لا تكاد المدن الفلسطينية المحتلة تهدأ حتى تشتعل من جديد، مع اتساع رقعة عمليات المقاومة الشعبية والمسلّحة التي باتت نمطاً ثابتاً في التصدي لممارسات الاحتلال، وفق ما تُظهره وتيرة هذه العمليات.
يتواصل الاشتباك وحوادث إطلاق النار تجاه جنود العدو ومستوطِنيه في القدس ومختلف المناطق في الضفة، ما يؤكّد أن ملاحقة المقاومين لا تزال تؤتي بنتائج عكسية، برغم تكثيف الاحتلال لعملياته في المناطق المحتلة، وقتله أكثر من 50 فلسطينياً منذ أواخر شهر آذار في محاولة لحصْر اندلاع مواجهات أوسع، ووقف تطوّر عمليات إطلاق النار والطعن وتوسّعها.

وبعد ساعات من تنفيذ العملية التي استهدفت فجر اليوم حافلة تقل مستوطنين في القدس المحتلة، وتطويق قوات الاحتلال لمكان العملية وإحضار التعزيزات للقبض على المنفذ، قام أمير صيداوي من سكان محيط مخيم شعفاط، بتسليم نفسه كي لا يسمح للاحتلال أن يهدّد أهل بلدة سلوان التي تمّ تطويقها واقتحامها.

وأسفرت العملية عن وقوع ثمانية جرحى إسرائيليين بحسب حصيلة جديدة، إصابة اثنين منهم بالغة، وفق «نجمة داود الحمراء»، منظّمة الإسعاف الطبّي التابعة للكيان.

وقد أكّد متحدث باسم السفارة الأميركية في القدس «وجود مواطنين أميركيين بين الضحايا»، قائلاً لوكالة «فرانس برس»: «لا نزال نجمع مزيداً من المعلومات».

وعن العملية، قال رئيس وزراء الاحتلال يائير لابيد، خلال الاجتماع الأسبوعي لحكومته: «كل من يريد إيذاءنا يجب أن يعلم أنه سيدفع ثمن أيّ ضرر يلحق بمدنيينا».

في المقابل، أشادت فصائل المقاومة الفلسطينية بعملية القدس الفدائية. فباركت حركة «الجهاد الإسلامي» العملية «البطولية»، مؤكدة أنها «تأتي في سياق استمرار مقاومة الاحتلال في وحدة الساحات ضد هذا المحتل»، على لسان المتحدث باسم الحركة في الضفة طارق عز الدين.

وأشار عز الدين إلى أن مكان العملية في قلب مدينة القدس المحتلة «له دلالة كبيرة أنها ستبقى إسلامية عربية فلسطينية وكل محاولات التهويد والمصادرات والإجرام ضدنا أهلنا هناك لن يغير من واقع فلسطينيتها»، مؤكداً أنها «جاءت في الزمان والمكان والتوقيت المناسب بعد العدوان الذي شنه الاحتلال الصهيوني على غزة كرد أولي من أهلنا في الضفة والقدس على قاعدة وحدة الساحات».

بالتوازي، أكد المتحدث باسم حركة «حماس» عن مدينة القدس محمد حمادة، أن العملية «تتجلى فيها الصورة الحقيقية لواقع الشعب الفلسطيني المتمسك بخيار المقاومة والوفي لوصية الشهداء»، مشيراً إلى أنها «رد على جرائم الاحتلال في غزة ونابلس».

كما أكّدت «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، أن العملية رد طبيعي على جرائم الاحتلال المتصاعدة بدءاً من غزة ونابلس والنقب مروراً ببقية المدن والمخيمات الفلسطينية. وأكدت «الجبهة»، في بيان، أن المقاومة «مستمرة بكافة الأشكال وعلى امتداد الأراضي الفلسطينية المحتلة».

والأسبوع الماضي، شن الكيان الإسرائيلي عدواناً على قطاع غزة، أسفر عن استشهاد ما لا يقلّ عن 49 فلسطينياً، بينهم العديد من الأطفال. وتمّ التوصّل إلى وقف لإطلاق النار مساء الأحد بوساطة مصريّة، لكن الاحتلال لم يلتزم ببنود الهدنة، ومنها الإفراج عن الأسير المضرب عن الطعام، خليل عواودة، برغم تدهور وضعه الصحي، وعن الأسير بسام السعدي الذي اعتقله في الضفة الغربية المحتلة.