غزة | بعد فشل جهود إدخال المنحة القطرية لمصلحة العائلات الفقيرة في قطاع غزة، وتأخُّر صرف السلطة الفلسطينية مخصّصات الشؤون الاجتماعية، يحلّ عيد الأضحى، هذا العام، ثقيلاً على مئات الآلاف من العائلات، وسط أزمة اقتصادية خانقة تحول دون التزوّد بمستلزمات العيد. ومنذ شهرين، تمنع سلطات الاحتلال دخول المنحة القطرية التي تغطّي حاجة 100 ألف أسرة، بزعم أن حركة «حماس» تحصل على جزء منها. وعلى رغم أن تلك جهود إدخال الأموال حقّقت تقدّماً أخيراً، إلا أنها عادت وفشلت مطلع الأسبوع الحالي، بعد إصرار حكومة العدو على تحويل المبالغ إلى بطاقات شرائية غذائية للمواطنين، عبر «برنامج الغذاء العالمي» التابع للأمم المتحدة. وهو ما رفضته «حماس» بشكل كلّي، مشترطة أن يتسلّم الفقراء الأموال بأيديهم، ليلبّوا احتياجاتهم التي تتنوّع ما بين الغداء والإيجار والدواء والتعليم.على أن العرقلة لم تأتِ من إسرائيل فحسب، إذ رفضت السلطة الفلسطينية، هي الأخرى، إدخال المنحة إلى القطاع عبر البنوك التابعة لها، الأمر الذي دفع السفير القطري، محمد العمادي، إلى مغادرة غزة، أوّل من أمس، وإبلاغ الأطراف الفلسطينية والاحتلال بأن استئناف المباحثات سيكون بعد عيد الأضحى. وفي هذا الإطار، علمت «الأخبار» أن الفصائل الفلسطينية بعثت برسالة شديدة اللجهة، عبر الوسطاء، حذّرت فيها العدو من محاولاته كسر الخطوط الحمر مع المقاومة، خصوصاً في ما يتعلّق بمدينة القدس، والوضع في القطاع.
بموازاة ذلك، لا تزال أكثر من 115 ألف أسرة فقيرة في غزة تعاني بسبب تأخّر صرف مخصّصات الشؤون الاجتماعية، والتي تُراوح ما بين 200 و400 دولار كلّ ثلاثة أشهر، في وقت لم تتلقَّ فيه العائلات سوى 200 دولار، منذ أكثر من سبعة أشهر. وقلّصت وزارة التنمية الاجتماعية في رام الله دفعات شيكات الشؤون - تُوزّع في العادة كلّ ثلاثة أشهر مرّة واحدة - من أربع دفعات سنوياً إلى ثلاث، بذرائع منها أن «التأخير مرتبط باستمرار الأزمة المالية، والاقتطاعات الإسرائيلية»، وأيضاً «تأخّر مساهمة الاتحاد الأوروبي». وأثار إعلان الوزارة، أخيراً، عدم تمكّنها من صرف المخصّصات، قبل عيد الأضحى، غضب المستفيدين، الذين كانوا يترقّبون على «أحرّ من الجمر» عملية الصرف، ليتمكّنوا من الإنفاق المعيشي. إلّا أن السلطة لم تُلقِ بالاً لدعوات هؤلاء إلى البحث عن بدائل عاجلة قبل العيد.
هذا الواقع أدّى إلى مضاعفة الركود الكبير في أسواق القطاع، الذي يواجه أصلاً انخفاضاً حادّاً في تدفّق السيولة النقدية، جرّاء تعطّل الحركة التجارية، وتراجع حجم المساعدات الخارجية لفئة العمّال والأُسر المستورة التي تعتمد عليها، في ظلّ عدم توفّر فرص عمل، وارتفاع البطالة بشكل كبير. وقد تسبّب كلّ ذلك في إضعاف القدرة الشرائية، وتراجُع الإنتاج المحلّي، وسط تحذيرات من مغبّة استمرار الوضع الحالي، وتأثيره على تلبية احتياجات الأُسر، واستمرار ارتفاع معدّلات الفقر والبطالة، بحسب المختصّ في الشأن الاقتصادي، ماهر الطباع.