«إذ كان ثمّة أحد يمكن توجيه الاتهام إليه بالمسؤولية عمّا يحصل فهو نفتالي بينيت، رئيس الوزراء الذي خدع الإسرائيليين ومنتخِبيه... إنه يدافع عن داعمي الإرهاب فقط من أجل كرسيّ رئاسة الحكومة، والنتيجة الدم اليهودي ينسكب كالماء في الشوارع»؛ هذا ما قاله المستوطِن عاموس غور مُعلِّقاً على شريط فيديو نشره عضو «الكنيست» المتطرّف، إيتمار بن غفير، على صفحته الشخصية، فيما دعا زميله، عزرا شيمش، إلى «هدم بيوت كلّ من يشجّع الإرهاب أو يتضامن مع عائلة منفّذ عملية بني باراك». بدورها، اعتبرت راحيل مامان أنه «لو كانت لدى بينيت ذرّة خجل لقدّم استقالته»، بينما قالت أورنا أوحنا: «بن غفير غداً في القدس، لن نخاف، شعب إسرائيل معك». وعلّق شارون فرحي، من جهته، بالقول إنه «من المعيب والمخجل أنه لا أمان لنا في دولتنا»، في حين رأت أوديلا دانان أن «كاهانا (زعيم حركة كاخ الصهيونية المتطرفة) على حقّ... علينا الاستيقاظ». أمّا كليرين كانييل، فرأت أن ثمّة حاجة إلى «انقلاب». ما سبق هو مجرّد نماذج من تجلّيات الغضب الإسرائيلي في أعقاب ثلاث عمليات «فتّاكة» بوصف إعلام العدو. عملياتٌ تتميّز، بحسب المحلّل السياسي في صحيفة «يديعوت أحرونوت» يوسي يهوشواع، بكسر الفدائيين «حاجز الخوف»، والتجرّؤ على «تنفيذ الهجمات في قلب المدن، وباستخدام السلاح الناري». أمّا المشترك بين المنفّذين الأربعة، «فضلاً عن كونهم ذوي خلفيات أمنية»، فهو «التحريض في شبكات التواصل الاجتماعي». فبحسب يهوشواع، «التحريض الذي نشهده في غزة، نراه في أمّ الفحم، وكذلك في يعبد». ويَعتبر المحلّل أن لا «حلّ سحرياً» لـ«عمليات لم نشهد مثلها منذ وقت طويل، حتى في انتفاضة السكاكين»؛ والسبب بحسبه أنه «لا عنوان محدّداً لمهاجمته، كما غزة أو مخيمات اللاجئين في الضفة. من الصعب جباية الثمن، ومن الصعب فرض ضغط على العدو، لأنه يصعب تعريفه». كما يَعتبر أن «موجة العمليات الحالية هي التحدّي الأكبر أمام بينيت، الذي يواجه في الوقت نفسه انتقادات غاضبة من الجمهور الإسرائيلي، فيما يتعامل مع ائتلاف حكومي لا يمكن من خلاله اتّخاذ قرارات دراماتيكية من دون أن يؤدي ذلك إلى تفكيك الحكومة. ووسط كلّ هذا، تقع على عاتقه مهمّة إعادة الشعور بالأمن لدى الإسرائيليين... وهو ما لن يعود بسرعة».
وتحت عنوان «كلّما طال إطلاق النيران في الشوارع... انتهى عصر الابتسامات (في إشارة إلى ابتسامات المسؤولين الإسرائيليين في القمم والاجتماعات مع نظرائهم العرب)»، يعتقد المحلّل الإسرائيلي في موقع «واي نت»، نداف أيال، أن «إسرائيل تحيا اليوم في موجة من الإرهاب هي الأخطر في السنوات الأخيرة». ويَعتبر أن عملية «بني باراك» «تحمل مؤشّرات إلى نيّة الفصائل الفلسطينية المبادرة إلى مواجهة واسعة بالتزامن مع رمضان والفصح اليهودي»، كاشفاً أنه تحدّث مع أحد المسؤولين الإسرائيليين، الذي عبّر له عن خشيته من «احتمال قرار الجهاد الإسلامي» الانضمام إلى العمليات، وأن «المداولات التي دارت في الأيام الأخيرة، حاولت بالضبط منع إمكانية كهذه». وطبقاً للمحلّل نفسه، فإن الشعور بالأمن في الشارع الإسرائيلي «في أدنى مستوى» منذ هَبّة أيار المنصرم، فحتى خلال تلك الفترة «لم يُقتل 11 إسرائيلياً، وبالتأكيد ليس في غضون أسبوع واحد فقط». أمّا الكابوس الأسوأ، فهو أنه «للمرّة الثانية، تحاول المنظمات الفلسطينية تشكيل جبهة مشتركة» مع ما سمّاه «التطرّف العربي الإسرائيلي»، في إشارة إلى فلسطينيي الـ48.
الشعور بالأمن في الشارع الإسرائيلي في أدنى مستوى منذ هَبّة أيار المنصرم


وممّا يدعم ذلك التوصيف هو أنه خلال النقاشات الداخلية في الأيام الأخيرة، «حاول رؤساء أجهزة الأمن فصل ما يحدث في الضفة وغزة قبيل رمضان، عن عمليتَي بئر السبع والخضيرة»؛ حيث عملت إسرائيل لأشهر «من أجل التوصّل إلى تفاهمات مع السلطة الفلسطينية وقطاع غزة تحُول دون ربيع آخر مرير ومميت مثل الربيع السابق (أيار ماضي)، ولم تشأ أن ينهار كلّ ذلك بهذه السرعة. لكن ليلة أول من أمس، واجهت هذه التفاهمات الواقع الحقيقي... انهار هذا الفصل».
وبحسب أيال، لم تنشأ «البنية التحتية للإرهاب» في الضفة في يوم واحد، كما أن طوفان السلاح في أراضي الـ48 «لم يحدث خلال العام الماضي فقط»؛ فمردّ ذلك إلى «الشلل السياسي ومأزق الحكومة السابقة، التي اشترت الهدوء مراراً وتكراراً»، بينما تُلقي الآن «المسؤولية كاملة على أجهزة الأمن والحكومة الحالية». ويَعتبر المحلّل الإسرائيلي أن «الجمهور الذي يطالب بإجابات محقّ في طلبه، فإن لم يستوعبوا في الحكومة بعد، عليهم أن يدركوا على الفور، أنه طالما أن المهاجمين يطلقون النار في الشوارع، فإن عصر الكسنجريين الإسرائيلي قد انتهى. فالوساطات والاجتماعات والقمم ستقابَل باستياء واستحقار، عندما يخشى الآباء إرسال أطفالهم إلى المدارس».
من جهته، يرى كاتب عَمود الرأي في صحيفة «معاريف»، بن كسبيت، أن ما يحصل منذ أسبوع هو «شريط مُعاد من انتفاضة الأفراد التي اندلعت قبل سبع سنوات. فبينما كان هؤلاء مسلّحين بالسكاكين، اليوم يتسلّحون بالبنادق والمسدسات. لا شكّ في أن هذا أكثر خطراً وفتكاً، ولكنّنا سننتصر عليه أيضاً»، مستدركاً بأنه «حتى ننتصر، علينا أن نسأل متى سيفهم أصحاب القرار ما الذي يجري؟ متى بالضبط سيتخذون الخطوات الصحيحة، والمناسبة، الحازمة والدراماتيكية؟ متى يدرك الجميع أنهم حتى الآن كانوا يطحنون الماء بعدم ردّهم كما يجب على العنوان المكتوب أمامهم؟». ويَعتقد بن كسبيت أنه «يتوجّب الخروج بحملة واسعة من تجنيد القوات، تكون عملياتية وهادفة لإعادة الأمن الشخصي، من بئر السبع حتى الخضيرة وحيفا، ومن المطلّة حتى إيلات. يمكن فعل ذلك في خلال أسابيع معدودة (...) ولكن مَن سيقوده؟». ويلفت إلى أن «إسرائيل لا تتصرّف عادة بالشكل الذي تتصرّف به حالياً»، مستهزئاً بقرار المفتّش العام للشرطة تعزيز قوات الاحتلال في الضفة بثلاث كتائب، عادّاً ذلك إشارة إلى أنه «يوجد مسؤول هنا لا يفهم مكانته... إذا لم يفهم بسرعة عليه بكلّ بساطة تقديم استقالته».