخرون بانتمائهم للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة. نفتخر بانتمائنا لفلسطين أرضاً وقضيةً وشعباً».

المسيحيون الفلسطينيون بحسب حنّا «قالوا كلمتهم وقُرعت أجراسُ كنائسهم ولسان حالهم يقول: من يعتدي على الأقصى يعتدي على القيامة. ومن يعتدي على المسلمين في مقدّساتهم يعتدي على المسيحيين في مقدساتهم أيضاً».

ويشدّد حنّا على أنّ «الذين يعتدون على الأقصى ويقتحمونه ويخططون للاستيلاء عليه هم نفسهم المتآمرون على أوقافنا المسيحية. عدوّنا واحد، وهو الذي يستهدفنا في مقدّساتنا وأوقافنا وحياتنا. هذا الاحتلال العنصريّ الغاشم لا يُميّز في ما بيننا ويعاملنا كفلسطينيين، وبالتالي نحن موحّدون وسنبقى كذلك في مواجهة هذا العدوان والاستعمار والاحتلال العنصري».

كلمة الحياد غير موجودة في قاموسنا
ومن جهةٍ أُخرى، علّق حنّا على موضوع الحياد، حيث شدّد على أنّ «كلمة الحياد غير موجودة في قاموسنا. لا يمكننا أن نكون حياديين حينما يتعلّق الأمر بالظلم والقمع والاستبداد وانتهاك الكرامة الانسانية».
«عندما يكون هنالك احتلال، وظلم بحق الشعب الفلسطيني، لا يمكننا أن نكون حياديين. لا بل، الحياد في هذه المسألة هو ضعف وتخاذُل، ولربما يكون جزء من مشاريع خبيثة. نحن منحازون للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة ولا مكان للحياد في هذه المسألة».

ويستطرد بالقول: «السيد المسيح كان مقاوماً للشر، ورسالته كانت دوماً انحيازاً للمظلومين والمعذّبين في هذا العالم. إذا ما أردنا أن نُترجم المسيحية اليوم يجب أن نكون إلى جانب كل انسان مظلوم في العالم. فلسطين شعبها منكوب ومظلوم وتعرّض لكثير من المظالم من وعد بلفور مروراً بالنكبة والنكسة إلى اليوم، وبالتالي التضامن مع الشعب الفلسطيني هو واجب المسيح، هو واجب أخلاقي وانساني».

وطالب «القيادات المسيحية في المشرق والعالم أن تدافع عن فلسطين والقضية الفلسطينية وكل قضايا العدالة في العالم. لا يجوز أن نكون حياديين عندما تُمتهن الكرامة الانسانية. لا يجوز أن نكون صامتين عندما يُقتل الناس ويُعتدى على المقدسات».



اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا