غزة | كشفت الزيارة الأخيرة التي قادها رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إسماعيل هنية، إلى العاصمة الروسية موسكو، تطوُّراً ملحوظاً في العلاقات بين الطرفَين، وتحوُّلاً «إيجابياً» في النظرة الروسية إلى الحركة ودورها في المنطقة. وبدعوة من وزارة الخارجية الروسية، التقى هنية ووفد رفيع من قيادة «حماس»، وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، وعدداً من المسؤولين الروس، حيث جرى التباحث في مستجدّات القضية الفلسطينية، والمشهدَين الإقليمي والدولي، والتطلّع الروسي إلى السيْر بالعالم نحو «التعدّدية القطبية». وعلمت «الأخبار»، من مصادر قيادية في الحركة، أن «الزيارة كانت في غاية الأهمّية، حيث سلّم هنية، لافروف، رسالة شخصية إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تتضمّن موقف حماس من التطوّرات الدولية والحرب الروسية - الأوكرانية، ومصالح الأمن القومي الروسي والتهديد الذي كانت تتعرّض له خلال السنوات الماضية من قِبَل الأطراف الغربية، والمصالح المشتركة بين القضية الفلسطينية وروسيا، والدور الروسي المستقبلي في دعم هذه القضية». وشملت الرسالة رؤية الحركة لـ«سُبل التعاون التي ستفيد الطرفَين خلال الفترة المقبلة، بما يشمل الوقوف بوجه سياسات دولة الاحتلال، الذي بات يعمل بشكل علني ضدّ روسيا الاتحادية ومصالح أمنها القومي».وتطرّقت المناقشات، بحسب المصادر، إلى «خطورة انتهاكات الاحتلال ضدّ الفلسطينيين وممتلكاتهم ومقدّساتهم، بما فيها تلك التي تطاول الممتلكات الروسية في مدينة القدس المحتلة، وعمليات تهويد المدينة وسرقتها لصالح منظّمات صهيونية متطرّفة، ومخاطر تَفجّر المنطقة في حال استمرّت هذه السياسة». كما تناول البحث «الموقف السيّئ الذي اتّخذته دولة الاحتلال تجاه روسيا خلال الفترة الأخيرة، بما في ذلك تقديم دعم للقوات الأوكرانية التي تقاتل الجيش الروسي». وشملت المباحثات، أيضاً، «خطورة تشكّل تحالف جديد في المنطقة بين دولة الاحتلال والدول العربية برعاية وتشجيع أميركيَّين»، حيث جرى التأكيد أن «هذه التحالفات سيكون هدفها مستقبلاً مواجهة روسيا وحلفائها في المنطقة»، وفق رؤية الحركة. ودعت «حماس»، القيادة الروسية، إلى «الوقوف في وجه عمليات سرقة الغاز الفلسطيني من قِبَل دولة الاحتلال، لبيْعه للدول الأوروبية من دون وجه حقّ»، خصوصاً في ظلّ «توقيعها اتّفاقيات مع دول في المنطقة لتسييل الغاز ونقله إلى أوروبا خلال الشتاء المقبل». ولم تستثنِ اللقاءات «الحديث عن تطوّرات الوضع السياسي في الأراضي الفلسطينية، ورغبة حماس في تحقيق المصالحة الداخلية، مع استعدادها لتقبّل أيّ مبادرة تستهدف إنهاء الانقسام الداخلي».
تطرّقت المناقشات إلى «خطورة انتهاكات الاحتلال ضدّ الفلسطينيين وممتلكاتهم ومقدّساتهم»


وكان هنية تحدّث، في تصريحات إلى قناة «روسيا اليوم»، عن «ثلاثة أبعاد مهمّة استوجبت مِثل هذه الزيارة من قيادة الحركة لروسيا، التي تحتلّ مكانة دولية وذات العلاقة التاريخية بالقضية الفلسطينية والمنطقة». وأوضح أن «البُعد الأوّل متعلّق بالقضية الفلسطينية وطبيعة الصراع المحتدم مع الاحتلال الإسرائيلي، والثاني متّصل بالمنطقة العربية والإسلامية ومحاولات تشكيل ناتو شرق أوسطي، والأخير مرتبط بالمسرح الدولي وما يجري فيه من أحداث كبرى». وأعرب عن ارتياحه للقاء مع لافروف، واصفاً إيّاه بأنه مثّل «فرصة للتشاور والحوار المعمَّق مع الديبلوماسية الروسية»، معتبراً أن «العلاقة بين الشعب الفلسطيني وروسيا منذ أيّام الاتحاد السوفياتي هي علاقة راسخة وقوية ومستقرّة». وأشار إلى أن «اللقاء تناول جملة من الملفّات ذات الاهتمام المشترك، أبرزها الوضع الفلسطيني الداخلي، وطبيعة الصراع مع الاحتلال، والأحداث في المنطقة، والمتغيّرات الكبيرة جداً على المستوى الدولي».
وإلى جانب الاجتماع مع لافروف، التقى هنية والوفد المُرافق له، الشيخ روشان عباسوف، النائب الأوّل لرئيس مجلس شورى المفتين في روسيا، وذلك في مسجد موسكو الكبير. كما التقيا في دير دانيلوف في العاصمة، رئيس الكهنة، سكرتير دائرة العلاقات الكنسية الخارجية في بطريركية موسكو لشؤون الخارج، سيرجي زفوناريف. وناقش الوفد، خلال اللقاءَين، الاعتداءات الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني، والمخطّطات التهويدية وما تستبطنه من انتهاكات ومخاطر تتعرّض لها سائر مدن فلسطين، وعلى وجه الخصوص مدينة القدس والمقدّسات الإسلامية والمسيحية، وفي مقدّمتها المسجد الأقصى وكنيسة القيامة، لافتاً إلى ما «تَبذله الحركة من جهد للحفاظ على المدينة والتصدّي لممارسات الاحتلال وجرائمه».