غزة | كشفت المواجهة العسكرية الجارية في فلسطين عن تطور واضح في أداء الصواريخ التي تنتجها المقاومة التي باتت بدورها تمتلك مديات وقدرات تدميرية متطورة، لتصبح سلاحاً استراتيجياً في يد المقاومة، فضلاً عن كونها ورقة ضغط تضرب فيها الأخيرة الجبهة الداخلية للاحتلال وحكومته وجيشه. وبعد أسبوع من تواصل عمليات إطلاق الصواريخ على كيان الاحتلال، ظهرت كثافة نيرانية عالية لدى فصائل المقاومة كافة، وليس حركتَي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» اللتين تصدّرتا المشهد في الكثافة النوعية، فضلاً عن أنه للمرّة الأولى يُستعمل فلسطينياً مصطلح الرشقات المئوية.
تطوُّر الصواريخ الفلسطينية بات واضحاً لجهة الدقّة والقدرة على إصابة الهدف

يميّز الصواريخ الفلسطينية هذه المرّة أنها تنطلق وفق أساليب علمية وهندسية لتحقيق هدف تدميري بخلاف ما كانت عليه وظيفتها في السابق: عنصر ضغط وتشتيت للاحتلال وجبهته الداخلية وجيشه، بل باتت تُطلِق الرشقات المئوية المتزامنة على المدن المحتلّة، وتتجاوز كل المعوقات وتوقِع دماراً كبيراً في أماكن سقوطها. وقد استخدمت المقاومة الرشقات المئوية أكثر من ثماني مرّات خلال المواجهة الحالية ضدّ عدّة مدن أبرزها تل أبيب وعسقلان وأسدود ومدن المركز، وهو ما أدّى إلى إرباك كبير لدى الجبهة الداخلية، إذ اضطرّ خمسة ملايين مستوطن إلى دخول الملاجئ لأيّام طويلة.ما يحيّر الاحتلال عجزه عن ضرب المنظومة الصاروخية للمقاومة
أيضاً صار واضحاً تطوُّر الصواريخ الفلسطينية لجهة الدقّة والقدرة على إصابة الهدف بشكل مختلف كلياً عمّا كان معهوداً. فتوجيه الصواريخ ــ هي من نوع غير دقيق ــ بات أكثر احترافية، بعدما صارت تسقط في معدّل قطره 200 متر مقارنةً بـ500 إلى 1000 متر سابقاً، كما باتت تصل إلى مراكز مدن الاحتلال الأكثر تأثيراً، وتحقّق أهدافها، وهو ما لم يستطِع الاحتلال إنكاره خلال المعركة المتواصلة. وأبرز ما يُلاحَظ في صواريخ المقاومة هذه المرّة توصُّل مهندسيها إلى آليات تمكِّن هذه الصواريخ من تجاوز «القبّة الحديدية»، وهذا ما ظهر خلال الأيام الثلاثة الأخيرة، إذ باتت المقاومة تَستخدم صواريخ جديدة لا تلتقطها «القبّة» وتصل إلى أهدافها وتُحدِث ضرراً كبيراً بفعل الرؤوس التدميرية الأكبر أيضاً من قبل.
في الأيام الأولى للعدوان، استخدمت المقاومة صواريخَها القديمة التي تحدّث عنها نائب رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، صالح العاروري، قبل أربعة أيّام، حينما قال: «ما نطلقه هو من المخزون القديم الذي نريد التخلُّص منه، ولم نستخدم الصواريخ الجديدة بعد»، وقد كانت تُطلَق وفق تقنيات سابقة تتعلّق بتكثيف عمليات الإطلاق لتجاوز «القبّة»، لكن الصواريخ الجديدة التي تُطلَق برشقات أقلّ باتت تصل إلى أهدافها بشكل مُلاحَظ. كذلك، بدا في هذه الجولة امتلاك فصائل المقاومة، وخاصة «كتائب القسّام»، الجناح العسكري لـ«حماس»، صواريخ تُغطّي كامل فلسطين المحتلّة، من رأس الناقورة شمالاً حتى أم الرشراش جنوباً، عقب قصفها مطار رامون البعيد عن غزّة مسافةَ 220 كليومتراً بصاروخ من طراز «عياش 250».
تنطلق الصوايخ وفق أساليب علمية هندسية لتحقيق هدف تدميري لدى الاحتلال

وتميّزت الصواريخ الفلسطينية الجديدة بتنوعها في المدى والقدرة التدميرية، إذ أعلنت «كتائب القسّام» و«سرايا القدس» إدخال صواريخ جديدة إلى الخدمة، منها: «عياش»، و«A120» و«SH85»، و«بدر 3»، وصاروخ «القاسم 400» التدميري. وما يحيّر الاحتلال هو عجزه عن ضرب المنظومة الصاروخية للمقاومة التي باتت صواريخها تنطلق من جميع مناطق القطاع دون أن يستطيع الوصول إلى مطلقيها أو تدميرها قبل الانطلاق، أو معرفة كيفيّة تلقيم مرابضها، في وقت تقول فيه قنوات الاحتلال إن المقاومة تُطلِق الصواريخ عبر شبكة أنفاق معقدة بنَتها تحت الأرض لتجاوُز استهداف طائرات الاحتلال.



اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا