لهذا، استدعت التطوّرات الأخيرة تحرّكات من جانب تركيا، واتصالات هاتفية بين إردوغان ومسؤولين في دول أخرى. وإضافة إلى اللغة التقليدية، بدت لافتة دعوة وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، إلى تشكيل قوّة دولية لحماية الفلسطينيين في القدس والأراضي المحتلّة، على اعتبار أن «البيانات لا تكفي». كما أبدى الوزير التركي استعداد بلاده لاتّخاذ أيّ خطوة، قائلاً: «وهنا بيت القصيد... الأمّة تنتظر منّا قيادتها». قيادة تركيا للأمّة الإسلامية تتطلّب، وفقاً لنائب رئيس «العدالة والتنمية»، نعمان قورتولمش، أن تسهر ليلاً نهاراً لضمان ذلك. وحتى الآن، لم تقُم تركيا بأيّ محاولة للاتصال بالإسرائيليين في ما يتعلّق بالعدوان المتواصل، وهو ما أكدته القائمة بأعمال السفارة الإسرائيلية في أنقرة، إيريت ليليان. كما أنها لم تبادر، حتّى الآن، إلى أيّ خطوات عقابية - ولو رمزية - تجاه إسرائيل، مِن مِثل خفض مستوى التمثيل الدبلوماسي، أو قطع العلاقات، أو إلغاء اتفاقات على سبيل المثال. وإذ يدعو الكاتب عبد الله قره قوش إلى رفع البطاقة الحمراء في وجه إسرائيل، وفي وقت يؤكد فيه رئيس البرلمان التركي، مصطفى شنطوب، أن بلاده، وكما في السابق، ستُواصل بذل كلّ «جهودها الدبلوماسية» لإنهاء الوحشية الإسرائيلية، يذهب الصحافي المقرّب من إردوغان، إبراهيم قره غول، بعيداً في الطلب من الرئيس التركي، وللمرّة الأولى، تقديمَ دعم عسكري للفلسطينيين.
لم تبادر تركيا إلى أيّ خطوات عقابية تجاه إسرائيل مِن مِثل خفض مستوى التمثيل الدبلوماسي
ويتّهم قره غول كلّاً من الإمارات والسعودية بأنهما دميتان في يد إسرائيل، وبأنهما طمأنتاها إلى أن تعمل ما تشاء وهما ستتكفّلان باستيعاب المواقف العربية. لكن جواب الفلسطينيين هذه المرّة كان مذهلاً، وأربك خطط هذه الدول لإقامة نظام استعماري في الشرق الأوسط. وللمرّة الأولى، تردّ المقاومة بالصواريخ في المدن الإسرائيلية، وهو ما يُعدُّ وضعاً جديداً بالنسبة إلى إسرائيل. ويقول الكاتب إن تركيا تعود إلى المنطقة، وقد انعكس ذلك في قره باغ وليبيا وشرق المتوسط، والآن ينعكس في فلسطين، معتبراً أن إسرائيل محاطة الآن بثلاث جبهات: فلسطين، لبنان، والجولان، وهو ما ينبئ بانتهاء زمن الاعتداءات وبدء زمن الدفاع، بالنسبة إلى الإسرائيليين. وبحسب قره غول، فإن البحث عن حقوق الشعب الفلسطيني لم يعُد تكفيه ردود الفعل الدبلوماسية والبيانات، بل يجب البدء بتقديم دعم عسكري للفلسطينيين. وكما لو أن أحداً لم يكن يساعد الفلسطينيين من قَبل، وفي مقدّمهم إيران، يقول الكاتب إن الدعم العسكري يجب أن يبدأ من تركيا بصورة مباشرة أو غير مباشرة، على أن تتأسّس بنى اقتصادية وسياسية وعسكرية في كلّ الجغرافيا الإسلامية لبدء هذا الدعم، حيث ستكون فلسطين الجبهة الأكثر صلابة. ويضيف: «الدعم العسكري لا يكون عبر الاستخبارات، بل بفتح كلّ الخطوط. وكما فعل إردوغان في قره باغ، يجب أن يفعل في فلسطين». وعلى قاعدة «أن تأتي متأخراً خير من ألّا تأتي أبداً»، يذكّر قره غول بقول إردوغان: «كما قدّمنا الدعم لإنهاء احتلال قره باغ، سنقدِّم الدعم وبالطريقة نفسها لمقاومة الظلم الذي يعيشه الفلسطينيون».
اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا