غزة | كما كان متوقّعاً بعد سلسلة لقاءات ومباحثات رعاها «حزب الله»، أصدرت حركة «حماس»، أمس، بياناً أعلنت فيه وقوفها إلى جانب سوريا في وجه «المخطّطات الهادفة إلى تقسيمها»، مؤكّدة سعيها لترجمة قرارها باستعادة علاقاتها مع دمشق. وبحسب ما علمته «الأخبار» من مصادر «حمساوية»، فإن البيان يأتي في ضوء استمرار اشتغال الحركة على تطبيع هذه العلاقات بعد سنوات من القطيعة، و«مواجهة العقبات التي تحاول أطراف خارجية وضعها في طريق تسوية جميع الخلافات مع السوريين». وكشفت المصادر أن مباحثات عدّة انطلقت بعد معركة «سيف القدس» بين «حماس» والقيادة السورية، برعاية من الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله، حيث تمّ كسر الجمود كخطوة أولى، بينما وصل العمل في الفترة الأخيرة إلى مرحلة «بناء الثقة تمهيداً لاستعادة العلاقة بشكل أكبر وأوسع». وتبادَل مسؤولو الحركة والمسؤولون السوريون، خلال لقاءات دورية جمعتْهم، ملاحظات حول فترة القطيعة وما سبقها، والملفّات التي «تجب معالجتها بشكل جدّي لإنهاء الخلاف»، مع إبداء ملاحظات حول كيفية تجاوُز المسبّبات الخارجية والداخلية التي أعاقت التطبيع سابقاً. وأكدت المصادر أن هذا المسار سيتسارع خلال الفترة المقبلة، «في ضوء المتغيّرات والتحدّيات الإقليمية والدولية التي تُواجه محور المقاومة ككلّ، في ظلّ تَشكّل تحالف التطبيع بين الدول العربية ودولة الاحتلال برعاية أميركية، بما يشكّل تهديداً للمحور وأطرافه».وأعلنت حركة «حماس»، في بيان أمس، بعنوان «أمّة واحدة في مواجهة الاحتلال والعدوان»، مُضيّها في «بناء وتطوير علاقات راسخة مع الجمهورية العربية السورية، في إطار قرارها باستئناف علاقتها مع سوريا الشقيقة، خدمةً لأمّتنا وقضاياها العادلة، وفي القلْب منها قضية فلسطين، ولا سيّما في ظلّ التطوّرات الإقليمية والدولية المتسارعة التي تحيط بقضيتنا وأمّتنا»، مُجدّدةً تمسّكها بـ«استراتيجيتها الثابتة، وحرصها على تطوير وتعزيز علاقاتها مع أمّتها ومحيطها العربي والإسلامي، وكلّ الداعمين لقضيتنا ومقاومتنا». ودانت الحركة «بشدّة، العدوان الصهيوني المتكرّر على سوريا، وخاصة قصف مطارَيْ دمشق وحلب أخيراً»، مؤكدةً «وقوفنا إلى جانب سوريا في مواجهة هذا العدوان». وأعربت عن تقديرها «للجمهورية العربية السورية قيادةً وشعباً، لدورها في الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة»، متطلّعةً إلى أن «تستعيد سوريا دورها ومكانتها في الأمّتَين العربية والإسلامية»، مبديةً دعمها لـ«كلّ الجهود المخلصة من أجل استقرار وسلامة سوريا، وازدهارها وتقدّمها». وإذ كرّرت «موقفنا الثابت من وحدة سوريا أرضاً وشعباً»، و«رفضنا أيّ مساس بذلك»، فقد جزمت «(أننا) ننحاز إلى أمّتنا في مواجهة المخطّطات الصهيونية الخبيثة، الهادفة إلى تجزئتها وتقسيمها ونهب خيراتها، ونقف صفاً واحداً وطنياً وعربياً وإسلامياً لمقاومة العدو الصهيوني، والتصدّي لمخطّطاته». كما دعت إلى «إنهاء جميع مظاهر الصراع في الأمة، وتحقيق المصالحات والتفاهمات بين مكوّناتها ودُولها وقواها عبر الحوار الجادّ، بما يحقّق مصالح الأمّة ويخدم قضاياها». ولفتت إلى «التطوّرات الخطيرة التي تمسّ بشعبنا الفلسطيني وقضيّته العادلة، وأبرزها مظاهر التطبيع ومحاولات دمج العدو الصهيوني ليكون جزءاً من المنطقة، مع ما يرافق ذلك من جهود للسيطرة على موارد المنطقة، ونهب خيراتها، وزرع الفتن والاحتراب بين شعوبها ودولها، واستهداف قواها الفاعِلة والمؤثّرة، الرافضة والمقاوِمة للمشروع الصهيوني»، مشيرةً في هذا السياق إلى «استمرار العدوان الصهيوني على سوريا الشقيقة، بالقصف والقتل والتدمير، وتصاعُد محاولات النيل منها وتقسيمها وتجزئتها، وإبعادها عن دورها التاريخي الفاعل، ولا سيما على صعيد القضية الفلسطينية»، مُذكّرةً بأن «سوريا احتضنت شعبنا الفلسطيني وفصائله المقاوِمة لعقود من الزمن، وهو ما يستوجب الوقوف معها، في ظلّ ما تتعرّض له من عدوان غاشم».
وكان نائب رئيس حركة «حماس» في قطاع غزة، خليل الحية، أكد، في حديث إلى «الأخبار» أواخر حزيران الماضي، أن ثمّة قراراً اتُّخذ بـ«السعي إلى استعادة العلاقة مع دمشق»، بعد «نقاش داخلي وخارجي على مستوى الحركة شارك فيه قياديون وكوادر ومؤثّرون وحتى معتقلون داخل السجون». وأوضح الحية أنه «تمّت مناقشة الظروف والتوقيت والشكل»، كما «تمّ وضْع خطّة سيتمّ تنفيذها بمساعدة الحلفاء»، مضيفاً أن «هناك تَوجّهاً نحو البيئة الأوسع، التي تشمل أصحاب الرأي والمفكّرين والعلماء، ومن ثمّ الأطر الشعبية الأوسع»، متابعاً «(أننا) وضعنا تركيا وقطر في أجواء تَوجّهنا هذا، وهما لا تُعارضانه». وسبق كلامَ الحيّة بأسبوع، حديثٌ مشابه نقلته وكالة «فرانس برس» عن مسؤول رفيع المستوى في «حماس»، جاء فيه أن «الاتّصالات مع سوريا في تَحسّن، والعلاقات في طريق عودتها بالكامل إلى ما كانت عليه»، وأن «زيارات عدّة قام بها قادة الحركة إلى سوريا». وإلى جانب تلك التصريحات، أعلن الأمين العام لـ«حزب الله»، غير مرّة، في أحاديث صحافية، اهتمامه «بشكل شخصي» بتسوية العلاقة بين «حماس» وسوريا، مؤكداً أن الأخيرة منفتِحة على هذا المسار الذي وصفه بـ«الإيجابي».
«حماس»: سوريا احتضنت شعبنا الفلسطيني وفصائله المقاوِمة لعقود من الزمن


يُذكر أن مصدراً قيادياً في «حماس» أكّد لـ«الأخبار»، بالتوازي مع انتهاء معركة «سيف القدس» في أيار 2021، أن لدى الحركة قراراً مسبقاً ببحْث عودتها إلى الأراضي السورية عندما تحين الفرصة المناسبة، «وفي ضوء الرسائل الإيجابية التي نقلها لنا عدد من قادة فصائل المقاومة في سوريا عقب لقائهم الأخير بالرئيس بشار الأسد، وترحيبه بجميع الفصائل من دون استثناء، وتوجيهه التحيّة إلى حماس»، فإن هذا القرار سيتعزّز. وأشار المصدر، آنذاك، إلى أن الحركة ستبدأ مشاورات مع «حزب الله» وإيران خلال الفترة القريبة، بهدف جسّ نبض السوريين حول عودة العلاقة معهم، متوقّعاً أن تكون الردود السورية إيجابية، ومن دون شروط مسبقة، الأمر الذي سيفتح الباب أمام التطبيع، كخطوة أولى تتبعها عودة قيادات «حمساوية» إلى الأراضي السورية في وقت لاحق. ولم يُخفِ المصدر، في ذلك الوقت، وجود محاولات سابقة من قِبَل أطراف في محور المقاومة لترميم العلاقة بين الحركة والسوريين، غير أن تلك المحاولات اعتراها عدد من العقبات، آملاً أن يكون الانتصار الذي حقّقته المقاومة في غزة خلال معركة «سيف القدس» بوّابة لإزالة العقبات المذكورة، في ظلّ الاتفاق على برنامج المقاومة ومواجهة الاحتلال الإسرائيلي، وتمسّك «حماس» بمبدأ عدم التدخّل في الشؤون الداخلية للدول العربية، وتعزيز العلاقات معها بهدف تجميع طاقات الأمة لدعم المقاومة.