تواصل إسرائيل مراقبتها الحذرة لمسار مفاوضات فيينا، وتكثّف في الأثناء التهويل بالتلويح بالخيارات العسكرية والاتصالات بالولايات المتحدة، في آن، تعبيراً عن القلق من المسار ورفضه أملاً في التأثير عليه بالحد الأدنى. وفي محادثة بين رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت، ووزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، اليوم، طالب الأوّل بـ«وقف المفاوضات الجارية في فيينا بين إيران والدول العظمى»، وبأن تتّخذ الأخيرة «خطوات متشدّدة ضد طهران»، معتبراً أنها تمارس ما سمّاه «الابتزاز النووي» كتكتيك في المفاوضات.
ووفق بيان عن مكتبه، تطرّق بينيت إلى «بيان الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي صدر أثناء المحادثات، وبموجبه بدأت إيران بتخصيب اليورانيوم بمستوى 20% بواسطة أجهزة طرد مركزي متطورة في منشأة تحت الأرض في فوردو». في غضون ذلك، وصف مسؤول سياسي إسرائيلي المحادثة بين بينيت وبلينكن بأنها «كانت طويلة وليست سهلة»، حسبما نقلت «هيئة البث الإسرائيلية العامة» (كان). وأضاف المسؤول أنه «تقريباً كل المحادثة تمحورت حول إيران»، مشيراً إلى أن بينيت تطرّق إلى مسألة «الخروقات الإيرانية المتواصلة والمستمرة في المجال النووي، خلال المفاوضات. وقال (بينيت) إن الرد على ذلك يكون بعدم الخضوع للابتزاز، وإنما بجباية ثمن فوري من الإيرانيين». ولفت المصدر إلى أن رئيس الوزراء عبّر عن معارضته رفع العقوبات «ولا سيما في إطار اتفاق جزئي أو مرحلي، والذي يعني عملياً ضخّ مبالغ كبيرة من المال إلى النظام في طهران»، في إشارة إلى الانعكاس الإيجابي اقتصادياً لمسألة رفع العقوبات.

غانتس إلى الولايات المتحدة: مزج الضغوط لـ«اتفاق جيّد»
وفي سياق ذي صلة، قال وزير الأمن بيني غانتس، اليوم، في مقابلة مع موقع «واي نت»، التابع لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، تعليقاً على تقرير للمحلل العسكري في الصحيفة يوسي يهوشوع، حول خطة تسلّح اقتنت إسرائيل بموجبها وسائل قتالية بقيمة 5 مليارات شيكل، إنه «ينبغي الاعداد لإمكانية احتمال فشل المفاوضات»: «علينا إعداد أنفسنا لأي احتمال للدفاع عن إسرائيل. نحن نطوّر قدرات وعلينا الاستمرار في تعزيزها». وأشار إلى أنه سيلتقي وزير الدفاع الأميركي ومسؤولين أميركيين آخرين خلال زيارة للولايات المتحدة الخميس المقبل، منوّهاً إلى أن الملف الإيراني سيكون في صلب ومحور الزيارة: «أسافر من أجل دعم الجهود الدولية، ومن أجل تمكين القدرات الإسرائيلية».

ورداً على سؤال عمّا إن كانت زيارته في سياق احتمال شن هجوم عسكري ضد إيران، قال: «سنشرح للأميركيين المخاطر المتعالية ونعكس لهم الواقع مثلما نفهمه. وفي نهاية الأمر يوجد لديهم مصالح خاصة بهم أيضاً». وعن تنسيق هجوم محتمل ضد إيران مع واشنطن، رأى أن «إسرائيل ليست ملزمة بأن تنسّق الدفاع عن نفسها مع أي أحد»، قبل أن يستدرك «أنا متأكّد ومؤمن بأنهم (الأميركيين) سيدعموننا لاحقاً أيضاً». ولفت إلى أن «إسرائيل ليست طرفاً في الاتفاق. وهي تتقدّم بالمعلومات الاستخباراتية، وبالحوار. وليس بإمكاني القول إذا كانت المفاوضات ستفشل». واعتبر أنه من خلال «المزج بين الضغوط السياسية والضغوط الاقتصادية والاستعدادات العسكرية فإن إيران ستخضع في النهاية ويتحقق اتفاق جيّد. وإذا لم يحدث هذا، فعلينا التحضير للبديل بأنفسنا».

أمّا «الاتفاق الجيّد» بالنسبة إلى إسرائيل، فهو بحسب غانتس: «إبعاد الإيرانيين عن المجال النووي، وإبعادهم عن مجال الأبحاث والتطوير وعن تجميع مواد مخصبة. وإلى جانب ذلك، هناك جوانب الأنشطة التآمرية في المنطقة ودعم الإرهاب وغيرها». وتابع: «الإمكانية العسكرية يجب أن تكون مطروحة دائماً. وهي بالطبع الأمر الأخير الذي نريد استخدامه، لكن لا مناص من أن نحضّر أنفسنا لهذا الخيار».

ونفى أن تكون ذريعة الهجوم هي رفع طهران مستوى تخصيب اليورانيوم إلى 90%: «لم أقل هذا، ولا أحب وضع خطوط حمراء وأن أضطر بعد ذلك إلى الحضور إلى الاستوديو والبدء بالشرح من جديد. نحن نتابع يومياً الخطوات الإيرانية. ستكون هناك نقطة زمنية ما لن يكون فيها أمام العالم والمنطقة وإسرائيل خيار سوى العمل. ونحن جاهزون اليوم، لكن هذه قدرة نحافظ عليها منذ فترة».

«خيار معقّد»
في غضون ذلك، قال المنسق الإسرائيلي السابق لـ«مكافحة التهديد الإيراني»، نيتسان ألون، للإذاعة العامّة الإسرائيلية، اليوم، إن «الخيار العسكري مقابل التهديد الإيراني معقّد أكثر من هجمات خاطفة لطائرات تحلّق وتدمّر البرنامج النووي». وأضاف: «سياسة إسرائيل أن لا تكون لوحدها في مواجهة البرنامج الإيراني، والتركيز على أن هذه ليست مشكلة خاصة بإسرائيل هو مفهوم صحيح». ولفت إلى أن الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي «أدّى إلى إساءة وضع إسرائيل في سياق البرنامج الإيراني، إلا أن كمّية العقوبات التي فُرضت على إيران جذبتها مجدداً إلى العودة للمفاوضات حول الاتفاق».